لماذا تزداد شعبية حليب الحمير؟ وهل لشربه فوائد صحية؟
قد يبدو حليب الحمير وافدًا جديدًا إلى سوق الحليب، إلا أنه في الواقع موجود منذ آلاف السنين. وعاد حليب الحَمير للشهرة حديثًا، خاصة في بعض أجزاء أوروبا، إذ يجذب كلًا من عشاق الطعام المغامرين الذين يرغبون في تجربة أطعمة ومشروبات جديدة، إضافة إلى أولئك الذين يرغبون في تناول الأطعمة الطبيعية ذات الفوائد الصحية.
تاريخ حليب الحمير واستخداماته
تنتمي الحمير إلى عائلة الخيليات التي تضم أيضًا كلًّا من الأحصنة والحمير الوحشية. تعيش سلالات مختلفة من الحمير الأليفة في جميع أنحاء العالم، ومثل العديد من الثدييات الأخرى، رُبّيت إناث الحمير لآلاف السنين من أجل حليبها.
لحليب الحمير تاريخ طويل من الاستخدامات الطبية والتجميلية. وبحسب ما ورد، استخدمه أبقراط علاجًا لالتهاب المفاصل والسعال والجروح. ويُقال أن كليوباترا حافظت على بشرتها الناعمة من خلال حمامات حليب الحمير.
لحليب الحمير خصائص مضادة للميكروبات ويُستخدم علاجًا طبيًا شعبيًا للعدوى، من ضمنها السعال الديكي، إضافةً إلى الفيروسات في أجزاء من أفريقيا والهند. ومقارنة بحليب الحيوانات الأخرى مثل الأبقار الماعز والأغنام والجاموس والإبل، فإن حليب الحمير يشبه إلى حد بعيد حليب الثدي البشري. في الواقع، استُخدم لأول مرة في القرن التاسع عشر لإطعام الرضع الأيتام.
أصبحت تربية الحمير أكثر شعبية، ومع ذلك فإن معظم المزارع صغيرة وتملك نحو 5-30 أنثى من الحمير، ينتج كل منها نحو لتر واحد من الحليب يوميًا. وعليه، يصعب العثور على الحليب نوعًا ما، ويعد مكونًا خاصًا.
يُباع حليب الحمير الخام عادة في المزارع التي تربى فيها الحمير. في الولايات المتحدة، يحظر القانون الفيدرالي نقل الحليب الخام عبر حدود الولاية. وقد تبيع بعض المزارع الكبيرة حليب الحَمير المبستر.
حليب الحَمير متاح على نطاق واسع على شكل مسحوق الحليب المجفف بالتجميد، وأحد المكوّنات في بعض ألواح الشوكولا المستوردة من أوروبا. في إيطاليا -حيث يحظى حليب الحَمير بشعبية خاصة- يُستخدم في بعض التركيبات الغذائية البديلة للرضع وغذاءً طبيًا.
القيمة الغذائية لحليب الحمير
من الناحية الغذائية، فحليب الحمير مشابه جدًا لحليب الثدي البشري وحليب البقر، ويوفر الفيتامينات والمعادن والبروتين، ويحتوي على نسبة أقل من الدهون وسعرات حرارية أقل، ويحتوي على فيتامين د أكثر من أنواع الحليب الأخرى. تأتي معظم السعرات الحرارية في حليب الحمير من الكربوهيدرات، والتي تكون على شكل لاكتوز.
يأتي معظم البروتين الموجود في حليب الألبان من الكازين ومصل اللبن، إذ إن الكازين هو البروتين الذي يتحسس منه معظم الأشخاص الذين يعانون حساسية حليب البقر. يشابه حليب الحَمير حليب الثدي البشري، إذ إن الكازين فيه منخفض، بينما مصل اللبن أعلى، ويتميز بروتين مصل اللبن في حليب الحمير بخصائصه المضادة للميكروبات، إذ يحتوي على مركبات تمنع نمو الفيروسات والبكتيريا.
