الوقت_ أثار المغرد السعوديّ الشهير “مجتهد” ضجة كبيرة بعد أن كشف معلومات خطيرة عن وضع الداعية السعودي الوهابيّ، محمد العريفي، وتحدث عن الظروف السيئة التي يعيشها بالإضافة إلى الضغط الأمني عليه من قبل سلطات آل سعود، وأشار المُغرد المعروف بتسريباته السياسيّة من داخل أروقة الحكم في الرياض، والذي يتابعه أكثر من 2 مليون شخص على تويتر، أنّ محمد العريفي يمر بوضع نفسي سيء للغاية، كما تم وضع سوار تتبع في ساقه، لمراقبته وتحديد تحركاته مع إلزامه بالاستئذان قبل أيّ تنقل غير اعتياديّ.
سوار ابن سلمان
ليس بغريب أن تقوم السلطات السعودية بوضع “سوار ابن سلمان” تتبع لمراقبة الداعية السعودي الوهابيّ، محمد العريفي، ولا يكاد يمر أسبوع واحد إلا وتُطلعنا وسائل الإعلام عن قيام سلطات آل سعود بحملات اعتقال جديدة، بحق نشطاء المعارضة وأقربائهم، حيث تفرغ ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، إلى ناشطي المعارضة، بعد أن تخلص من أبرز منافسيه من خلال موجات من الاعتقالات التي شملت أهم وأبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، ووسعت السلطات السعودية حملة الاعتقالات لتشمل دعاة وعلماء وسياسيين وتجار، فيما لم تستثني الأقرباء المنافسين لولي العهد كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم.
ومؤخراً، كشف مجتهد أنّ السلطات السعودية وضعت أجهزة تجسس في منزل وسيارة الشيخ الوهابيّ، محمد العريفي، لرصد ومراقبة كافة تحركاته، ناهيك عن استدعائه المتكرر للمباحث من أجل إهانته وإذلاله، رغم أنّ العريفي كان من أهم دعائم النظام السعوديّ في الحرب على الكثير من الدول العربيّة وبالأخص الجمهورية العربية السورية عقب أحداث ما يعرف بـ “الربيع العربيّ”، وقد حرض على قتل أبنائها وجيشها وتفتيت نسيجها وهدم بنيتها التحتية مع سلة من “مشايخ السُلطة”.
يشار إلى أنّ العريفي غاب عن ساحة الفتاوى الوهابيّة بعد استلام محمد بن سلمان السلطة، وهو الساعي بكل ما أوتي من قوة إلى ما يسميه الانفتاح للتقرب من الغرب والبقاء في السلطة لمدة أطول، ولم يظهر العريفي منذ مدة طويلة في أي برامج دينية وتوقف عن النشر بحساباته على مواقع التواصل الاجتماعيّ، ومن خلال متابعتنا لحسابه على تويتر الذي يتابعه ما يقارب 20 مليون شخص، نجد أن أول وآخر تغريدة له كانت في العام 2019.
مثيرو الفتن
تحدثت الكثير من المصادر أن السلطات السعودية منعت الداعية الوهابيّ من الخطابة، واعتقلت أحد أبنائه، وهذا “الشيخ” يصف نفسه بأنّه داعية إسلاميّ ويحمل شهادة الدكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وروج له الإعلام السعوديّ بقوة حتى أصبح مشهوراً في العالم العربيّ والإسلاميّ، لكن شعبيته تضاءلت بشكل كبير بعد فتاويه التي وصفت بأنّها مُحرضة على الإرهاب والقتل والتدمير بما يتماشى مع مشاريع الرياض التخريبيّة في المنطقة.
وفي وقت سابق، ذكر حساب “معتقلي الرأي” على تويتر، أنّ السلطات السعودية منعت العريفي من كافة أشكال الدعوة والوعظ داخل المملكة وخارجها، بالإضافة إلى منعه من الظهور على المنصات الاجتماعيّة ووسائل الإعلام، حيث غاب العريفي عن إلقاء خطبة الجمعة في مسجد البواردي بالعاصمة الرياض كما جرت العادة، وفقاً لناشطين سعوديين.
وسبق هذا القرار، تصريحُ لما يُسمى وزير الشؤون الإسلاميّة والدعوة والإرشاد السعوديّ، عبد اللطيف آل الشيخ، قال في أنّ الرياض ستحاسب كافة الخطباء والوعاظ مثيري الفتن على المنابر، لأنّه لم يعد هناك مجال للتسامح، وهنا وقَعت السعودية في فخاخ تصريحاتها حيث إنّ الرياض استخدمت أذرعها الدينيّة منذ بداية أحداث “الربيع العربيّ” لنشر دمويّتها ونفوذها أكثر فأكثر في العالم العربيّ، في خطأ استراتيجيّ كبير، وكما يقول المثل العربيّ “طابخ السمّ لابد آكله”.
