الوقت- تعاني العمالة الوافدة في السعودية من صعوبات جمّة نتيجة سوء معاملة السلطات السعودية، والأصعب من هذا أنه يتم قطع أرزاق ناس بسطاء من دول آسيوية وعربية ويتم طردهم بمئات الالاف والتضييق عليهم، وتربط الرياض قيامها بمثل هذه الأمور بعدم قدرتها على توظيف عمالة أجنبية واكتفائها بالموجود ومواطني البلد.
وفق آخر دراسة عالمية احتلت السعودية والامارات مراكز متأخرة في مؤشر “إكسبات إنسايدر” حول استدامة الوافدين الذي تصدره منظمة “إنترنيشنز” المعنية بشأن أفضل وجهات الوافدين في العالم، ومقرّها في ألمانيا، وجاءت كل من السعودية والإمارات ضمن الدول الأسوأ في استقبال العمالة الأجنبية الوافدة، وفق أحدث المؤشرات العالمية.
لماذا استقدمت السعودية العمالة في السابق؟
عانت السعودية من نقص العمالة المحلية، فقد لجأت إلى توظيف العمالة الوافدة من مختلف الدول الأفريقية والآسيوية لسد هذا النقص. ويعود هذا النقص أيضًا إلى رفض نسبة كبيرة من المواطنين السعوديين الالتحاق بالمهن والوظائف البسيطة، الأمر الذي دفع السعودية إلى الاعتماد على العمالة الأجنبية لشغل هذه المهن.
لقد كان وصول العمالة الوافدة إلى السعودية مرتبطًا بظهور النفط وما أعقبه من زيادة في معدل دخل الاقتصاد السعودي ؛ نتيجة لذلك، تم توظيف الغالبية العظمى من المواطنين السعوديين في القطاع الحكومي. وبلغت نسبة السعوديين العاملين في القطاع الحكومي 85 بالمئة، مقابل نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص والتي تبلغ 15 بالمئة.
في السنوات الأخيرة، انعكست المعادلات وبدأت السعودية تطرد العمالة الوافدة، ما سبب مشكلة كبير لهؤلاء العمال وأسرهم، وربطت السعودية الأمر في الآونة الاخيرة بأزمة كورونا وانخفاض اسعار النفط، والمشكلة الاساسية أنه مع اي مشكلة اقتصادية يتم طرد العمال الاجانب، بل اكثر من ذلك وجهت اليهم اتهامات بنشر فيروس كورونا داخل المملكة.
عجز الميزانية ساهم ايضا في الضغط على العمالة الوافدة منذ العام 2016 وتصاعدت الأزمة المالية التي تواجه الرياض خلال الفترة الأخيرة. وأعلنت وزارة المالية السعودية، أخيراً، أن المملكة سجلت عجزاً في الميزانية بلغ 40.768 مليار ريال تعادل 10.87 مليارات دولار، في الربع الثالث من العام الجاري، نتيجة بلوغ الإيرادات 215.577 مليار ريال بانخفاض نسبته 30% والنفقات 256.345 ملياراً في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر/ أيلول المنصرم.
في الآونة الأخيرة ولتشديد الخناق على الوافدين فرضت المملكة رسوماً على تأشيرة العامل الوافد، مما أدى إلى زيادة تكلفة استقدامها، إضافة إلى الرسوم المفروضة على حوالات العمالة الوافدة المقيمين في المملكة. وفرضت السلطات السعودية سلسلة عقوبات عنصرية تتمثل بالسجن والغرامة المالية والإبعاد عن المملكة بحق الوافدين إليها، تحت ذريعة الوقاية من كورنا، لتضاف لانتهاكات طويلة جسدية ومالية وجنسية تنتقدها منظمات وهيئات حقوقية دولية.
ويعاني الملايين من الوافدين إلى المملكة بحثا عن فرصة عمل أو الإيواء من حرب هنا أو هناك أشعلتها المملكة دون أن تطفئ نارها، من سلسلة انتهاكات وعقوبات تفرضها سلطات آل سعود بحق الوافدين المسلمين إلى بلاد الحرمين.
وغادر خلال العامين الأخيرين أكثر من 1.5 عامل وافد السعودية وفق بيانات رسمية، وازدادت وتيرة تسريح العمل عقب تفشي فيروس كورونا.
وبحلول كانون الثاني2019 بدء تنفيذ منع العرب والأجانب من العمل في خمسة أنشطة اقتصادية جديدة في السعودية، وتشمل هذه القطاعات متاجر الأجهزة الطبية ومواد البناء وقطع السيارات والسجاد والحلويات. وسبق لوزارة العمل السعودية أن اعلنت أوائل العام الماضي 2018 منع العرب والأجانب من العمل في 12 قطاعا آخر من ضمنها بيع الأجهزة الكهربائية ووسائل الاتصال.
ويزيد الضغط على الباقين منهم بالضرائب وارتفاع تكاليف المعيشة، إضافة إلى فرض رسوم سنوية عليهم وعلى أفراد عائلاتهم بحيث يدفع العامل عن نفسه رسما تزيد قيمته على 160 دولارا أمريكيا وعن كل مرافق من أفراد عائلته أكثر من نصف هذه المبلغ حاليا. ومع تنفيذ خطة لرفع هذه المبالغ خلال العام القادم سيصبح الوضع أصعب وأصعب على العمال العرب والأجانب الذين يتقاضى أكثر من نصفهم أقل من 1000 دولار شهريا كراتب شهري للعامل. ولا يستفيد هؤلاء من المكارم الملكية التي توزع على السعوديين فقط بسبب الارتفاع السريع في تكاليف المعيشة.
وجاءت الجائحة العالمية، كورونا، لتقحم الوافدين بأوضاع سيئة، بعدما سرحت الشركات السعودية مئات الآلاف من الوافدين خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري، وفق مركز الدراسات الاقتصادية الخليجية. وبذريعة مواجهة الجائحة، أقرت وزارة الداخلية في المملكة، في يونيو، سلسلة أحكام وعقوبات مقررة بحق مخالفي الإجراءات والتدابير الوقائية المتخذة لمواجهة الفيروس. ووفق وزارة الداخلية التي أقرت أربعة عشر حكما وعقوبة جديدة بحق الوافدين، فإن المخالفين أمامهم عقوبات قاسية.
في الختام.. إن منع العمل والرسوم وفرض ضرائب جديدة وارتفاع الأسعار إلى جانب إجراءات إدارية وأمنية يتخللها القسر والعنف والإهانة، أدت إلى مغادرة وترحيل ملايين العمال العرب والأجانب خلال الأعوام الأربعة الماضية بشكل سريع يثير القلق على مصير الباقين منهم هناك. وعلى سبيل المثال تقول المعطيات المتوفرة أن أكثر من مليون عامل أجنبي فقدوا وظائفهم في أقل من عامين.