“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
يبدو أن المشهد السياسي الداخلي قد بات متروكاً للمبادرات الخارجية، بعدما أصبحت التحرّكات السياسية الداخلية تقتصر على التراشق وتبادل الإتهامات من دون أي هدف واضح لجهة السعي الجدّي لإيجاد تسوية حول عملية تأليف الحكومة العتيدة، ذلك أن ما حَفل به الأسبوع الماضي، وما ينتظره الأسبوع الحالي من مواقف وردود فعل عالية السقف، لا يؤشّر إلى أي تطوّر قد حمل طابع التهدئة على كل الجبهات السياسية، وذلك بعدما بات الهمّ الأساسي اليوم لدى العاملين على خط الوساطة بين كل القوى السياسية، إرساء تهدئة سياسية وإعلامية تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وتحديداً إلى مرحلة تكليف الرئيس سعد الحريري، وانطلاق المبادرة الرئاسية الفرنسية، وإعلان كل القيادات ورؤساء الكتل النيابية والأحزاب عن التزامهم بخارطة الإنقاذ التي رسمها إيمانويل ماكرون، وما زال مصرّاً عليها، خصوصاً مع تجدّد الدعم الأميركي الواضح لها، ومؤخراً انضمام روسيا إليها، ومن دون أي تعديل.
وعليه، تحذّر مصادر ديبلوماسية، من استحضار الخطاب الطائفي مجدّداً بهدف شدّ العصب الطائفي فقط، وترى أنه يرفع من مستوى العرقلة لكل التحرّكات الديبلوماسية الناشطة في الأسبوعين الماضيين من أجل تسريع التسوية الحكومية قبل حلول موعد استحقاقات إقليمية خطيرة بدأت تستعدّ لها المنطقة، وهي كانت انطلقت من العراق إلى سوريا مروراً، لتعود مجدّداً إلى العراق، الذي بات محور الحركة الديبلوماسية الأميركية بعد الهجوم الصاروخي على إربيل.
وتشدّد المصادر، على أن ما من خيار أمام القيادات السياسية اللبنانية سوى الإتفاق على تسوية بالحدّ الأدنى من الشروط والمطالب، وذلك من أجل تمرير هذه المرحلة الصعبة، والتي قد تطول لبضعة أشهر في المنطقة.
وبحسب هذه المصادر الديبلوماسية، فإن الإنخراط الخارجي في الأزمة اللبنانية، يأتي بناء على قناعة بأن الأطراف الداخلية عاجزة عن إحداث أي تغيير يمكن أن يوقف الإنزلاق نحو التصعيد الذي يبدأ سياسي وإعلامي، وينتهي في الشارع، دون أن تكون لأي طرف القدرة على التحكّم به. وبالتالي، فإن كل التدخلات الخارجية تأتي اليوم في إطار وحيد وهو المطالبة بتأليف حكومة تعيد لبنان إلى سابق عهده على خلفية الحصول على الدعم العربي والغربي بشكل يسمح بوضعه على خارطة الإمداد الدولي للمساعدة.
ولذلك، يبدو من الصعب، كما تضيف المصادر الديبلوماسية ذاتها، أن يستمر المجتمع الدولي متفرّجاً على المجازفة التي يقوم بها المسؤولون اللبنانيون الذين يتّخذون خيارات لا تنسجم مع كافة تطلّعات الشعب اللبناني على مختلف مشاربه الحزبية والطائفية، خصوصاً وأن ثمن هذه الخيارات يدفعها الإقتصاد اللبناني الذي انهار بالكامل، وسيتم الإعلان عن ذلك رسمياً مع انتهاء مرحلة الحجر بسبب وباء كورونا، لأن المستوى الذي وصل إليه التضخّم في لبنان يؤكد على فشل كل المساعي من أجل الحفاظ على الحدّ الأدنى من الإستقرار الإقتصادي والمالي، لا سيما في ضوء تعذّر التكهّن بأي موعد إفتراضي لنهاية أزمة تعطيل تأليف الحكومة الجديدة.