في الدراسات المخبرية، يمنع مصل اللبن انتشار البكتيريا، من ضمنها الليستيريا المستوحدة والإشريكية القولونية والمكورات العنقودية الذهبية.
فوائد حليب الحَمير
إن عشاق حليب الحَمير غالبًا ما يشربونه لفوائده الصحية التي تتجاوز محتواه الغذائي. وبشكل خاص، اكتسب الكثير من الاهتمام كغذاء صديق للحساسية ومعزز للمناعة. وبالمقارنة مع البروتين الموجود في حليب الأبقار الذي يحتوي على الكازين أكثر بنحو خمس مرات من مصل اللبن، فإن البروتين في حليب الحمير يحتوي على أجزاء متساوية تقريبًا من الكازين ومصل اللبن.
بالنظر إلى محتوى الكازين المنخفض بشكل ملحوظ، يمكن العديد من الأشخاص المصابين بحساسية لبروتين حليب البقر تناول حليب الحمير، إذ إن حليب الحمير لا يسبب الحساسية. وتلك ميزة إضافية لمن لديه حساسية من حليب البقر ولكن مع الاستفادة من البروتين والعناصر الغذائية الأخرى التي يوفرها حليب الألبان.
وجدت دراسة إيطالية أجريت على 81 طفلًا يعانون حساسية تجاه حليب البقر أن جميعهم كانوا قادرين على شرب حليب الحمير دون أي تأثير سلبي. وسمح التبديل بحليب الحمير بزيادة الوزن والطول بشكل منتظم.
ومع ذلك، إذا كنت تعاني حساسية معروفة، استشر مقدم الرعاية الصحية قبل تجربة حليب الحمير. مع أن حليب الحَمير يحتوي على نسبة أقل من الكازين مقارنة بحليب البقر، يمكن لكمية ضئيلة من الكازين أن تسبب حساسية مفرطة لدى بعض الأشخاص.
أحد العناصر المهمة أيضًا في حليب الحَمير هو اللاكتوز، إذ يساعد جسمك على امتصاص الكالسيوم المهم لبناء عظام قوية. قد تدعم مركبات أخرى موجودة في الحليب وجود نظام مناعة صحي أكثر، إذ أظهرت دراسة مخبرية أن حليب الحمير لديه القدرة على تعزيز إفراز السيتوكينات -بروتينات تحفز جهاز المناعة.
أظهرت الدراسة نفسها أن حليب الحَمير يساعد أيضًا الخلايا على إنتاج أكسيد النتريك، وهو مركب يساعد على تمدد الأوعية الدموية. يمكن أن يحسّن أكسيد النتريك تدفق الدم إلى الأوعية الدموية، ما يقلل بدوره ضغط الدم.
سلبيات حليب الحمير
إن أكبر سلبيات حليب الحَمير سعره وتوفره. نظرًا إلى محدودية عدد مزارع ألبان الحمير وحجمها، فإن إنتاجه وبيعه مكلفان، ما يصعب الحصول عليه. يوجد في أوروبا بعض أكبر المصانع التي تبيع الحليب بشكل مسحوق، ولكن شحنه إلى الخارج يكون مكلفًا. سعر حليب الحمير، إلى جانب انخفاض محتواه من الكازين، يجعله باهظ التكلفة وصعب الاستخدام في صناعة الأجبان.
أحد السلبيات المحتملة أيضًا هو أن معظم المزارع الصغيرة تبيع فقط حليب الحمير الخام، وشرب الحليب غير المبستر يحمل مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالغذاء. مع أن حليب الحَمير له خصائص مضادة للميكروبات، وعادة ما تُظهر الاختبارات أنه خال من أي مسبب للأمراض الضارة، فهنالك دائمًا خطر احتواء الحليب الخام على البكتيريا أو السموم الضارة الأخرى، ويمكن أن يكون ذلك خطيرًا إذا أُطعم للرضع أو كبار السن أو أي شخص يعاني ضعفًا في جهاز المناعة.
