الراعي ورعاية الحكومة… الخرق بعيد المنال
دخل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على خطّ الازمة الحكومية بقوة بعدما أدرك أن لا أمل بامكان ولادة الحلّ الحكومي قريباً.
بعد زيارة الرئيس المكلّف سعد الحريري الصرح البطريركي في بكركي ولقاء الراعي أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يُسجّل أي خرق جدّي يمكن الحديث عنه أو يوحي بتقدّم ملف التأليف خطوة إلى الأمام.
ولن يكتفي الراعي حسب تأكيدات الصرح البطريركي بلقاء عون والحريري بل إنّه سيكثّف لقاءاته واتصالاته خلال الساعات المقبلة إلى ان يتحقق الهدف المرجو من هذا الحراك.
وبات معلوماً ان زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لن تحصل قريباً بسبب إصابته بفيروس كورونا، لذلك فان هذا الأمر يرتّب مسؤوليات مضاعفة على البطريرك الماروني الذي يحاول السير بين النقاط ولا يريد إطلاق المواقف التي تزيد التأزم على رغم هجومه على السياسيين في عظاته.
وفي عظة الأحد أكّد أن أحداً لا يريد إستهداف موقع رئاسة الحكومة على خلفية إستدعاء الرئيس المستقيل حسان دياب للتحقيق في جريمة المرفأ، ما يعطي نفحة تطمينية إلى الحريري وسط تأكيد بكركي أن القضاء يجب أن يأخذ مجراه والجميع يجب ان يمثل أمامه كائناً من كان، ولا داعي للتمترس وراء الطائفة.
وبالأمس، ومن بعبدا، إستنكر البطريرك الراعي الحملات التي يتعرّض لها رئيس الجمهورية في إشارة واضحة إلى ان بكركي لا تزال تحرص على موقع رئاسة الجمهورية، وبالتالي فان الراعي “يريد أن يأكل عنباً لا أن يقتل الناطور” إلى حين حدوث التغيير الشامل.
وإذا كانت لقاءات الراعي مع عون والحريري قد تناولت الملف الحكومي إلا أن الاكيد أن مروحة الإتصالات ستطال كل القوى السياسية ولن تقف على أعتاب بعبدا و”بيت الوسط” لأن بكركي تعتبر أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، بل إن الجميع مطالب بالبحث عن حلول والعمل على تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء المتصارعين لأن الوضع لا يحتمل مزيداً من التعطيل والتأجيل للإستحقاق الدستوري.
إذاً، شكّل الملف الحكومي المادة الدسمة خلال لقاء الراعي – عون، لكن لم تحدث فجوة كبيرة في الموقف الرئاسي الذي لا يزال يُطالب باعتماد وحدة المعايير في عملية التأليف، وليس الإستنسابية عبر إعطاء فئة لبنانية معينة كل مطالبها وحجب ما هو حقّ للفئة الأخرى.
وبالتوازي مع كل تلك الإتصالات والحراك، فان الراعي لا يزال يعلن عن تمسكه بحكومة إختصاصيين مستقلة تبدأ باجتراح الحلول ولا تكون كالحكومات السابقة وتُطلق مسار الإصلاح الحقيقي.
ينتظر الجميع ما ستؤدي إليه حركة البطريرك الراعي ليبنى على الشيء مقتضاه، مع الترجيحات بأن العقبات السياسية الداخلية تقف حجر عثرة في وجه أي تحرك ممكن لأن القوى السياسية لا تريد تسهيل الولادة الحكومية.
وعلى رغم الحراك الداخلي الذي يقوده البطريرك، إلا أن الأساس يبقى في ما تتفق عليه الدول الكبرى وإذا ما كان هناك قرار خارجي بتسهيل ولادة الحكومة أو إن الأمور ستبقى معلقة إلى أجل غير منظور، ومعها تزداد حالات الجوع بين الشعب والتي حذّر منها الراعي من على منبر بعبدا.