على وقع السجالات المشتعلة على أكثر من جبهة، يغادر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في الساعات المقبلة الى قطر في محطة جديدة من محطات تحركه الخارجي عربيا ودوليا في هذه المرحلة علما ان معلومات اشارت الى انه سيقوم بجولة أوروبية بعد زيارته الدوحة، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وعرض الوضع اللبناني الحالي وبحث سبل توفير الدعم للبنان من مختلف النواحي بعد تشكيل الحكومة، فيما عاد الحديث عن إحتمال تعويم المساعي الداخلية عبر تعويم مبادرة الرئيس نبيه بري واللواء عباس ابراهيم بإقتراح اسماء مقبولة من الرئيسين ميشال عون والحريري لتولي حقيبتي الداخلية والعدل، طالما ان القصر الجمهوري اكد اكثر من مرة انه لم يطلب الحصول على الثلث الضامن.
الحكومة والتصعيد
في هذا الوقت، بدا التصعيد الكلامي سيد الموقف على الرغم من من دعوة الرئيس الحريري جميع مناصريه والكوادر السياسية والنيابية في تيار المستقبل الى عدم الانجرار الى هكذا سجالات.
واعتبرت صحيفة “الديار” تحت عنوان “حراك ديبلوماسي داخلي يواكب الدفع الدولي لتشكيل حكومة… وتصعيد درزي” ان كل المحاولات تنصب حاليا على تهدئة الأمور على جبهة بعبدا ـ بيت الوسط ليُعمل بعدها على مبادرات لحل الأزمة الحكومية.
واعتبرت “النهار” في هذا الاطار، الى ان المشهد الداخلي بدا متروكا للاحتدامات التي تطبع السجالات الإعلامية فقط من دون اي محاولات او مبادرات بعدما سقطت تباعا بفعل قرار واضح بتعطيل ولادة الحكومة الجديدة، وبدأت معالم التصعيد الجديدة باستحضار مسألة التمثيل الدرزي مجددا عبر تجمع حلفاء العهد و”حزب الله ” في لقاء عقد امس في دارة النائب طلال ارسلان في خلدة.
في هذا الوقت، وواصل فريق الاليزيه اتصالاته مع المسؤولين اللبنانيين، وحث الرئيسين عون والحريري على الاجتماع في وقت سريع، لإعادة التباحث مجدداً في الملف الحكومي، في وقت زارت فيه السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو بكركي بعد زيارتها للسفير السعودي في بيروت وليد بخاري وزارت السفيرة الأميركية دورثي شيا رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الذي طالب بعد اللقاء بـ”حكومة مستقلة قادرة على إنقاذ البلد”، بحسب “اللواء”.
في المقابل، ردت صحيفة “الأخبار” اليوم على الورقة الصفراء التي كشف عنها الرئيس الحريري في ذكرى 14 شباط، عارضة التشكيلة التي قدمها الى رئيس الجمهورية مشيرة الى ان يريد الرئيس الحريري “منع” رئيس الجمهورية ميشال عون من التدخل في تأليف الحكومة. في تشكيلته الوزارية الأولى التي سلّمها لعون، وهو سمّى سبعة وزراء مسيحيين والوزراء السنّة وطلب من رئيس الجمهورية اختيار واحد من ثلاثة أسماء للداخلية يطرحها هو، فيما ترك تسمية الوزراء الشيعة والوزير الدرزي للثنائي الشيعي والنائب السابق وليد جنبلاط، بحسب “الأخبار”، معتبرة ان أن ما سلّمه رئيس الجمهورية للرئيس المكلف كان عبارة عن “ورقة خرطوش” من ضمن عملية “عصف الأفكار” بينهما.
نصرالله والحل الوسط
وشكّل الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، محط انتباه العديد من الصحف اللبنانية، ففي حين رأت صحيفة “نداء الوطن” تحت عنوان “نصر الله ضرب “عصفورين بحجر”: “لا 18 ولا ثلث معطل” ان نصرالله أعاد خلط الأوراق على طاولة التأليف ضارباً “عصفورين بحجر”، فلا رئيس الجمهورية ميشال عون يجوز له الاستحواذ على “ثلث معطل” في الحكومة لوحده، ولا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يجوز له الإصرار على تشكيلة من 18 وزيراً، فارضاً بذلك معادلة “حزب الله” للتأليف على قاعدة: “لا تشكيلة 18 كما يطالب الحريري، ولا ثلث معطلاً كما يريد عون”، اعتبرت صحيفة “اللواء” تحت عنوان “الاتصالات تلجم “الاشتباك الرئاسي”.. وعيون النواب على قرض الفقراء!” ان نصرالله وأمسك “العصا” في ما خص الوضع الداخلي من الوسط، فهو لم يحمل أحداً أي اتهام بعدم تأليف الحكومة، لكنه استدرك ان الكلام عن قرار دولي تحت البند السابع بشأن الحكومة هو دعوة إلى الحرب، رافضاً أي شكل من اشكال تدويل الوضع في لبنان.
في وقت، اعتبرت “النهار” ان موقف الأمين العام لـ”حزب الله” اتسم بالتهدئة والمرونة، لفتت البناء الى ان نصرالله، حاول محاولة الربط مع الفريقين الرئاسيين المعنيين بالملف الحكومي والتجسير بينهما، مقدّماً دعوة لصيغة تبدو قائمة على توازن الأرباح في الصيغة الحكومية، تصلح لتشكيل تطوير لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري بإضافة زيادة عدد الوزراء الى 20 او 22 وزيراً بما يتيح إراحة فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ويتيح إعادة البحث بالتركيبة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري، وبالمقابل تفهم تمسك الرئيس الحريري بوزارة الداخلية.