فنيانوس لـ”نداء الوطن”: سأحضر أي جلسة تحقيق إذا…
منذ تسميته محقّقاً عدلياً، فشل القاضي فادي صوان في إقناع شريحة من الرأي العام بصوابية وسلامة المسار الذي سلكه، سواء على مستوى التحقيقات أو التوقيفات، ليركّز كل بحثه على الشق الإداري من القضية، ولو أنّه الأقل مسؤولية، ليهمل على نحو غير مفهوم وغير مبرر، الشق الجنائي، مكتفياً بالاستماع إلى قائد الجيش السابق العماد المتقاعد جان قهوجي بصفة شاهد، ولو أنّ ثمة شبه إجماع على دور الأجهزة الأمنية في التعامل مع المواد الخطرة، وفي مقدمها نيترات الأمونيوم.
آخر تلك “الأخطاء” المرتكبة، كما يقول المعترضون على أداء صوان، هي مذكرة التوقيف التي قيل إنّه سطّرها بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس الذي تلقى عند السابعة و21 دقيقة من ليل الثلثاء الماضي، كما ذكر في تغريدته، اتصالاً هاتفياً من المباحث الجنائية المركزية تطلب منه المثول أمام المحقق العدلي كمدّعى عليه، إلا أنّ فنيانوس أعلـــن عن اعتذاره عن عدم الحضور لكونه رأى أن “التبليغ مخالف لأصول المحاكمات الجزائية”.
وفي هذا السياق، يقول فنيانوس لـ”نداء الوطن” إنّ تبليغه بصفة مدّعى عليه كان بمثابة الصدمة، “ذلك لأنّني مقتنع ومتيقّن من براءتي، وقد قمت بتحويل الكتب المرسلة من المدير العام عبد الحفيظ القيسي إلى هيئة القضايا والاستشارات عبر وزارة العدل، وهي المرجع الأرفع التي تقاضي باسم الدولة وعنها وتحصّل حقوقها. فلو تمنّعت عن القيام بهذه المهمّة أو أهملتها، لكان من الممكن اتهامي بالتقصير أو الإهمال”.
ويلفت إلى أنّ الكتب المحوّلة إلى هيئة القضايا “تتحدث عن سلامة الملاحة البحرية وسلامة البيئة البحرية والسلامة العامة التي قد تتأثر في حال غرق أي باخرة، على اعتبار أنّ البضائع التي تصل المرفأ وبعد إنزالها على أرضه تخرج عن صلاحية وزارة الأشغال التي تبقى صلاحيتها المياه لا اليابسة”.
أما بالنسبة لإستدعائه، فيشير إلى أنّه كان أمام خيارين: “إمّا المثول أمام قاضي التحقيق وبالتالي تجاوز القانون وتحديداً صلاحية مجلس النواب، بعدما طلبت الأمانة العامة للمجلس عبر النيابة العامة التمييزية المستندات للسير بالملفّ، وهي خطوة تعتبر بمثابة وضع يد للمجلس على الملف، وإمّا الامتناع عن المثول وكأنّني أستفيد من هذه الحصانة أو بصدد الهروب. وبالرغم من الحرج السياسي، لكون بقية المستدعين رفضوا الانسياق في المسار الذي رسمه القاضي صوان لعدم دستوريته، قررت المثول بعدما أبلغني المحامي العام التمييزي عماد قبلان موعد الجلسة (15 كانون الأول الماضي)، وبالفعل توجهت إلى قصر العدل ليتبيّن إرجاء الجلسة إلى موعد لاحق”.
ويلفت إلى أنّ الجلسة الثانية “والتي عرفت بموعدها عبر وسائل الإعلام، أسوة بالجلسة الثالثة التي سمعت أنّها تأجلت إلى الأسبوع المقبل”، انتظر أن يتمّ تبليغه بها وفق الأصول “وإذ بي أتبلغ قبل ساعات من موعدها، ولذا أعلنت اعتذاري لكونها مخالفة لأصول التبليغ. فأنا محام اختصاصي القانون الجزائي منذ أكثر من ثلاثين عاماً وأعرف جيّداً أصول ومهل التبليغ وأعرف حقوقي وواجباتي”. ويقول: “لقد كان مطلوباً مني أن أتبلّغ بواسطة وسائل الإعلام، مع ثقتي التامة ببراءتي، ولكن كان عليّ المثول من دون احترام الإجراءات الشكلية، وبعد التنازل عن حقّي بالتبلّغ قبل ثلاثة أيام وبحضور نقابتي إلى جانبي وبعد الحصول على إذنها”.
ويشير إلى أنّ تأجيل الجلسة إلى الأسبوع المقبل “كما تبلغت عبر وسائل الإعلام، يثبت بأنّ القاضي صوان أقرّ بأنّ تبليغي كان غير قانونيّ. كما أنّ اعترافه أمام محكمة التمييز بأنّه لا يحترم الحصانات القانونية والدستورية، يزيد من الشكوك بوجود نيّة مبيّتة ومسبقة للتوجه الذي يقوده وهو أمر يدعو الى الريبة، فتصبح تصرّفات القاضي مدعاة للشك بينما يُنتظر منه أن يحكم بالعدل… وكل ذلك لأنّ هناك من يشجّع على هذا التصرّف، ويبدو أنّ القاضي صوان كان بصدد تحقيق ما يريده هذا البعض”.
ويؤكد أنّه أشار في تغريدته إلى أنّه لن يحضر جلسة يوم أمس كون التبليغ غير قانوني، “ما يعني أنّني سأحضر أي جلسة يكون فيها التبليغ قانونياً برغم تمتّعي بحصانة النقابة وقناعتي بأنّ نقابة محامي الشمال قد تعطي الإذن بملاحقتي، لكنني لن أتخلى عن حقوقي، خصوصاً وأنّ من تعود له محاكمة الرؤساء والوزراء هو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء المنصوص عليه في المادتين 70 و71 من الدستور”.
ويقول أخيراً إنّ “الخطورة في ما حصل تكمن في طبيعة الاتهام الموجّه وهي قتل أكثر من 200 شخص، وهذه ليست مزحة، بل اتهاماً خطيراً أرفضه جملة وتفصيلاً. إنّ إدخال الأبرياء إلى السجن كما هي الحال مع معظم الموقوفين في هذا الملف، بالإدعاء بالمواد القانونية نفسها على كلّ الأشخاص الواردة أسماؤهم في ورقة الطلب، وهذا بحدّ ذاته فضيحة، وردّ طلبات إخلاء سبيلهم من دون وجه حقّ، لن يجلب الراحة لأنفس شهداء مرفأ بيروت ولن يعيد السكينة إلى أهلهم والصبر والسلوان، بل يضيف إلى مأساتهم مأساة أخرى بأن الحقيقة ضاعت في متاهات التعسّف وغياب العدالة”.