كتب وطن
تحاول إسرائيل إغراء كلاً من الإمارات والسعودية بالدخول على خط الإشراف على الأماكن المقدسة بمدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى خاصة, في منافسة للدور التركي والأردني المشرفان على الوصاية منذ زمن طويل.
وترغب الإمارات على وجه التحديد بإيجاد دوراً يزاحم النفوذ التركي المتصاعد بين المقدسيين، في حين أن خطة التطبيع بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي, تسابق الزمن لإقرار واقع جديد, إذ أعلن وزير شؤون القدس الإسرائيلي الحاخام اليهودي رافي بيرتس, عن خطة لجلب ألاف السائحين من الإمارات إلى القدس, حيث سيقيمون في فنادقها والصلاة فيها, لتعزيز مكانة المدينة كعاصمة لإسرائيل.
ضخ أموال لشراء عقارات البلدة القديمة
وشرعت الإمارات منذ أن أعلنت إتفاق التطبيع, في ضخ أموالاً لشراء عقارات في البلدة القديمة, إضافة إلى فتح قنوات إتصال مع العديد من التجار, وتقديم وعود لهم بمساعدات مالية مباشرة أو تمويل مشاريع صغيرة, كما كشف بعض التجار عن محاولات إماراتية من خلال أشخاص يعرفون عن أنفسهم بأنهم رجال أعمال, عرضوا عليهم سداد ديونهم الضريبية المتراكمة مقابل الدخول في شراكة معهم في إدارة مصالحهم التجارية، وإدارة شؤون عقاراتهم وتمويل بناء عقارات على مشارف البلدة القديمة.
وعلى الرغم من أن المشاريع التركية في القدس ذات طابع خيري إقتصادي, إلا أن إسرائيل لا تُرغب الوجود التركي, وتمنع أي نشاط سياسي في المدينة, في حين إن الجهود التركية أزعجت الإسرائيليين والدول العربية المتطلعة لترسيخ نفوذها في القدس, على اعتبار أن أي تزايد في النفوذ التركي في القدس ينتقص من صلاحياتهما، ويسحب من وصايتهما الدينية على الأماكن المقدسة.
الإمارات وافقت على خطة المسجد الأقصى
وكشف مركز القدس للدراسات عن موافقة الإمارات لأول مرة على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى, بما يسمح لليهود بالصلاة في الحرم ويختصر حق المسلمين في المسجد فقط وليس الحرم بأكمله, مما يثير قلق وخوف دائرة الأوقاف الأردنية والفلسطينيين, فالإتفاق يهدف لمنح الإمارات دوراً جديداً داخل الأقصى, ومزاحمة الدورين الأردني والفلسطيني داخل المدينة.
محاربة تركيا وقطر
في سياق ذلك أكد الباحث في شؤون مدينة القدس زياد إبحيص أن النفوذ الإماراتي في مدينة القدس, بات يأخذ منحناً متصاعداً في أعقاب إعلان إتفاق التطبيع مع إسرائيل, في حين أن النشاط المتزايد للإمارات سواء من قبل مواطنيها أو من يتعاونون معها من الفلسطينيين, يلقى دعماً ما وإن كان غير واضح المعالم من قبل جهات وأوساط إسرائيلية رسمية وشبه رسمية تغض الطرف عن تلك النشاطات، والتي يقولون إن هدفها محاربة ما يسمونه النفوذ التركي والقطري في القدس المحتلة.
وأوضح إبحيص في حديثه لـ”وطن” أن القلق يساور الأوساط الفلسطينية الرسمية إزاء هذه الحملة المصعورة التي تقودها الإمارات. والتي من الواضح أنها تلقى دعماً ومساندة من السعودية ومن البحرين، وحتى من بعض الأوساط الفلسطينية المحلية, وما يثير القلق أكثر, إرسال الإمارات وفوداً بشكل دائم إلى المسجد الأقصى بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال, للتنغيص على الفلسطينيين وترسيخ وجودها هناك بدعم من إسرائيل.
التطبيع ورد فعل المقدسيون … سيستقبلوبهم بالأحذية في الأقصى
وأشار إلى أن المقدسيون يتجهزون لإستقبال من سيأتي إلى القدس تحت وطأة التطبيع. ولن يسمحوا للإماراتيين وغيرهم أن يعتدوا على قدسية الأقصى بإستخدام الصلاة فيه لشرعنة إتفاقهم الباطل مع إسرائيل. ولذلك فإن هذه الزيارات ستكون منبوذة من أهل القدس. في ظل مخاوف مقدسية فلسطينية من زيادة أعداد الجاليات الإسلامية, التي قد تأتي للصلاة في القدس بضغوط وإغراءات إماراتية خاصة من البحرين والسعودية.
وتابع الباحث المقدسي, على الرغم من التدفق الكبير من قبل الإماراتيين للمسجد الأقصى. إلا أن الخطة الإسرائيلية لن يكتب لها النجاح. فالإماراتيون قد لا يأتون بصورة كبيرة, ربما لوجود خلاف بين المستويين الرسمي والشعبي في الإمارات. والقادمون قليلون لن يصل عددهم بالعشرات. وسيذهب معظمهم إلى تل أبيب للسياحة والإستجمام إلا إذا فرضت عليهم السلطات الإماراتية زيارة القدس بالقوة. ودليل على ذلك أن التوجه الإماراتي نحو القدس سبقه وجود مخطط سعودي للتواصل مع شخصيات مقدسية. لإيجاد موطئ قدم لها بالمدينة لكن المقدسيين رفضوا الذهاب للمملكة وأفشلوا مساعي السعودية .
مليونا زائر
وتتمثل الخطة الإسرائيلية الجديدة, بتوافد مليوني سائح مسلم من الدول المطبعة سنوياً لدولة الاحتلال, معظمهم سيزورون المسجد الأقصى تحت إسم السلام الديني, في حين بدأت إسرائيل ترتيباتها الخاصة ليأتي من الإمارات والخليج وفوداً كبيرة لتصلي في المسجد الأقصى, وذلك لفرض واقع خليجي جديد فيها.