مصر.. مُغسلة وفيات كورونا تحكي قصتها مع ‘المهمة الصعبة’
تغسيل الراحلين عن الدنيا قبل مواراتهم الثرى أمر جلل، فأنت أمام أصعب حقيقة: الموت.
ويزداد الأمر صعوبة عند التعامل يوميا مع جثامين موتى فيروس كورونا المستجد، وكل ما يثيره الوباء من مخاوف، لكن فتاة مصرية لم تبال بهذه الأخطار وواظبت على تغسيل الموتى.
فخلال الأشهر الـ8 الماضية، عملت تُقى محمد على تغسيل ضحايا الفيروس من السيدات المتوفيات، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي لمرضى الوباء وأصحاب الأمراض المزمنة.
تقول تُقى ابنة محافظة الفيوم في حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن عملها في تغسيل موتى كورونا جاء بعد رفض شاب استلام جثمان والدته التي توفيت بالفيروس خوفا من الإصابة، حيث عرضت هي على المستشفى القيام بالمهمة لتبدأ رحلتها مع ضحايا الوباء منذ أبريل الماضي وحتى الآن.
أكثر من ألف حالة
وخلال هذه الفترة، غسلت تُقى، الحاصلة على درجة البكالريوس من كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، أكثر من ألف حالة وفاة من جراء فيروس كورونا.
وتقول: “الحالات (التي غسّلتها) لا تعد، لكن أنا كسرت حاجزا كبيرا جدا”، مشيرة إلى أن لكل حالة وفاة قصة مختلفة عن غيرها، خاصة تلك التي رفض ذووها استلامها خوفا من انتقال العدوى إليهم في بداية الجائحة.
ولم يمنع خطر الإصابة بالفيروس تُقى من الاستمرار في عملها، بل وتشكيل فرق عمل صغيرة من فتيات في مختلف محافظات مصر.
وتتخذ تُقى كافة الإجراءات الاحترازية للحماية من كورونا، من كمامات وملابس واقية ودروع الوجه الطبية، وبذلات عازلة وقفازات جلدية وحذاء بلاستيكي.
وفي وقت سابق، وجهت وزارة الصحة المصرية بنقل المتوفين بكورونا عبر سيارات هيئة الإسعاف المصرية، وذلك بعد تكرار حالات رفض نقل الجثامين في السيارات المخصصة للموتى، كما وجهت قطاع الطب الوقائي بالمديريات بالإشراف على عمليات الدفن.
وتشير تُقى إلى أنها ورفيقاتها ممن بادرن بالمشاركة في العمل الخيري، تأثرن نفسيا بصورة كبيرة لمعايشة حالات الوفاة الناتجة عن الفيروس، لكنها أكدت نجاحهن في تحمل المسؤولية، ليكنّ سببا في مساعدة الكثير من ذوي سيدات فقدن حياتهن بسبب الجائحة.
وأضافت أن عدد المنضمات لمبادرتها يزيد ويقل حسب ظروفهن.
“ثلاجة الغسل” بيتها الثاني
وتتحدث الفتاة المصرية عن عملها في تغسيل وفيات كورونا من السيدات، موضحة أنها تشعر بارتياح نفسي كبير، حيث “أتعامل مع الميت مثل الطفل وأتحدث معه وأدعو له وأرسل معه رسائل إلى الله”.
وتؤكد تُقى أن مكان الغسل أو ثلاجة الموتى “بيتي الثاني، ومكان مريح بالنسبة لي”.
وتضيف أنها تنقلت بين 4 محافظات هي الفيوم والقاهرة والجيزة والإسكندرية، لتغسيل المتوفيات من الوباء، لافتة إلى أنها نجحت في تشكيل فرق صغيرة من الفتيات في تلك المحافظات، للقيام بهذه المهمة تطوعا، مع تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية.
وكانت وزارة الصحة المصرية حددت بعض الإجراءات الضرورية لتغسيل موتى كورونا، منها ارتداء عباءة سميكة تغطى الذراعين والصدر وتمتد إلى أسفل الركبة، مع استعمال كمامات وقفاز يغطي اليدين حتى الرسغ، وغطاء رأس، وحذاء بلاستيكي طويل الرقبة، مع الالتزام بارتداء وخلع الملابس الواقية بطريقة صحيحة، وغسل الأيدي بالماء والصابون جيدا بعد خلعها.
دعم نفسي للمرضى
مبادرة تُقى لم تقتصر فقط على تغسيل موتى كورونا، لكنها امتدت أيضا إلى تشكيل فريق من الشباب والفتيات لتقديم الدعم النفسي لمرضى كورونا، وبعض الأمراض المزمنة الأخرى.
وأشارت الفتاة إلى أن “الدعم النفسي والصحي يتمثل في امتصاص حزنهم وتقديم هدايا لهم مثل الورود وبعض الأطعمة، لأن غالبيتهم يكون في حالة اكتئاب ويرفض تناول الطعام.
المصدر: سكاي نيوز