وفي هذا الصدد، بيّن آل الشيخ، خلال مقابلة له مع قناة ” MBC” السعودية، أنّه سيتم اتخاذ إجراءات صارمة في حق الخطباء الذين يستغلون الإعلام حبّاً بما وصفها “الدعاية الشخصية”، معتبراً أنّ استخدام التقنية في خطب الجمعة ونشرها هي حالات شبه نادرة، وهذا مخالف لتوجيهات السلطات، بحيث يهدف من يستخدمها إلى الشهرة والانتشار، مهدداً من يستخدمها بأنّه “سيُطوى قيده”، مشدداً على دعم الوزارة للنشاطات الدعويّة كافة و”الفكر المعتدل”، وتسهيلها ما دامت متوافقة مع عقيدتهم، وذلك بعد آلاف من الخطب التحريضيّة والفتاوى الوهابيّة الصادرة عن “مشايخ السُلطان” في بلاد الحرمين.
ومن الجدير بالذكر، أنّ السلطات السعودية احتجزت في وقت سابق العريفي خلال عامي 2013 و2014 لفترات محدودة، دون أن تعلن عن ذلك بشكل رسميّ، بدعوى مساندته جماعة “الإخوان المسلمين” المتشددة في مصر، والتي تصنفها دول كثيرة بينها السعودية جماعة إرهابيّة، ويأتي القرار السعودي الجديد بحق الداعية المتشدد، بعد وقت قصير من توجيه محكمةٍ سعوديّة اتهامات مختلفة لعدد من معتقلي الرأي، بينها تقديم مساعدات إغاثية، وتأييد “كتائب القسام” الجناح العسكريّ لحركة “حماس” الفلسطينيّة.
وكالعادة، انقسم النشطاء مع هذه الأنباء، لافتين إلى تعمد ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، إذلال الدعاة والعلماء وإهانتهم، لتجنب أيّ محاولة نقد من طرفهم، وكتب أحد النشطاء: “رغم كل ما قدّم محمد العريفي من تنازلات لابن سلمان، فإنّ ما حدث معه يُعد دليلاً واضحاً على أنّ ابن سلمان أحدث زلزالاً في البلاد وهز صورة الشيوخ والدكاترة وآل سعود وكتّاب ومدعي الثقافة والحداثة والتجديد، وكشف حقائقهم وواقعهم المزيف وأنّ لا قيمة لهم ولا ثبات لمواقفهم”، كذلك اعتبر آخرون أنّ محمد العريفي يستحق هذه النهاية بسبب دعمه لمحمد ابن سلمان بشكل شرس، وغرد أحد المتابعين في هذا السياق: “من أعان ظالماً ضد الحق سلطه الله عليه”.
اعتقالات بالجملة
وتتحدث مواقع إخباريّة أنّ السلطات السعودية اعتقلت داعية معروفة في مدينة مكّة المكرمة، وذكر حساب “معتقلي الرأي”، أنّ السلطات السعودية اعتقلت الداعية، عائشة المهاجري، البالغة 65 عاماً، بعد مداهمة منزلها من قبل نحو 20 عنصراً من قوات الأمن، ولفت أنّ الداعية المهاجري تقبع حالياً خلف قضبان سجن “ذهبان” السياسيّ في جدة، وذلك على خلفية نشاطها الدعويّ، لافتاً إلى أنّ الاعتقال شمل سيدتين أيضاً إحداهن تجاوزت الـ80 من عمرها.
وما ينبغي ذكره، أنّ المنظمات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان، لم تترك كلمة تنديد إلا واستخدمتها في بياناتها المتعلقة بحقوق الإنسان وحريّة الرأي والتعبير في مملكة آل سعود، ومع ذلك تصر سلطات البلاد على الاستمرار بنهج الاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، ومؤخراً انتقدت تلك المنظمات السلوك القمعيّ لسلطات محمد بن سلمان ضد المواطنين، فيما أكّد ناشطون سعوديون أنّ الأوامر التي تتلقاها الأجهزة الأمنيّة تأتي بشكل مباشر من ولي العهد.
علاوة على ذلك، اعتبرت المنظمات الدوليّة، ومن ضمنها مؤسسة “القسط” المعنية بحقوق الإنسان، في بيان مشترك منذ مدة، أنّ الاعتقالات داخل السعودية تتم دون التقيد بالإجراءات القانونيّة والقضائيّة، ناهيك عن منع المعتقلين من أبسط حقوقهم في العلاج والرعاية الصحيّة مع غياب كامل لتقديمهم إلى محاكم عادلة.
وفي هذا السياق، أشارت المنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان قبل فترة، إلى أنّ السلطات السعودية تواصل احتجاز جثامين عشرات المواطنين الذين جرى قتلهم دون محاكمات قضائيّة أو نفذت في حقِّهم عمليات إعدام تعسفيّة، ودعت المنظمة سلطات البلاد إلى الاستجابة لمطالب أسرهم وتسليمهم جثامين أبنائهم بشكل فوريّ.