“واشنطن بوست”: مشاكل بايدن في الشرق الأوسط بدأت تتراكم
يواجه بايدن تحدياً عند التعامل مع الحلفاء التقليديين لأميركا في المنطقة. وقد اتُهم بـ”ازدراء” كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان .
كتب إيشان ثارور تحليلاً في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تناول فيه مشكلات الشرق الأوسط التي تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وقال إن إدارة بايدن غارقة بمشكلات في الداخل، فهي تكافح جائحة فيروس كورونا، وتحاول تمرير مشروع قانون تحفيزي كبير، وتستعد لأحدث موجة من تغيّر المناخ، حيث تسبب الطقس البارد القارس في تكساس في التسبب في خلل في شبكة الكهرباء في الولاية وترك الملايين من دون كهرباء.
وأضاف: لكن المشاكل تتصاعد في أماكن أخرى، وبخاصة في الشرق الأوسط، حيث يسعى الرئيس بايدن إلى إعادة ضبط السياسة الأميركية. فخلال حملته الانتخابية، شجب بايدن وحلفاؤه حملة “الضغط الأقصى” التي شنّها سلفه، دونالد ترامب، على إيران وتدليل المستبدين العرب المنتهكين لحقوق الإنسان.
وأشار الكاتب إلى أن الأمر يكون دائماً أكثر صعوبة عندما تكون في السلطة، لكن الأحداث في الأيام الأخيرة تشير إلى أن فترة السماح التي كان البيت الأبيض يأمل أن توجد قد انتهت بالفعل. فقد سقط وابل من الصواريخ مساء الاثنين بالقرب من منشأة أميركية في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي. وأسفر الهجوم، الذي تبنته مليشيا شيعية عراقية مرتبطة بإيران، عن مقتل على الأقل مقاول واحد غير أميركي وإصابة خمسة متعاقدين أميركيين. ونأت طهران بنفسها عن الضربة، بينما قال مسؤولون في إدارة بايدن الثلاثاء إنهم لا يزالون يعملون مع زملائهم العراقيين لتحديد مصدر الهجوم. وقالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، جين ساكي، إن الرئيس يحتفظ بالحق في الرد في الوقت والطريقة التي نختارها.
وقال الكاتب إن الميليشيات الشيعية العراقية التي يُنظر إليها على أنها وكيلة لإيران منذ فترة طويلة، عملت أيضاً كرافعة في لعبة الظل للجمهورية الإسلامية ضد الخصوم الإقليميين. إن تصرفاتها الآن تجعل جهود بايدن الدبلوماسية الصعبة أساسً لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران أكثر صعوبة. ويبدو أن الوقت ينفد الآن، إذ أبلغ الإيرانيون وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أنها ستقيّد وصول المفتشين الدوليين إلى المواقع النووية الإيرانية بحلول الأسبوع المقبل إذا لم يتم رفع العقوبات الأميركية الكبرى.
ويقوم منتقدو بايدن المتشددون في واشنطن بإعادة إنتاج هجمات حقبة أوباما حول ضعف الرئيس واسترضاء الخصوم. فقد ألغت إدارة بايدن تصنيف إدارة ترامب للمتمردين الحوثيين في اليمن كمنظمة إرهابية، على أساس أن القائمة جعلت الجهود الإنسانية في البلاد أكثر صعوبة. كما أعلن بايدن انتهاء الدعم الأميركي للعمليات الهجومية في الحرب التي تقودها السعودية ضد الحوثيين.
لكن الحوثيين ردوا الأسبوع الماضي بضربة صاروخية على الأراضي السعودية أدت إلى اشتعال النيران في طائرة ركاب مدنية، بحسب التلفزيون السعودي. وحذر مسؤولو الأمم المتحدة الثلاثاء من أن هجوم الحوثيين المستمر على منطقة مأرب الغنية بالغاز يهدد بنزوح ما يصل إلى مليوني شخص يعانون بالفعل من صدمة نصف عقد من الحرب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن “هجوم الحوثيين على مأرب عمل جماعة غير ملتزمة بالسلام أو بإنهاء الحرب التي ابتليت بها الشعب اليمني”. فيما قال المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، للصحافيين إن الولايات المتحدة “لديها طرق لتوصيل الرسائل إلى الحوثيين، ونحن نستخدم هذه القنوات بقوة”.
