-عبد الكافي الصمد-سفير الشمال
يطوي غداً عام 2020 اليوم الأخير من روزنامته، وسط انطباع عام أنّه أكثر الأعوام دراماتيكية في لبنان منذ ثلاثة عقود على الأقلّ، وتحديداً منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، نظراً لما شهده من تطوّرات وضعت مصير البلد على المحك، وأغرقت أغلب المواطنين في أتون أزمات لا يجدون سبيلاً للخروج منها.
كلام كثير سيقال في عام 2020 الذي سيغادرنا بعد ساعات قليلة، جميعها يتفق على أنّه كان عاماً صعباً على كل الصعد، سياسياً وإقتصادياً ومالياً ومعيشياً وإجتماعياً، في ظلّ ما يشبه الإجماع على توديع اللبنانيين هذا العام بعبارة “غير مأسوف عليه”، وسط آمال في أن يكون عام 2021، الذي يهلّ بعد غد، أفضل، أو أقله أن يكون أخفّ صعوبة من هذا العام، ولو نسبياً.
لكن هل سيكون العام المقبل أفضل بالنسبة للبنانيين؟ هذا السؤال يكاد يؤرق الجميع بلا استثناء، من غير أن يجدوا جواباً له، وبالطبع ليس العرّافين والمنجّمين هم من يملكون ردّاً شافياً عليه، إلّا أنّ استقراءً موضوعياً للعام المقبل وما سوف يحمله من تحدّيات، قد يمثّل إجابة متواضعة على الكثير من الأسئلة المقلقة لأغلب اللبنانيين.
هذا الإستقراء يتحمور، نسبياً، حول النّقاط التالية:
أولاً: يكاد السؤال المزدوج عن مصير الحكومة المقبلة، ومتى ستولد، ومصير البلد ككلّ، مقلقاً لأغلب اللبنانيين بلا استثناء، ولو كلّ جهة من وجهة نظر خاصّة بها. فمنذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 22 تشرين الأوّل الماضي، دخلت مشاورات التأليف في متاهة، ووصلت إلى حائط مسدود، بفعل التجاذبات الداخلية والخارجية التي كبّلت البلد وجعلته أسير هذه التجاذبات، ومعلقة بتطورات وتفاهمات خارجية علّها تسهم في فكّ أسر الحكومة، التي يبدو موعد تشكيلها في علم الغيب.
بالتزامن، طُرحت أسئلة مقلقة ومصيرية عن مستقبل لبنان، جاءت في ذكرى مرور 100 عام على ولادته في أيلول عام 1920 على أيدي الفرنسيين، الذين تدخلوا بهدف حلّ أزمة تأليف الحكومة، ومنع البلاد من إنهيار مرتقب بفعل الفساد الذي غرقت به، وهم طرحوا مبادرة لهذه الغاية، لكنّهم عادوا خائبين، ما دفعهم للتنبؤ بمرارة باحتمال “زوال” لبنان عن الخارطة.
ثانياً: إلى جانب الأزمة الوجودية والمصيرية التي تهدّد لبنان، سياسياً وكيانياً، جاءت الأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية لتشكّل الشغل الشاغل لأغلب اللبنانيين، الذين لم يواجهوا أزمة وضائقة صعبة عليهم بهذا الشكل، حتى أيّام الحرب الأهلية، نظراً لما رافق هذه الأزمة من إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، وما أصاب القطاع المصرفي من أزمة وجودية “طارت” معها أموال صغار المودعين، ما هدد بأزمة ستطال آلاف العائلات الذين فقدوا، أو سيفقدون، جنى عمرهم، فضلاً عن خسارة آلاف الموظفين والعمال وظائفهم، وارتفاع جنوني لأسعار السّلع الأساسية، في ظلّ ارتفاع أعداد الفقراء والمعوزين بشكل يهدّد السلم الأهلي والإجتماعي على نحو خطير، ويضع البلاد على فوهة بركان لا أحد يعرف متى وكيف سيتفجر.
ثالثاً: إلى جانب ذلك يحمل العام المقبل معه تحدّيات لا تقلّ خطورة، أبرزها أمني، بعد تحذيرات من حصول توتّرات أمنية وعمليات إغتيال وتصفية، وسط مخاوف من إندلاع حرب في المنطقة سيكون لبنان خلالها في “بوز” المدفع، وحصول مزيد من الإنقسام السياسي الذي سينعكس شللاً على كلّ المستويات، إلى جانب أزمة النّازحين السّوريين التي شهدت مؤخراً تطورات مؤسفة بعد حصول تعدّيات عليهم في بشري والمنية.