نقلت صحيفة “هآرتس”، عن “مصادر مطلعة ” أن القيادة السياسية في حكومة الإحتلال الإسرائيلي وافقت على اللقاء الذي أجراه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، مع موقع “إيلاف” السعودي، الخميس الماضي.
وأشار موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” (واينت) إلى أن مراسل الموقع السعودي مجدي حلبي، تقدم بطلب بإجراء المقابلة مع آيزينكوت قبل نحو أسبوع، إلا أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وافق على المقابلة أواخر الأسبوع الماضي، بعد التشاور مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وبعد أن صادق الأخير على إجرائها.
وأضافت الصحيفة أن توقيت المقابلة اختاره نتنياهو، فيما ترك لآيزينكوت، بعد التشاور، الفرصة لاختيار المضامين.
وأشارت “هآرتس” إلى أن القيادة السياسية في إسرائيل لم تتفاجأ من التصريحات التي أدلى بها آيزنكوت خلال اللقاء، خصوصا فيما يتعلق بـ”تبادل المعلومات الاستخباراتية بين إسرائيل والسعودية”.
وبحسب “هآرتس”، تحول الموقع السعودي إيلاف في السنوات الأخيرة، إلى قناة لتسريبات إسرائيلية، بحيث تنقل من خلاله إسرائيل رسائلها إلى الدول الخليجية، حيث استخدم الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية الموقع في العامين الماضيين، لنقل الموقف الإسرائيلي خصوصًا في ما يتعلق بـ”التهديد الإيراني المشترك” و”تهديدات حزب الله”، بطلب من الموقع نفسه وليس بمبادرة إسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها أنه “ليس هناك أي جديد في أن إسرائيل تعزز علاقتها بدول الخليج على خلفية المصالح المشتركة في الشرق الأوسط، أولا وقبل كل شيء الخوف من تزايد قوة إيران”. وتابعت “مقابلة رئيس الأركان هي حلقة أخرى في العلاقات التي تجري عادة تحت الأرض”.
يُذكر أنه في المقابلة مع موقع “إيلاف” السعودي، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هيدي زيلبرمان، إن الغواصات الإسرائيلية “تبحر في كل مكان”، مشددا على أن “إسرائيل تراقب تحركات إيران في المنطقة”، وأن الجيش الإسرائيلي يعتبر أن “الخطر الإيراني” قد ينطلق من سورية ولبنان والعراق واليمن.” بحسب تصريحه
يأتي ذلك في أعقاب التقارير حول عبور غواصة إسرائيلية لقناة السويس، يوم الأحد الماضي، بموافقة رسمية مصرية، متوجهة مياه الخليج، فيما وصف بأنه “”رسالة تحذيرية إلى إيران”، في خضم تصاعد التوتر في المنطقة.
المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان: إن “المقابلة النادرة والاستثنائية التي منحها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، لوسيلة إعلام سعودية لم تكن بادرة حسنة إسرائيلية،وإنما هي بادرة حسنة سعودية تعتبر جزءا من عملية متواصلة لإعداد الرأي العام في داخل السعودية لتحويل العلاقات السرية بين الدولتين إلى علنية.”
ورفض زيلبرمان تأكيد عبور الغواصة الإسرائيلية إلى البحر الأحمر ومنه إلى الخليج العربي، غير أنه لم ينف أن يكون سلاح البحرية الإسرائيلي “يعمل في كل مكان”، على حد تعبيره.
وقال زيلبرمان إن : “الغواصات الإسرائيلية تبحر وبهدوء إلى أماكن مختلفة بعيدة وقريبة”، مشيرا إلى أن “الجيش الإسرائيلي يعمل بحرية تامة في كل مكان في الشرق الأوسط وفي دول لا حدود لإسرائيل معها أيضا، وربما أبعد من ذلك”….
وتحدث زيلبرمان عن “عمليات نوعية غير معلنة ولا يعرف عنها سوى القلائل في الجيش تتم بالسر في مناطق عدة في الشرق الأوسط”، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية “متنوعة وعديدة من تحت الطاولة وفوقها وما بينهما” على حد تعبيره.
ووصف زيلبرمان إيران بأنها : “برميل بارود قابلا للانفجار نظرًا لكمية الاحتقان والضربات التي تلقتها من دون القدرة على الرد المناسب لحجم تلك الضربات”، مشيرا إلى “اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، واستهداف مواقعها في سورية، والانفجارات في منشآت برنامجها النووي، انتهاء باغتيال عالِمها النووي، محسن فخري زادة”.
ولفت زيلبرمان إلى التهديدات التي أطلقها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخابي، متوعدا إيران، وأوضح أن كوخافي قصد العراق واليمن – عندما تحدث عن هجمات إيرانية محتملة تنطلق من “دائرة الدول الثانية” – والتي قصد بها لبنان وسورية في حديثه عن “الدائرة الأولى”، معتبرا أن الهجوم على منشآت أرامكو السعودية في أيلول/ سبتمبر 2019، دليل “على قدرة إيرانية كبيرة” في تنفيذ هجمات بواسطة الطائرات المُسيرة والصواريخ الموجهة عن بُعد، دون أن يكشفها أحد.
وقال زيلبرمان إن “إسرائيل لن تتوقف عن ضرب إيران في سورية ومنعها من التموضع من جهة ومن تمرير الأسلحة والتقنيات المتطورة لحزب الله في لبنان من جهة أخرى”، وأضاف أن “إسرائيل لا ترى أي عائق أمامها في استهداف ما تريده في سورية”.
وقال زيلبرمان إن “حزب الله بدأ يمتلك أو يحاول امتلاك قدرات تكنولوجية للتشويش على القدرات الإسرائيلية تكنولوجيا”، وأضاف أن “إسرائيل تعمل لإيجاد الرد والحل لذلك”.
واعترف بأن هجمات إلكترونية على مواقع إسرائيلية نجحت بعض الشيء، ووصفها بأنها “هجمات إيرانية على مواقع مدنية متصلة بالجيش”، مدعيا أن “الضرر كان طفيفا جدا على الجيش الإسرائيلي وعلى المنشآت الإسرائيلية” بحسب إدعائه …
وأشار إلى تقديرات الجيش الإسرائيلية بـ”احتمال مضاعفة الجهود الإيرانية في هذا المجال (الهجمات الإلكترونية)”، وبـ”أن عام 2021 قد يكون عام الهجمات الإلكترونية على إسرائيل”….بحسب تصريحه للموقع .
وأضاف زيلبرمان إن “كل شيء يمكن أن يتبدل بلحظة، وأن تشتعل الحرب في المنطقة بشكل مفاجئ وأي حسابات معروفة لنا اليوم يمكن أن تتغير لسبب مجهول”، مشيرا إلى أن انتفاضة فلسطينية يمكن أن تقلب الأمور وتغير المعادلات والتفاهمات في المنطقة. وتابع أن أي حرب مستقبلية سوف تكبد إسرائيل خسائر فادحة وكبيرة في الأرواح وأن منشآت أمنية وإستراتيجية حيوية في إسرائيل قد تدمر بفعل القصف الصاروخي أو الطائرات المسيرة”.
الجدير بالذكر ان الموقع السعودي (إيلاف) ، أجرى مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين في أكثر من مناسبة، والذين بدورهم استخدموه لنقل رسائل مباشرة للسلطات السعودية، وإلى الرأي العام الخليجي، منها على سبيل المثال المقابلة الموسعة التي أجراها عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الكيان الصهيوني (الكابينت)، ووزير جودة البيئة وما يسمى “شؤون القدس” الإسرائيلي، زئيف إلكين، في كانون الثاني/ يناير الماضي، وناقش خلالها إمكانية التعاون مع الدول العربية وتعزيز الاتفاقات السياسية معها.
ذلك بالإضافة إلى المقابلة التي أجريت مع المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، على الموقع ذاته قبل نحو عامين، وادعى خلالها أن الكيان الصهيوني أحبط نقل بطاريات صواريخ أرض جو – جو من طراز sa-22 إلى حزب الله، كما أجرى “إيلاف” مقابلة مع نائب الوزير مايكل أورين.
بحسب يديعوت أحرنوت عن التساؤل حول هدف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس الحكومة من إجراء المقابلة في هذا التوقيت: ” إن الهدف هو دعم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خصوصا بعد الانتقادات التي تعرض لها إثر زج الساحة اللبنانية في الصراع السعودي الإيراني، في أعقاب استقالة الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية من الرياض.”
هذا وأجرى الموقع السعودي مقابلة مع ضابط إسرائيلي رفيع المستوى في أعقاب اغتيال الشهيد سمير القنطار في عام 2015، وهدد حينها الضابط الإسرائيلي، من خلال الموقع ، حزب الله، من أي محاولة رد على عملية الاغتيال .
المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان معلقاً على تجنيد موقع إيلاف للرسائل الإسرائيلية : ” إن إسرائيل لا يزال يراودها الحلم بالتحدث بشكل علني مع السعودية كجزء من ائتلاف إقليمي وحليف لواشنطن، في حين لا ترغب السعودية بأن يكون ذلك معلنا، ولكنها بادرت إلى خطوة صغيرة كان لها أصداء كبيرة، فرئيس أركان الجيش الإسرائيلي يتحدث مباشرة إلى الجمهور السعودي عن المصالح المشتركة للطرفين، بما في ذلك التعاون الأمني.”
ويرجح المحلل العسكري أن يكون هناك، من وراء المقابلة الأخيرة مع المتحدث العسكري لحكومة الإحتلال الإسرائيلي ، تحرك ما في خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط، والتي يعمل على “إنضاجها” منذ شهور كل من جيسون غرينبلات وجاريد كوشنر، مبعوثي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الشرق الأوسط. وسوف يتعين على ترامب، في آذار/مارس أن يقرر ما إذا كان سيتجه نحو هذه الخطة بقوة، أم سيتازل عنها بداعي أنه لا مجال لتطبيقها.
ولفت فيشمان إلى أنه حصل توافق بين الإحتلال الإسرائيلي والسعودية، قبل عدة شهور، وبوساطة أميركية، على سلسلة من الخطوات لبناء الثقة بين الطرفين. ورغم أنها لم تخرج إلى حيز التنفيذ إلا أن هناك ما يشير إلى حصول تقارب.
وأضاف أنه في الفترة الأخيرة نشرت تحليلات كثيرة في السعودية تعبر عن موقف السلطات السعودية، والذي مفادها “حتى لو كنا لا نحب إسرائيل، فإن ذلك لا يعني أنه لا يوجد لنا مصالح مشتركة معها”.
واعتبر فيشمان هذا الموقف بمثابة إعداد للرأي العام السعودي، تماما مثل المقابلة التي أجراها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي.
ويخلص إلى نتيجة أن الأميركيين في انتظار خطوة إسرائيلية جدية، ولكنها غير قادرة على تنفيذها بسبب التركيبة الائتلافية الحالية. وربما لهذا السبب، فإن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ببذل جهود سياسية في اتفاق إسرائيلي – سعودية يتعلق بقرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تغيير الائتلاف الحكومي أو التوجه نحو الانتخابات.
أخبار المملكة
المصدر: هآرتس