لعبة الدولة باتت مكشوفة.. أين أصبح ترشيد الدعم؟…

ديانا غسطين-سفير الشمال

في وقت يصارع فيه اللبنانيون باللحم الحي من اجل الاستمرار في تأمين قوتهم اليومي، لا سيما مع استفحال غلاء الاسعار وانخفاض القيمة الشرائية للرواتب والتي خُفِّضت الى ما يقارب نصف قيمتها بفعل الازمة الاقتصادية العاصفة بالبلاد منذ ما يقارب العام ونصف العام، تشخص انظار المواطنين نحو الحكومة المستقيلة حتى من تصريف الاعمال ووزارة الاقتصاد فيها بالتحديد علّهم يستشرفون ما يمدّهم بالامل في موضوع دعم المواد والسلع الاساسية.

“مين بيعرف؟” بهاتين الكلمتين يجيب الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي عن سؤالنا له حول اين اصبح ترشيد الدعم. فيقول “لننظر الى المسألة بهدوء وتروٍّ. الدعم عادة يتم من احتياطات الدولة، اي من الاحتياطات التي يملكها البنك المركزي. اما ان يكون الدعم من جيوب الناس فهذا امر مرفوض وغير مناسب”.

ويتابع: “القبول بالدعم على مبدأ التكافل الاجتماعي لا يمكن. وذلك لان هذا الدعم لا يستفيد منه اللبنانيون فقط، بل ايضاً كل مقيم على الاراضي اللبنانية بالاضافة الى المحتكرين والتجار والمهربين الذين يحظون بغطاء سياسي”.

ويضيف: “بما ان الدعم ليس من الدولة بل من اموال المودعين، فالافضل ان يعيدوا لكل مودع نقوده وهو يدعم نفسه عندئذٍ. فعندما يتمكن المواطن من الاستحصال على دولارات نقدية من المصرف على الاقل من الحسابات الجارية، ونحن نعلم ان مليون لبناني لديهم حسابات في المصارف اللبنانية، لا يعود بحاجة للدعم. وبالنسبة للفقراء المدقعين والذين تأتيهم قروض من الخارج سواء من البنك الدولي او من جهات اخرى، فيجب ان يحصلوا عليها بالدولار الاميركي”.

ويلفت يشوعي الى انه “عندما تعود الاموال الى اصحابها، يتحرك الاقتصاد. اي ان الشركات تصبح قادرة على تمويل مصاريفها التشغيلية من حساباتها الجارية بالدولار، وتستورد مستلزمات انتاجها كما تؤمن فرص عمل وتعود الى دفع الاجور كاملة”.

ويؤكد انه “لا توجد اي مادة في قانون النقد والتسليف تنص على ان يلزم البنك المركزي المصارف باحتياط الزامي بالعملة الصعبة. الاحتياطات الالزامية تكون بالليرة اللبنانية. ما يعني ان الدولة اللبنانية العتيدة يجب ان تتخذ قرار وقف الدعم من اموال المودعين واعادة هذه الاموال الى اصحابها”.

ويضيف: “لا يعتقدنّ احد انه عندما يصير هناك عرض للدولار لن يوضع سقف لتطور سعر صرفه. فما ان نعيد الـ16 مليار تدريجيا الى اصحابها بواسطة المصارف حتى لو لم يوضع سقف فإن سعرالصرف سينخفض،. والبنك المركزي يبقى لديه احتياطاً قدره 18 مليار دولار تمثل قيمة الذهب الذي يملكه”.

ويشدد على ان “الاحتفاظ بهذه المبالغ في البنك المركزي لم يعد له جدوى. لانه عاجز عن التدخل بالاسواق كما كان يفعل سابقاً من اجل دعم سعر صرف ثابت. فاليوم، اضعف مضارب في السوق الحرة هو اقوى من البنك المركزي”.

يشوعي يرى ان “لعبة الدولة باتت مكشوفة، ويدعو المعنيين الى وقف تمثيليات الدعم وترشيد الدعم او حتى الكلام عن البطاقات التموينية والتمويلية، يشدد على ضرورة ان يتم توزيع القروض الخارجية التي لها اهداف اجتماعية على المواطنين بالدولار الاميركي وعلى دفعة واحدة”.

ويختم: “الحل بإعادة اموال المودعين لتحريك العجلة الاقتصادية بانتظار حل سياسي. واذا ما حصلت هذه الخطوة فهي كفيلة بان يستمر البلد حتى آخر العهد (سنة ونصف) واذا توفر الحل السياسي في وقت قريب فقد نشهد انخفاضاً في سعر صرف الدولار ليلامس ال 5000 ل.ل. اما اذا استمرّ الحال على ما هو عليه اليوم، فإن الدولار سيلامس عتبة الـ 15000 ل.ل وسنكون امام ثورة اجتماعية تحرق الاخضر واليابس”.

اذاً، امام كل المعطيات، وفي ظل الوضع المأساوي الذي يعيشه اللبنانيون هل يستفيق المسؤولون من سباتهم، خصوصا ان “جهنم” باتت اقرب الينا من سواد العين الى بياضها؟

Exit mobile version