بسام أبو زيد-نداء الوطن
يتحدث الكثير من الأطراف على الساحة اللبنانية بأن ضغوطاً خارجية ولا سيما أميركية وسعودية تحول دون تشكيل الحكومة في لبنان، وأنه بسبب كل هذه الضغوط يعاني اللبنانيون ما يعانون جراء هذه المؤامرة، وأن الرئيس المكلف سعد الحريري لا يستطيع تجاوز هذه الضغوط والمطالب ومنها رفض توزير “حزب الله” في الحكومة العتيدة.
إذا كان هذا الكلام يتمتع بالمصداقية وان الأميركيين والسعوديين نجحوا حتى اليوم في تفشيل عملية تشكيل الحكومة، فيبقى الأهم ماذا فعل المعارضون للرياض وواشنطن كي يفشلوا هذا المخطط الذي يقود برأيهم لبنان نحو الجحيم؟
المنطق يقول أن من يملك الأكثرية النيابية هو الذي يتحكم بعمر أي حكومة في لبنان، فهذه الأكثرية قادرة على جمع المجلس النيابي في أي لحظة وبنصاب عادي ونزع الثقة عن الحكومة وإسقاطها. وانطلاقاً من هذا الواقع لماذا لا يحبط الممانعون “المخطط السعودي الأميركي لضرب لبنان وتجويع شعبه”، ويقبلون بحكومة كما يراها الرئيس سعد الحريري وليتحمل هو مسؤولية أي فشل في إنقاذ لبنان، وعدم تعاون المجتمعين العربي والدولي معه، وهذا الأمر يمكن معرفة ملامحه منذ لحظة ولادة الحكومة ونيلها الثقة، فإذا رأت تلك الأكثرية النيابية أن الأمور لا تزال على حالها وأن معاناة المواطنين مستمرة، وأن هذه الحكومة تجنح للتآمر على جزء من اللبنانيين واستجلاب الوصاية الدولية، يمكنها بين ليلة وضحاها أن تدعو المجلس النيابي إلى الإنعقاد لسحب الثقة من هذه الحكومة، وأستطيع القول أيضاً أن قوى من خارج الأكثرية ستشاركها في هذه الخطوة.
لماذا الخوف إذا من حكومة وفق ما يراها الحريري؟ هل لأن هذه الأكثرية النيابية مشرذمة؟ هل لأنها لا تثق ببعضها البعض؟ وماذا منحت هذه القوى اللبنانيين من خلال استمرار تعطيل عملية التشكيل؟
يبدو واضحاً أن الخلاف على الصلاحيات والحديث عن المؤامرة الخارجية من أجل تعطيل تشكيل الحكومة، هو إثارة للغبار من أجل التعمية على التحضيرات التي تستهدف منع الانتخابات النيابية المقبلة في أيار من العام 2022، وكذلك منع الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول من العام 2022، وبالتالي تخشى بعض القوى من أن قيام حكومة قوية يرضى عنها العالم واللبنانيون سيؤدي حتماً إلى انتخابات نيابية لن تكون في صالح البعض، وستؤدي إلى تغييرات وتحالفات مهمة في البرلمان وستأتي برئيس جمهورية يتمتع باستقلالية ولا يشكل غطاء لأحد، وهذا ما لا يرضى به أصحاب الحل والربط لأن خسارة أي ورقة من الأوراق التي يمسكونها قبل أن يحين أوانها، هو أمر من الضرورات تباح من أجله كل المحظورات حتى ولو كانت الوصول إلى جهنم.