“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
بات واضحاً أن الحكومة العتيدة في عالم الغيب، وليس فقط بسبب عطلة الأعياد، بل بسبب العامل الأبرز المتمثّل بالظروف الإقليمية والدولية والتي، وفق مصادر سياسية متابعة، لم تنضج بعد لولادة هذه الحكومة.
ونقلت المصادر، عن الدائرة الضيقة لرئيسي الجمهورية والرئيس المكلّف ميشال عون وسعد الحريري، بأن الإتصالات بينهما مقطوعة، ولا جهود في هذه المرحلة أو وساطات لإعادة ترميم جسور التواصل، إلا أن هناك أجواء ومؤشّرات ينقلها بعض الذين يتواصلون مع باريس، مفادها أن المبادرة الفرنسية قائمة ومستمرة، ولهذه الغاية يتوقّع مع بداية العام المقبل، أن يعاود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحرّكاته.
وقد أكدت المصادر، أن بعض المسؤولين اللبنانيين الذين تربطهم علاقات وثيقة بدوائر الإيليزيه، يتحدّثون عن إعادة تقييم شاملة حصلت بكل ما يتصل بهذه المبادرة بصلة، بمعنى أنه، وبعد التجارب المريرة مع المسؤولين اللبنانيين، فإن الرئيس الفرنسي سيبدّل من استراتيجيته في التعاطي معهم، وسيتمسك بإصراره على أن يكون وزير الطاقة فرنسي الهوى، كي يكون لباريس مواكبة ومراقبة تامة ومباشرة من الفرنسيين، حتى من قبل المستشارين لوزير الطاقة العتيد الذي سيكون من أصحاب الإختصاص، وصولاً إلى وضع فريق استشاري إلى جانبه من الشركات الكبرى الفرنسية كي تسير الأمور وفق ما هو مرسوم لها، الأمر الذي يتابعه ماكرون شخصياً، وهذا ما سينسحب على وزارات أخرى في حال تشكّلت الحكومة، وذلك، بصرف النظر عن الأجواء التي يتم التداول بها حول صعوبة ولادة الحكومة لجملة ظروف ومعطيات تتمثّل بتقاطع المصالح والخلافات الداخلية والإقليمية، والتي تفرمل التوصّل إلى أي توافق سياسي داخلي.
وعلم في هذا السياق، أن الرئيس الحريري بدّل من أجندته السابقة، وذلك بإعادة ربط علاقاته بالخليج، والتي تعتريها تباينات وخلافات على جملة مواقف، ولذلك، ثمة ترقّب لما ستضفي إليه اتصالاته ليبنى على الشيء مقتضاه على مسار التأليف وكيفية تعاطيه لاحقاً مع المعنيين بتشكيل الحكومة، وفي طليعتهم رئيس الجمهورية ميشال عون، وعلى هذه الخلفية، يمكن البناء على ما ستكون عليه المرحلة القادمة بالنسبة لاستراتيجية الحريري الجديدة بعدما وصلت علاقته مع الحلفاء والخصوم إلى مكان لا يُحسد عليه، أي أن هناك ترقّباً لما سيحمله معه من معطيات قد تعيد صياغة وبلورة كل عناوين المرحلة السابقة، لذا، فإن عملية التأليف في مرحلة ضبابية، خصوصاً وأن هناك انتظار ثقيل لتسلّم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الرئاسة الأميركية، بعدما كثرت التحليلات والسيناريوهات حول استغلال الفترة الممتدة من الآن وحتى العشرين من كانون الثاني المقبل، في ظل مخاوف من استغلال هذه الفترة لحصول اضطرابات أو أعمال عسكرية قد تقدم عليها إسرائيل وواشنطن في المنطقة، وعندئذٍ، ستعود الأمور في لبنان إلى المربّع الأول وأكثر من ذلك، على ضوء ما ستسفر عنه هذه الأعمال الميدانية.
ولهذه الغاية، فإن تشكيل الحكومة دونه عقبات داخلية وإقليمية وعوائق كثيرة، مع ارتفاع منسوب القلق من حراك جديد في الشارع بدأت معالمه تظهر على مستوى ما هو حاصل في الجامعة الأميركية من رفض لزيادة الأقساط، وربما تتوسّع رقعة التحركات باتجاه جامعات وقطاعات أخرى ربطاً بالأزمات المتفاقمة على المستويات الإجتماعية والمعيشية، في ظل الهواجس الأمنية الكثيرة، والتي تبقى في دائرة الضوء على خلفية ما جرى في الكحالة وغيرها من المناطق، ما ينبئ بمرحلة صعبة وحافلة بالتحديات.