إذا كنت ترغب في تجربة حليب الحمير سواء بشكله السائل أو المسحوق، فابحث عن الحليب المبستر. أو بدلًا من ذلك، سخّن الحليب الخام إلى درجة 72 مئوية مدة 15 ثانية قبل شربه لقتل مسببات الأمراض.
أخيرًا، إذا كنت تعاني عدم قدرة على تحمل اللاكتوز وتعاني بعض الأعراض مثل الغازات والانتفاخ والإسهال بعد شرب الحليب، فمن المحتمل أن يسبب لك حليب الحَمير نفس الأعراض بسبب محتواه من اللاكتوز. وعليه، يجب على الأشخاص الذين يعانون عدم تحمل اللاكتوز تجنب حليب الحَمير أو الحد منه. أو بدلًا من ذلك، يمكنك استخدام إنزيم اللاكتاز لتفكيك اللاكتوز قبل شربه.
استخدامات أخرى لحليب الحمير
حليب الحمير أكثر من مجرد مادة غذائية، إذ إنه معروف جيدًا باستخدامه كعنصر في مستحضرات التجميل. في الواقع، من المحتمل أن تكون أكثر حظًا في العثور على مرطبات وصابون للجلد مصنوعة من حليب الحَمير مقارنة بمشروبات حليب الحمير. البروتينات الموجودة في حليب الحمير لها القدرة على جذب الماء والاحتفاظ به، ما يجعله مرطبًا ممتازًا.
تعمل بعض البروتينات الموجودة في حليب الحمير أيضًا مضادات للأكسدة، فهي تساعد في حماية الخلايا من ضرر الأكسدة، من ضمنه الضرر الناتج عن التعرض لأشعة الشمس، ما يقدم فوائد مقاومة للشيخوخة.
تشمل مواد التجميل التي تحتوي حليب الحَمير مكونًا رئيسيًا كلًا من كريمات البشرة وأقنعة الوجه والصابون والشامبو.
خلاصة القول
قد يبدو حليب الحَمير بدعة جديدة، إلا أنه استُخدم منذ العصور اليونانية والرومانية القديمة مشروبًا لتعزيز الصحة وعلاجًا تجميليًا لترطيب البشرة.
يجذب حليب الحَمير بشكل خاص أولئك الذين يعانون حساسية تجاه بروتين حليب البقر ويمكنهم تحمل محتوى الكازين المنخفض. مع ذلك، يجب ملاحظة أنه ما يزال يحتوي على كمية لا بأس بها من اللاكتوز والتي قد تكون غير مناسبة للأشخاص الذين يعانون عدم قدرة على تحمل اللاكتوز.
يحتوي حليب الحَمير أيضًا على مركبات قد تقوي جهاز المناعة وتمنع نمو البكتيريا والفيروسات والالتهابات الأخرى.
حليب الحمير باهظ الثمن وقد يصعب العثور عليه كمشروب، ولكن ما يزال بإمكانك الاستفادة من فوائده التجميلية، إذ من السهل العثور على الكريمات المرطبة والصابون والشامبوهات المصنوعة من حليب الحمير.
اقرأ أيضًا:
اكتشف الباحثون عنصرًا سريًا في حليب الأم المرضعة يقوي المناعة
عدم تحمل اللاكتوز: لماذا لا يستطيع بعض البشر شرب الحليب؟
ترجمة: وائل المشنتف
تدقيق: رزان حميدة
The post لماذا تزداد شعبية حليب الحمير؟ وهل لشربه فوائد صحية؟ appeared first on أنا أصدق العلم.
الكاتب : وائل المشنتف
الموقع :www.ibelieveinsci.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2021-01-16 10:12:11
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي