أقرّ مجلس النواب في جلسته التشريعية ربّما الأخيرة هذا العام، 13 مشروعاً وإقتراح قانون، أبرزها إقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي إلى تعليق العمل بالسرّية المصرفية لسنة، وِفقاً للقرار الصادر عن المجلس حول التدقيق الجنائي بعد مناقشة رسالة رئيس الجمهورية، بمعنى أنّ رفع السرّية رُبط بالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان وكل الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة. وجاء الإقتراح من النائب علي حسن خليل بعد دمج إقتراحات عدّة كانت مُدرجة على جدول الأعمال، وعلى رأسها اقتراح “الجمهورية القوية” إنطلاقاً من إقتراح النائب جورج عدوان وزملائه.
وأوضح النائب وهبي قاطيشا لـ”نداء الوطن” أنّ “الإقتراح حدّد فترة سنة لكي لا يتذرّع أحد بالسرّية، وهو لا يتناول أشخاصاً بقدر ما يطال المؤسسات العامة والوزارات ومصرف لبنان، وبالتالي لم يعد أحد يستطيع التذرّع بالسرّية المصرفية لعدم الإفراج عن المعلومات وحركة الأموال المرتبطة بهذه المؤسسات، وهذا القانون لا يتعدّى على حقوق الأفراد”. وأكد أنّ “كلّ الكتل سارت بهذا الإقتراح بالرغم من محاولة البعض تفشيله لأنّه مقدّم من “القوات” وبالتالي يُعتبر أهمّ إنجاز في هذه الجلسة”.
وأقرّ المجلس ايضاً إقتراحات: التمديد لكهرباء زحلة، معاقبة جريمة التحرّش الجنسي، حماية النساء وأفراد الأسرة من العنف الأسري الذي إعترض عليه نواب “حزب الله” لتعارضه مع قانون الأحوال الشخصية ومخالفته للدستور وِفقاً للنائب إبراهيم الموسوي، بينما تحدّثت معلومات عن أنّ سبب الإعتراض أمور شرعية. وأقرّ إقتراح تمديد المهل الناشئة عن التعثّر في سداد القروض حتى نهاية حزيران 2021 بعد دمج عدد من الإقتراحات المقدّمة بهذا الشأن في صيغة موحّدة تقدّمت بها النائبة رولا الطبش.
ومن الإقتراحات التي أقرّت: حماية أموال الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وتقديمات المضمونين، إعفاء السيارات التي أصبحت خارج الخدمة نتيجة عدوان تموز 2006، تعديل قانون مزاولة مهنة الصيدلة لإعتماد الأدوية الجنيسة، إعفاء السيارات من رسوم الميكانيك للعام 2020/2021 والذي تمّ تعديله لجهة شموله الإعفاء العام للسيارات العمومية وسيارات الأجرة وإستثناء أصحاب الأرقام المميّزة وتدرج نسبة وقيمة الإعفاء بالنسبة لبقية السيارات والآليات وفقاً لسنة التصنيع وعدد الأحصنة ضمن جدول مرفق بالقانون.
وسقطت مجموعة إقتراحات معجّلة بعد التصويت على صفة العجلة وأحيلت أخرى إلى اللجان المختصّة وسحب البعض بناء لطلب مقدّمه، وأعيد آخر للحكومة كما جرى في مشروع الإجازة بإبرام إتفاقية مع النمسا بعدما إعترض نائب “حزب الله” الموسوي وأثار ما ورد فيها من تعريفات تتعلّق بالإرهاب والتطرّف سيّما وأنّ عمر هذه الإتفاقية 13 سنة.
وأعيد إلى اللجان إقتراح النائب جبران باسيل حول إسترداد الأموال المحوّلة إلى الخارج بعد 17 تشرين الاول 2019 وإقتراح النائب بلال عبد الله حول حصر الدعم بالمستحضرات الدوائية الأرخص على أن يُنجز خلال 15 يوماً مع مناقشة خطة ترشيد الدعم التي وصلت من الحكومة إلى المجلس قبيل إنعقاد الجلسة، ولم يتسنّ لبرّي الإطلاع عليها بعد ليُقرّر مسارها في اللجان. ومن الإقتراحات التي أحيلت أيضاً كلّ ما يتعلّق بتخفيف العقوبات وتخفيف إكتظاظ السجون بسبب “كورونا” وغيره، وإقتراح قانون العفو العام المعلّق على خشبة عدم التوافق السياسي حوله، فأحيل إلى اللجنة المكلّفة بدراسة العفو برئاسة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.
وقائع الجلسة
وكانت الجلسة إستهلت بتلاوة أسماء النواب المتغيّبين بعذر فكلمة لبري ذكّر فيها بعرف “عصر كورونا” بعدم السير بالكلام في الأوراق الواردة إلا إذا أصرّ النواب طالبو الكلام على ذلك، فالرئاسة لا تمانع ضمن ما يحدّده النظام الداخلي.
وقبل أن يُعطي الكلام للنواب، أكّد النائب بيار بو عاصي باسم “الجمهورية القوية” ضرورة حصر البحث في تشريع الضرورة سيّما وأنّ هناك إجتهادات تتحدّث عن عدم جواز التشريع في ظلّ وجود حكومة مستقيلة.
فردّ بري أنّ “لا إجماع على الإجتهادات التي ذكرت والمجلس النيابي إسمه المجلس التشريعي ونصّ المادة 69 من الدستور واضح لجهة أنّ المجلس يعتبر في حالة إنعقاد دائم عند إستقالة الحكومة، ولكن هذا لا يمنع مراعاة التوازن بين السلطات والأخذ في الإعتبار بعدم التوسّع”.
وتحدث النائب نزيه نجم فلخّص تقرير لجنة الأشغال بشأن تمديد عقد كهرباء زحلة والتوصيات لمؤسسة الكهرباء والطلب من ديوان المحاسبة مراجعة العقد. وهاغوب ترزيان، فذكّر بضرورة تنفيذ القوانين التي تصدر عن المجلس لا سيما لجهة إلزام شركتي الخلوي بإصدار الفواتير بالليرة اللبنانية.
وقدّم النائب جميل السيد مطالعة عن الأوضاع المأسوية ودعا إلى الذهاب نحو إقرار قانون إنتخابات جديد وتقصير ولاية المجلس حتى حزيران 2021 وإجراء انتخابات جديدة.
وسجّل النائب ميشال ضاهر جملة أسئلة منها مصير الكابيتال كونترول. ورأى النائب بلال عبد الله أنّ النظام الطائفي سقط بالضربة القاضية على أيدي الإرتهان والتبعية والفساد والزبائنية”.
وبعدما بدأ جدول التشريع بتصحيح بعض الأخطاء المادية في قوانين سابقة، حاول النواب الكلام خلال مناقشة إقتراح تمديد كهرباء زحلة لا سيما نواب المنطقة إلا أنّ بري منعهم لكي لا يفسح المجال أمام المزايدات كما قال، بينما استغرب الفرزلي إستسهال النواب في تقديم إقتراحات المعجّل المكرّر، حيث تفاجأ بهذا الكمّ منها على جدول الأعمال، متمنياً على بري أن يُخضعها لمختبر هيئة المكتب قبل وضعها على الجدول وخصوصاً منها ما قد يُرتّب أعباء مالية.
ولدى مناقشة إقتراح قانون رفع السرية اكد برّي ان المجلس أصدر بناء على رسالة رئيس الجمهورية قراراً، فالمجلس له حقّ بإتخاذ ثلاثة أمور كرد ّعلى الرسالة وهو إتّخذ الأقصى في هذا المجال، أصدر القرار والبعض إنتقده وكان يُطالبه بقانون كردّ على الرسالة، وأصلاً لا يحقّ للمجلس إصدار قانون كردّ عليها، نحن كمجلس أصدرنا قراراً على أن تكون كل مؤسسات الدولة، مصرف لبنان والوزارات والإدارات والمؤسسات العامة خاضعة للتدقيق الجنائي ونحن اليوم مدعوون للوصول إلى موقف نؤكد فيه أنّنا كمجلس نحترم ما نقرره”.
وشدّد النائب عدوان على ضرورة إقرار إقتراحات القوانين المتعلّقة بالتدقيق الجنائي ليتمّ سحب إتهام المجلس بالتمييع من التداول.
وقدّم الفرزلي مطالعة حول السرّية المصرفية وتاريخ وجودها في لبنان منذ إقرارها عبر العميد ريمون إده وضرورة ربطها بالتدقيق الجنائي وقرار المجلس بعيداً من الشعبوية التي يمارسها البعض.
وإقترح حسن خليل السير بالإقتراح المقدّم من “الجمهورية القوية” مع بعض التعديلات عليه على أن ينفصل الأمر عن النقاش بالقانون الذي كان ردّه رئيس الجمهورية وهو أمام اللجان المختصة.
وطالب النائب حسن فضل الله بضرورة إقرار قانون يُلزم المركزي والوزارات تحت سقف المجلس في هذا المجال.
وأكّد النائب إبراهيم كنعان أنّ “المجلس أثبت جدّيته بإقرار رفع السرّية المصرفية لسنة لتشمل مصرف لبنان والوزارات والإدارات العامة لحصول التدقيق الجنائي”، وقال إن “القرار الذي صدر عن المجلس في وقت سابق تجاوباً مع رسالة رئيس الجمهورية حول التدقيق الجنائي بات اليوم قانوناً”.
وانتهت الجلسة بعدما وصلت إلى الإقتراح المعجّل المكرّر الذي يُلغي إعفاء الطوائف من الضرائب والرسوم وبدأ نقاشه ينحو نحو البعد الطائفي، فرفع بري الجلسة بعد تلاوة محضرها.