وقد فشل المفاوضون الدوليون في التوسط من أجل وقف دائم لإطلاق النار في اليمن، حيث لا تزال هناك صراعات متصاعدة متعددة تخوضها شبكة معقدة من الفصائل. وعلى الرغم من كل الأضرار التي سببتها الحملة التي تقودها السعودية، فإن الحوثيين بحاجة أيضاً إلى الاقتناع بأن من مصلحتهم وقف الأعمال العدائية، بحسب الكاتب.
ويواجه بايدن كذلك تحدياً عند التعامل مع الحلفاء التقليديين للبلاد في المنطقة. وقد اتُهم بـ”ازدراء” كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان – وكلاهما قريبان بشكل واضح من إدارة ترامب – في خط سيره للمكالمات الهاتفية مع زعماء العالم منذ توليه منصبه. ورفضت ساكي الاتهام وقالت يوم الثلاثاء إن بايدن سيتحدث مع نتنياهو قريباً(وقد اتصل به أمس الأربعاء).
وأوضح الكاتب أنه لا يوجد أي خطأ في النوايا السيئة التي يشعر بها العديد من الديمقراطيين تجاه نتنياهو، الذي احتضن الرئيس دونالد ترامب وعارض بشدة محاولات إدارة أوباما الدبلوماسية مع إيران. وكتب الدبلوماسي الأميركي المخضرم آرون ديفيد ميللر في مقالة رأي لشبكة “سي إن إن” الأميركية يقول إنه إذا حاول نتنياهو تقويض جهود الرئيس بايدن لإعادة إشراك إيران – كما فعل مع أوباما – أو فرض توسع استيطاني كبير، ناهيك عن الضم، فإن بايدن سيرفض بالتأكيد”. فالرئيس مؤمن بالعلاقة القوية بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” ويفهم أن الاحترام المتبادل والمعاملة بالمثل هما مفتاح رؤيتها تزدهر. لكن دعمه هو لـ”إسرائيل”، وليس لنتنياهو، وقد يتضح ذلك بشكل مؤلم إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يستطيع أو لن يقبل هاتين القاعدتين المهمتين للغاية في الطريق”.
وقال الكاتب إيشان ثارور إن السعوديين في وضع أسوأ. وقالت ساكي الثلاثاء، قبل أن تشير إلى أن اتصالات بايدن ستجري مع الملك سلمان بدلاً من نجله ولي العهد محمد صاحب النفوذ، الذي ربطته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية باغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي. وقالت ساكي” “لقد أوضحنا منذ البداية أننا سنعيد ضبط علاقتنا مع المملكة العربية السعودية”.
وقد أثارت المخاوف بشأن حقوق الإنسان وسيادة القانون نقاشات بايدن في السياسة الخارجية قبل توليه منصبه. ويتم اختبار هذه التوجهات على الفور من قبل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى رأسهم مصر. فقد داهمت قوات الأمن المصرية، الأحد، منازل أقارب المعارض المصري الأميركي محمد سلطان المنتقد الصريح للحكم القمعي للرئيس عبد الفتاح السيسي. ويوم الثلاثاء، سمحت وزارة الخارجية الأميركيو ببيع صواريخ بقيمة 200 مليون دولار لمصر، وهي واحدة من أكبر المتلقين للمساعدات العسكرية الأميركية.
وكتب سودارسان راغافان في “واشنطن بوست” يقول: “من خلال ملاحقة أقارب سلطان مرة أخرى، وكذلك أقارب النقاد الآخرين المقيمين في الخارج في الأيام الأخيرة، يبدو أن حكومة السيسي تتحدى إدارة بايدن وجهودها لجعل حقوق الإنسان مجدداً أولوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. كما أنه يبرز العلاقة غير المريحة التي تظهر بين السيسي والبيت الأبيض الجديد”.
ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم