الحدث

انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات.. قضية أحمد منصور إلى الواجهة مجدداً

الوقت- قامت مؤخراً منظمات حقوقية دولية بانتقاد دولة الإمارات العربية المتحدة، بسبب انتهاكات حقوق عدد من النشطاء، والممارسات التي يقوم بها جهاز أمن الدولة وارتكاب تجاوزات في حق عدد من النشطاء والمعتقلين في السجون الإماراتية.

وفي هذا السياق قال “مركز الخليج لحقوق الإنسان” ومنظمة ”هيومن رايتس ووتش” في أحدث تقرير لهما: “إن تفاصيل جديدة عن اضطهاد الناشط الحقوقي البارز أحمد منصور من قبل سلطات الإمارات، تفضح انتهاكات جسيمة لحقوقه، وتكشف صلاحيات جهاز أمن الدولة المطلقة لارتكاب انتهاكات.

ويقدم تقرير “التنكيل بأحمد منصور: هكذا تُسكِتُ الإماراتُ العربيةُ المتَّحِدةُ الناشِطَ الحُقوقيَّ الأشهرَ بها”، الصادر في 28 صفحة، تفاصيل لم تُكشف سابقا عن محاكمته المغلقة بتهم تتعلق بالتعبير وجلسة الاستئناف.

من هو أحمد منصور؟ و ما هي قصة اعتقاله؟

أحمد منصور من مواليد إمارة رأس الخيمة، يبلغ من العمر واحداً وخمسين عاماً، وهو شاعر، و أبٌ لأربعة أطفال. كما أنَه أيضاً أكثر الناشطين في مجال حقوق الإنسان شهرة في الإمارات العربية المتحدة. قبل اعتقاله في عام 2017، كان قد كرس من حياته أكثر من عقد من الزمان للدفاع عن حقوق الإنسان في الإمارات والعديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط، ولم تُثنِه محاولات حكومية سابقة متعددة كانت تهدف إلى إسكاته. احتجزته السلطات الإماراتية مع أربعة آخرين لمدة ستة أشهر في عام 2011، وفرضت عليه حظر السفر منذ ذلك الحين، ونظَّمت عدداً من المحاولات طوال تلك السنوات لاختراق أجهزته باستخدام برامج تجسس متطورة.

في مداهمةٍ تمت في وقت متأخر قبيل منتصف ليل 20 مارس/آذار 2017، اقتحمت قوات الأمن الإماراتية منزل منصور واعتقلته مجدداً. وطوال مدة تـزيد عن العام بعد اعتقاله، لم تكن أسرته وأصدقاؤه وزملاؤه على علم بمكان احتجازه. ولم يكن متاحاً له الاتصال بمحامٍ، ولم يُسمح له سوى بزيارتين عائليتين مدة كل منهما نصف ساعة، تفصل بينهما ستة أشهر، في مكان مختلف عن موضع احتجازه. في الأيام الأولى التي تلت اعتقاله، زعمت مصادر إخبارية إماراتية محلية أن السلطات اعتقلت منصور للاشتباه في استخدامه مواقع التواصل الاجتماعي لنشر “معلومات مغلوطة” و”أخبار كاذبة” “لإثارة الفتنة والطائفية والكراهية” و”الإضرار بسمعة الدولة ومكانتها.”

وفي مايو/ أيار 2018، قضت محكمة الاستئناف في أبو ظبي على منصور بالسجن عشر سنوات بتهم تتعلق وحسب بانتقاده السلمي لسياسات الحكومة ودعواته إلى إصلاح وضع حقوق الإنسان. في 31 ديسمبر /كانون الأول 2018، أيدت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات، وهي الهيئة القضائية العليا فى الاتحاد، الحكم الصادر بحقه، وقضت بذلك على فرصته الأخيرة في نيل الإفراج المبكر. وقد عُدَّت المحاكمتان منتهيتين، ورفضت السلطات جميع المطالبات الداعية إلى رفع السرية عن لائحة الاتهام والأحكام الصادرة عن تلكما المحكمتين. منذ اعتقال منصور، الذي مضى عليه ما يقرب من أربع سنوات، ظل معزولاً في زنزانة منفردة، ومحروماً من الضروريات الأساسية ومن حقوقه كسجين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي تزعم الإمارات العربية المتحدة أنها تمتثل له.

عشرات المعتقلين وأحمد منصور ليس الوحيد!

في السنوات الأخيرة، رسمت حكومة الإمارات العربية المتحدة صورة للبلاد على الساحة الدولية بحيث تظهر وكأنها دولة ديناميكية مقبلة على مستقبل زاهر وقوة اقتصادية مزدهرة وملاذ سياسي آمن وسط القلاقل والنزاعات التي تؤثر على الدول الأخرى في منطقة الخليج والشرق الأوسط. وتباهي دبي بأن لديها برج خليفة الذي يعد أعلى مبنى في العالم، وأعلنت عن طموحها الساعي إلى أن تصبح المدينة الأولى عالمياً من حيث عدد الزوار، ولكن ثمة تحت واجهة الألق والبريق والروعة التي يحاول حكام الإمارات العربية المتحدة أن يسوقها للعالم الخارجي واقع أكثر قبحاً بكثير يشهد حبس الناشطين الحقوقيين الذين يتحدون السلطات أو يتحدثون علناً عن تحقيق قدر أكبر من الديمقراطية ومساءلة الحكومة. وبعد الزج بهم في السجن يعزل هؤلاء عن العالم ، و يصار إلى محاكمتهم وإصدار أحكام بالسجن لمدد طويلة ضدهم أمام محاكم لا تعدو كونها مجرد أداة للمصادقة على قرارات السلطة التنفيذية في الإمارات العربية المتحدة.

عكفت سلطات الإمارات العربية المتحدة بهدوء على شن حملة قمع غير مسبوقة بحق المعارضة في البلاد. ووقعت عشرات الاعتقالات وحالات الاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب وغير ذلك من أنواع سوء المعاملة للمحتجزين، وأجريت محاكمات على قدر عظيم من الجور وصدرت أحكام طويلة بالسجن ضد منتقدي الحكومة مع استمرار تعرض أفراد عائلاتهم للمضايقة والاضطهاد. وفي بعض الحالات، أقدمت السلطات بشكل تعسفي على سحب جنسيات بعض مواطني الإمارات العربية المتحدة، حارمًة إياهم من الحقوق والمزايا المرتبطة بالجنسية في الإمارات، وجاعلة منهم أشخاصا عديمي الجنسية. كما قامت السلطات بنفي اثنين من الناشطين وأبعدت عددا من الصحفيين الأجانب.

ومن بين هؤلاء الذين كانت سلطات الإمارات تضايقهم وتضطهدهم نذكر على سبيل المثال أحمد منصور الناشط البارز في حقوق الإنسان، وناصر بن غيث، الاقتصادي والمحاضر الجامعي، و أحمد عبد الخالق، المدون والناشط الذي ينتمي إلى أقلية البدون في الإمارات العربية المتحدة، و المحامي البارز والمتخصص في حقوق الإنسان أستاذ القانون الدكتور محمد الركن الذي احُتجز رفقة زوج ابنته، كما صبت الحكومة جام غضبها على المنظمات غير الحكومية المستقلة التي أصدرت دعوات تنادي بالتغيير. ففي عام 2011 ،حلت السلطات مجلسي إدارة جمعية فقهاء القانون وجمعية المعلمين وفي عام 2012 أغلقت الحكومة مكاتب فرعية تابعة لمنظمات أجنبية بما في ذلك منظمتين مناصرتين للديمقراطية متهمة إياهما بمخالفة شروط رخص مزاولة نشاطيهما ورفضت تجديد رخصة مزاولة منظمة خامسة.

دولة مستبدة

جميعنا نعلم أن الإمارات تستثمر كثيراً من الوقت والمال لتصوير نفسها دولة تقدمية ومتسامحة، لكنها في الحقيقة استبدادية تفتقر إلى الاحترام الأساسي لحكم القانون. والدليل على ذلك انتهاكات حقوق الإنسان عبر أبسط حق وهو التعبير عن الرأي حيث لا يجرؤ أحد في البلاد أن يعبر عن رأيه لأن مصيره سيكون بيد جهاز أمن الدولة وستكون العقوبة إما السجن أو النفي أو سحب الجنسية.

فبماذا يتغنى الإمارات؟ هل بالأبراج وناطحات السحاب؟ أم بدفاعه عن قضية فلسطين الذي خانها باتفاق التطبيع؟ أم بوصوله للمريخ؟ أم بمضايقة شعبه وكتمه وعدم السماح له بالتعبير عن رأيه؟ أسئلة كثيرة لا جواب لها لأن كل ما قامت به الإمارات حتى اليوم يستحق النقد ولو كان النقد بالرأي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى