“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
يحتارُ رئيس “التيّار الوطني الحر” جبران باسيل على أي جبهة يُحارب، فمرّة يرى انه بفتح جبهة استعادة “حقوق المسيحيين” الطريق الأقوم للوصول إلى الدولة التي يطمح اليها مع ما يتخلّله سلوك هذا الطريق من صراعات جانبية لكنها طويلة الأمد مع الموقع السُنّي الأول رئاسة الحكومة، ومرة اخرى ما طرحه أمس عن استعادة الأموال المحوّلة للخارج والتي اعتبرها أنجع الطرق لإعادة القسم الأكبر من أموال المودعين اللبنانيين وهو حقّ مشروع لهم.
أول من أمس، غرّد باسيل بأن مجلس النواب على موعد مع تحدٍ جديد لتشريع قانون قدّمه تكتل لبنان القوي لاسترداد الاموال المحوّلة للخارج بعد 17 تشرين. هيدي الاموال اذا بترجع، بيرجع معها قسم كبير من أموال المودعين اللبنانيين… هل رح تصوّت الكتل الأخرى لإقرار هالقانون؟.
واللافت هنا أن طرح باسيل أو سؤاله هذا، لم يرق لأكثر من جهة سياسية على اعتباره كلام شعارات يندرج ضمن تحسين صورة الشخص ورفع اتهامات الفساد عنها خصوصاً بعد العقوبات الأميركية التي طالت باسيل على الرغم من وصفه لها بالسياسية.
عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله أحد الذين وضعوا كلام باسيل في إطار “الشعبوية” و”التعبوية” وأنه خارج إطار المنطق العلمي الصحيح والدقيق، إذ يؤكد لـ”ليبانون ديبايت” أن لا أحد في لبنان ضد استرجاع الأموال المنهوبة لأن ليس كل الأموال التي يتم تحويلها يُمكن إدراجها تحت هذا الوصف. وعلى سبيل المثال فإن أي شخص يمتلك عملاً خاصّاً به أو مؤسسة وحصل في حينه على معلومات تُفيد بتراجع الأوضاع في لبنان استلحقها بتحويل من امواله في الخارج، هل نعتبره فاسداً!؟ خصوصاً انه في حينه لم يكن هناك شيء اسمه “كابيتال كونترول”.
ويوضح عبدالله قائلاً : “أخلاقياً فإن إخراج الأموال من لبنان بعد الإنهيار نعتبره عملاً مُشيناً مع العلم أن هذا الأمر مارسته المصارف وليس أشخاص. لذلك كان المطلوب من باسيل أن يُخضع اقتراحه هذا داخل مجلس النواب على قاعدة التصويت من مع ومن ضد علماً أنه تم إرجاعه إلى اللجان. والمستغرب أن باسيل أعطى اقتراحه صفة معجل مكرر على الرغم من أن هذه الصفة لا تنطبق عليه خصوصاً وأنه أصبح لدينا كم هائل من قوانين محاربة الفساد والاثراء غير المشروع والهيئة الوطنية لدرجة أن القوانين صارت تتضارب مع بعضها البعض. ويبقى الأهم في تنفيذ القوانين وليس مجرد اقتراحها.
ويُتابع عبدالله: “يبدو ان البعض ما زال في دائرة تأثير العقوبات التي أتت من الخارج بالإضافة إلى دائرة إظهار الذات على قاعدة “أنا المنقذ” واتهام المنظومة التي تواجهه بالفساد. وبرأينا هذا الموضوع قد استهلك بشكل عام والشعارات الغوغائية هي الأخرى استهلكت لأن هذه المسألة أصبحت خاضعة للقوانين الدقيقة ومجلس النواب قطع الطريق على هذا الاقتراح أوّل من امس عندما رفع السريّة المصرفية في جلسة أمس على كل الحسابات”.
وبحسب عبدالله، فـ “إن باسيل يستثمر الشعارات التي يطرحها بموضوع أكبر وأهم من ملف تأليف الحكومة، فهو يستثمرها بخلال محاولته التحضير لمعركة الرئاسة القادمة بالإضافة إلى شيطنة كل من يُعارض هذا الموضوع وفي الوقت عينه قد تكون شعاراته إحدى الردود الدفاعية على اتهامه بالفساد من خلال العقوبات الأميركية”.
أمّا هجوم باسيل المركّز على موقع الرئاسة الثالثة تحت شعار “إستعادة حقوق المسيحيين”، يرى عبدالله أنها “لا تعنينا كحزب تقدمي اشتراكي صلاحيات هذه الطائفة أو ذاك المذهب، لكن بكل تأكيد فإن هذا النظام الطائفي والمطالب الطائفية هي ليست أكثر من متاريس تُستخدم في شخصنة الأمور وكل ممارسات هذه العهد منذ اليوم الأول، تصبّ في خانة خلق أعراف وممارسات بعكس اتفاق الطائف والجماعة يعترفون بأسلوبهم هذا”.
ويُضيف: “كما وأن استهداف الطائف ليس بالضرورة أن يكون موجهاً ضد السنّة على وجه التحديد، بل ضد استقرار البلد كله، فكما هو معروف عندما نريد خلق دستور بعد حروب طويلة، علينا أن نُقيم حد أدنى من الاستقرار السياسي، لذلك فإن تعديل الدستور يحتاج إلى أجواء مستقرة لا تُشبه المرحلة التي نمر بها اليوم. من هنا لا بد من الحفاظ على الطائف وتطويره على أمل أن نصل يوماً إلى ما نطمح اليه أي الدولة العلمانية”.