إذا طُلب منك رسم صورة لغرفة المعيشة بمنزل الأجداد من الذاكرة، هل يمكنك فعل هذا؟ بالنسبة لأغلب الأشخاص هناك تفاصيل معينة من السهل تخيلها.
ولكن بالنسبة لآخرين مثل تلك المهمة يمكن أن تكون شبه مستحيلة، حيث أن هؤلاء الأفراد يعانون من حالة نادرة تسمى “أفانتازيا” التي تمنعهم من تخيل الصور بسهولة في عين العقل( أو القدرة على التصور)، وفي الحقيقة عبارة “عين العقل” قد تكون عديمة المعنى بالنسبة لهم.
أجرت ويلما باينبريدج وهي أستاذ مساعد لعلم النفس في جامعة شيكاغو التي رأست مؤخرا دراسة لهذه الحالة التي يمكن أن تكون خلقية أو نتيجة المرور بصدمة.
وقررت باينبريدج وهي خبيرة في علم أعصاب الإدراك والذاكرة، اختبار كمية الاختلافات بين الأفراد المصابين بأفانتازيا وهؤلاء من ذوي الصور النموذجية بشأن عدد محدد من مهام الذاكرة البصرية.
وبالنسبة للدراسة التي نشرتها مجلة “كورتكس” عرضت باينبريدج وزملاؤها ثلاث غرف على عشرات من الأفراد ذوي التخيل النموذجي والمحدود، بحسب ما نقله موقع ميديكال اكسبريس.
وكانت الاختلافات في تجربة الذاكرة مدهشة: عادة ما يرسم الأفراد ذو التخيل النموذجي المفردات البارزة في الغرفة ذات كمية معتدلة من التفاصيل مثل اللون وعناصر التصميم الرئيسية.
وعانى المصابون من أفانتازيا خلال التجربة، حيث تمكنوا من وضع أشياء قليلة في الغرفة. ولكن رسوماتهم غالبا ما كانت أكثر بساطة واعتمدت في بعض الأوقات على توصيفات كتابية بدلا من الرسم.
وفي حين أن الأشخاص الذين يعانون من أفانتازيا يفتقرون إلى التخيل البصري، يبدو أن لديهم ذاكرة مكانية سليمة تختلف عن التخيل وقد يتم تخزينها بشكل مختلف، بحسب باينبريدج. ويمكن للأشخاص الذين لا يبصرون، على سبيل المثال، وصف الشكل الخارجي لغرفة مألوفة.
ومن هذا المنطلق، تمكن المصابون بأفانتازيا بوضع المفردات التي تذكروها في مكانها الصحيح داخل غرفة في أغلب الوقت تماما مثل أصحاب التخيل النموذجي، رغم أنهم لم يتمكنوا من تذكر الكثير من التفاصيل.
ومما يدعو للدهشة، أنه رغم أن المصابين بأفانتازيا تذكروا أشياء أقل في المجمل، ارتكبوا أيضا أخطاء أقل.
وقالت باينبريدج:إنه ” يمكن أن يكون أحد التفسيرات المحتملة هو أنه نظرا لأن المصابين بأفانتازيا لديهم مشكلة في أداء تلك المهمة، اعتمدوا على إستراتيجيات أخرى مثل الترميز اللفظي للمساحة… وقد يجعلهم التمثيل اللفظي وغيرها من الإستراتيجيات أفضل حقا في تجنب الذكريات الخاطئة”.
وعلى العكس، ارتكب أصحاب التخيل النموذجي 14 خطأ في المجمل، واشتملت على تخيل أشياء لم تكن في الصور.
وقالت باينبريدج أن الدراسة تضيف إلى عدد متزايد من الأبحاث التي تثبت أفانتازيا كتجربة وتؤكد الاختلافات الرئيسية بين ذاكرة الأشياء والمكان.