الوقت – قبل أيام أُعلن عن استقالة “فاتو بنسودا” المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، التي كانت تتابع خطةً لمحاكمة الکيان الصهيوني على جرائمه، بعد ضغوط من تل أبيب.
وفي هذا الصدد، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها تبحث عن بديل للمدعية العامة الشهيرة في قضية الكيان الصهيوني، والتي استقالت قبل أيام.
وقيل إن المدعية العامة لمحكمة لاهاي “فاتو بنسودا” التي كانت تتابع خطةً لمقاضاة الکيان الصهيوني، قد استقالت بعد ضغوط من تل أبيب.
هناك أربعة مدعين من بريطانيا وإيرلندا وإيطاليا وإسبانيا قد تنافسوا ليحلوا محل بنسودا، التي کانت تتابع تحقيقًا مثيرًا للجدل في الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وجرائم الحرب الأمريكية في أفغانستان، وأخيرًا تم انتخاب “كريم خان” المحامي البريطاني الذي يتمتع بخبرة 27 عامًا في مجال القانون الدولي، مدعيًا عامًا جديدًا للمحكمة الجنائية الدولية يوم الجمعة الماضي، لمدة تسع سنوات.
هذا المحامي البريطاني، الذي يدين بالكثير من سمعته لقيادة فريق التحقيق الخاص التابع للأمم المتحدة في جرائم داعش في العراق، استطاع أن يهزم في اقتراع سري ثلاثة مرشحين متنافسين، ويحلّ محل فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة.
على مدار 27 عامًا من حياته المهنية، بالإضافة إلى تقديم المشورة لملكة بريطانيا، عمل كريم خان كمدعي عام أو محامٍ أو مستشار قانوني في كل محكمة جنائية دولية تقريبًا.
الاستقالة تحت الضغط
بنسودا، التي من المقرر أن تتنحى في يونيو، أمضت تسع سنوات في “واحدة من أكثر الوظائف صعوبةً” في المحكمة الجنائية الدولية، وفي تحركها الأخير فتحت تحقيقًا في الجرائم الصهيونية.
وقد عارضت الولايات المتحدة والکيان الصهيوني – وكلاهما ليس عضوًا في محكمة لاهاي – بشدة جهود بنسودا للتحقيق في الجرائم ضد الشعب الفلسطيني على مدار العامين الماضيين، ومارسا الضغوط عليها.
وفي وقت سابق، أفاد موقع “أكسيوس” الإخباري، نقلاً عن مسؤولين صهاينة، أن تل أبيب طلبت من سفرائها حثَّ حلفائهم على الضغط على مدعية المحكمة الجنائية الدولية لعدم متابعة التحقيقات في جرائم الکيان.
وفي يوليو/تموز، صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية قائمةً بالأشخاص الذين يُرجح إدانتهم في التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكشفت صحيفة هآرتس عن أسماء بعض المسؤولين الصهاينة الحاليين والسابقين في هذه القائمة: رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” ووزير الحرب الحالي “بيني غانتس”، وزراء الحرب السابقون “موشيه يعلون” و”نفتالي بينيت” و”أفيغدور ليبرمان”، “يورام كوهين” الرئيس السابق للشاباك و”نداف أرغمان” الرئيس الحالي للشاباك، رئيس الأركان السابق “غادي أيزنهاور”، و”أفيف كوخافي” رئيس الأركان الحالي للجيش الصهيوني.
ومع نشر هذه القائمة، اشتدت ضغوط الصهاينة لاستقالة المدعية العامة لمحکمة لاهاي. وکانت هذه الضغوط من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو بشکل أکبر، حيث يتعرض نتنياهو حاليًا للضغوط بسبب ملفات الفساد داخل فلسطين المحتلة، وإدانته المحتملة في محكمة دولية ستجعل الأمور أكثر صعوبةً لنتنياهو.
وعلى هذا الأساس، كان من المتوقع أن تُجبر المدعية العامة في لاهاي على الاستقالة بضغط من السلطات الصهيونية. إذ يشعر المسؤولون الصهاينة بقلق بالغ من أن يؤدي أي تحقيق تجريه محكمة لاهاي، إلى إصدار أوامر اعتقال دولية ضد المسؤولين وضباط الجيش في الکيان.
وکانت المحكمة الجنائية الدولية قد أكدت مؤخرًا اختصاصها في متابعة ملف الأراضي المحتلة، وأنها تولت هذه القضية. حيث قضت محكمة لاهاي في جلستها بأن لها الاختصاص القضائي في قضية الأراضي المحتلة عام 1967.
وأعلنت محكمة لاهاي أن لها الولاية القضائية على ملف الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، مما قد يؤدي إلى مقاضاة مرتكبي الجرائم الصهيونية.
وبموجب هذا القرار، ستنظر محكمة لاهاي في جرائم الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. وتشمل هذه المناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
واشنطن تواصل دعم الجرائم الصهيونية
من ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن الضغوط الصهيونية وحدها لم تؤثر على استقالة المدعية العامة لمحکمة لاهاي، بل بذلت الولايات المتحدة أيضًا جهودًا كبيرةً حتی لا يصبح موضوع ملف الكيان الصهيوني مثار جدل وانتقاد في محكمة لاهاي.
وبالتالي، فإن الضغط من إدارة واشنطن كان له تأثير كبير على استقالة المدعية العامة في لاهاي، والتي كانت تتابع ملف جرائم الحرب في فلسطين.
هذا في حين أن الضغوط الأمريكية على المدعية العامة في لاهاي تتعارض مع شعارات إدارة بايدن بالعودة إلى الأنظمة والمنظمات الدولية، وتظهر أن الإدارات الأمريكية، وبغض النظر عن الانتماء الحزبي السياسي، تسعی دائمًا إلى توجيه المؤسسات الدولية والتأثير عليها بناءً على مصالحها.
کما أن استقالة المدعية العامة في لاهاي بضغط من الولايات المتحدة والکيان الصهيوني تظهر أيضاً، وقبل كل شيء، توجُّه المنظمات الدولية، وتثبت أن هذه المنظمات لن تكون قادرةً على أداء واجباتها الحيادية في الحالات التي تكون ضد مصالح الدول الغربية وحلفائها، واستقالة فاتو بنسودا في محكمة لاهاي دليل قاطع علی ذلك.