رضوان الذيب-الديار
السفير السعودي لم يزر بعبدا وعين التينة بعد عودته الى بيروت
لا سلام ولا كلام ولا اتصال بين الرئيس سعد الحريري والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري حتى الآن، رغم لقاءات الحريري المفتوحة في بيت الوسط والبخاري في السفارة على مدار اليوم، كما أن البخاري لم يستقبل حتى الآن اي مسؤول في تيار المستقبل ولم يزر قصري بعبدا وعين التينة بعد إجازته الطويلة في الرياض وهذا ما يؤكد انسحاب الرياض من الملف اللبناني والتعامل معه على القطعة. ولن تتدخل الا ضمن موقفها المعروف الرافض لمشاركة حزب الله في الحكومة وعودة سعد الحريري إلى السراي الا ضمن شروطها، وهذا المطلب لا قدرة لسعد الحريري ولا حتى لفرنسا واي دولة الالتزام به، ومن هنا قال مرجع سياسي بارز في مجالسه «ان الرياض تريد منا الانخراط في معركة مع حزب الله وترفض الاكتفاء بالمواقف الإعلامية المنددة بحزب الله وإيران ويطلبون مواجهة حزب الله وهذا الأمر لا قدرة لنا على تنفيذه»، علما ان ما تطلبه السعودية من الحريري يسري على جنبلاط وجعجع أيضا، لكنها مرتاحة إلى مواقف سامي الجميل وبالتالي فإن الرياض تعيد ترتيب اوراقها في لبنان وادوار المحسوبين عليها وتريدهم بنهج جديد ومختلف جذريا عن الحقبة السابقة، بعد تقدم الدور الإيراني عليها باشواط في لبنان.
من هنا تنصح َمصادر متابعة للملف الحكومي الرئيس الحريري التعامل بدقة مع المرحلة، وعليه ان يدرك ان طريق عودته الى السراي ليس في قطر او أنقرة او الامارات والقاهرة بل في الرياض، وهذا ما يفرض حصر جهوده بترتيب علاقته مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حيث فشلت جهود الإمارات والقاهرة بفتح أبواب الرياض أمامه، وكذلك انتظار زيارة ماكرون للسعودية او الموقف الأميركي لإدارة بايدن وعملها لاعادة التوازنات للعائلة المالكة عبر إعادة أدوار كل الذين اقصاهم محمد بن سلمان، علما ان متابعين وضعوا زيارة الحريري إلى قطر في خانة الطلب من الدوحة التدخل لدى أنقرة لمعالجة ملفات شركاته المتعثرة في تركيا.
وتضيف المصادر، يعرف سعد الحريري وفريق عمله ان تحركات شقيقه بهاء تحظى بالدعم المطلق من الرياض ولولا هذا الغطاء لا قدرة لبهاء الحريري على التحرك حيث نظف فريق عمله من كل المحسوبين على الاتراك وأولهم نبيل الحلبي، وهذا ما يكشف ان مشكلة سعد الحريري الأساسية مع الرياض ولن تغفر له تسليم كل أوراقه ووضعها في السلة الفرنسية.
ولذلك تتفهم المصادر المتابعة للتأليف تشدد سعد الحريري وراديكاليته في الملف الحكومي وتمسكه بموقفه، رغم ميله إلى التسويات في كل مسيرته السياسية من أجل مصلحة البلد كما قال في آخر مقابلة له مع الزميل مارسيل غانم، وبالتالي لا قدرة للحريري على التراجع عن حكومة الاختصاصيين والقول للرياض بأنني اول من ابعد حزب الله عن الحكومة منذ عام 2009، وهنا تكمن مشكلة التأليف الأساسية وليس في بعبدا.
وتتابع المصادر المعنية بالتأليف، ان مبررات الحريري لجهة مراعاة أوضاعه وما يتعرض له من ضغوط لا تجد لها اذانا صاغية في بعبدا مطلقا نتيجة الثقة المفقودة بين الرجلين، واذا كان بري والحريري وجنبلاط وفرنجية وحتى ماكرون يعتقدون ان الرئيس عون يتراجع بمجرد ضغط من هنا أو هناك او حملات اعلامية فهم مخطئون جدا طالما يعتبر موقفه دستوريا، ولا يتراجع مهما علت السقف، والسؤال الأساسي الذي يطرحه حلفاء عون؟ هل معركة بري والحريري وجنبلاط وفرنجية مع عون حكومية فقط؟ ام تهدف لإبعاد باسيل عن كرسي بعبدا عام 2022 والتحكم بالمجلس النيابي القادم واسم رئيس الجمهورية، استكمالا لحلفهم الذي ادار البلد منذ 2005 مع سعد الحريري وقبله مع الشهيد رفيق الحريري منذ 1993، وهذا الفريق نفسه خاض معركة إسقاط اميل لحود وسليم الحص واليوم يخوض معركة إسقاط ميشال عون وفريقه، وهذا لن يسمح به ميشال عون، ولن ينفذ شروط الآخرين ودعوتهم له، «للانتحار السياسي»، فيما حسابات جعجع مختلفة وهو ضد هذا الحلف لخشيته من سعى بري والحريري وجنبلاط لدعم فرنجية رئاسيا، وفي ظل هذه اللوحة السياسية وتعقيداتها الكبرى لا حكومة الا اذا حصلت معجزة جعلت الجميع يتنازلون، وهذا امر مستحيل قبل استحقاقات 2022، وعندها ربما يكون الحل بتسوية خارجية تفرض على اللاعبين المحليين الغارقين في ملفات صغيرة بينما المنطقة قادمة على تطورات استثنائية.