تحقيقات - ملفات

كم تغيرت ألمانيا.. ألمانيا الشابة التي صارت عجوزا !!

نارام سرجون

من منا لايذكر وزير الحرب الامريكي رامسفيلد الشهير بتعليقاته الجارحة والصلفة .. ولعل أكثر عبارة سياسية اشتهر بها وكادت ان تدفع اوروبا الى التمرد فعليا في وجه أميريكا عندما قال بعبارة صلفة مقللا من قيمة أوروبا ومستخفا ومستهينا بها الى درجة الاحتقار بسبب أنه لم يستطع ان يرغم أوروبا على تأييد غزو العراق فقال: علينا ان نميز بين أوروبا العجوز وأوروبا الجديدة .. وكان يعني ان اوروبا  القديمة التقليدية التي نعرفها لم يعد لها قيمة او طريقة تفكير سياسي يعتمد عليها .. وأوروبا القديمة كانت في نظره ألمانيا وفرنسا اللتان أعلنتا التمرد الكامل والرفض المطلق للأدلة الامريكية الواهية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية .. ويومها صرخ وزير الخارجية الالماني في وجهه أمام الكاميرات وهو غاضب: آسف .. لم تقنعني كل وثائقك وأدلتك .. فيما كان رامسفيلد يستشيط غضبا .. ويقال ان رامسفيلد وصلفه هو الذي مهد لوصول باراك أوباما الى السلطة لأن الحرج الذي اصاب صناع القرار الامريكان من مرحلة بوش واهانات رامسفيلد الوقحة وفضائح الحرب على العراق وابوغريب جعلت اميريكا تبحث عن مصالحة مع أوروبا ومصالحة مع سمعتها فأتت بالرئيس الأسمر أوباما الذي كان واجهة لحكم هيلاري كلينتون البيضاء والتي كانت واجهة تخفي خلفها وجه جورج بوش وكل العنصرية البيضاء ..

يومها كانت ألمانيا شابة ولم تكن عجوزا ولذلك تمردت .. وعندما رفع بوش سبابته في وجهها أمسكت سبابته وثنتها وقالت له ألمانيا لن تغير موقفها .. لايوجد مبرر أخلاقي وسياسي مقنع لغزو العراق ..

اليوم شاخت ألمانيا وهرمت منذ ان دخل الاميريكون بغداد .. ويبدو ان ذلك الانتصار العسكري السهل الامريكي اصابها بالجزع والهم والغم فقررت ان تسلم كل أوراقها للامريكان .. وكانت بداية التسليم في اغتيال الحريري حيث أرسلت الثعلب الأحمر المحقق ديتليف ميليس ليفبرك اتهامات ضد سوريا وحلفائها في لبنان وظهر ضمورها في حرب 2006 .. ولكن في الحرب السورية تصرفت ألمانيا فعلا كبلد عجوز لاحيلة له ولاقوة وكانت تتصرف بشكل مهين لسمعة ألمانيا التي كانت تختزن شعورا بالكبرياء لأنها زعيمة طبيعية لأوروبا مهما هزمت .. في سورية كانت ألمانيا ليست المانيا .. مذعنه ومرغمة بلا ادنى شك وهي تنفذ أوامر امريكا في الحرب على سوريا وتصوت معها وتوافق معها وتردد معها كالببغاء كل ماتقول .. ولم تثن لها اصبعا ولم تقل لها ان كل ماسيق من حرب دعائية لايقنع ألمانيا ..

ولذلك كان لابد للمندوب السوري في آخر خطاباته في الامم المتحدة قبل عودته لممارسة عمله في وزارة الخارجية السورية كان لابد له من أن يسدي نصيحة لهذه الألمانيا التي هرمت وصارت عجوزا ضعيفة الصوت وبلا أسنان ولا لسان .. لعل الصوت السوري يوقظها ويوقظ فيها حس الكرامة الذي ذهب في الحرب على سوريا وكان دور ألمانيا فيها هو مثل الخادم الذي يلحق سيده الامريكي وهو يحمل له المناشف والمعاطف والأحذية والحقائب ويفتح له باب السيارة وحمل اطفاله ويرضعهم ويعتني بكلاب السيد ..

وقرر الدكتور الجعفري أن يودع زميله الألماني بمثل مايستحقه حمال المعاطف والمناشف والاحذية والحقائب وناطور الكلاب .. وسرد له قصة الحرب على سوريا وقصة التجاهل والتزوير التي تورطت بها أوروبا بمن فيها ألمانيا الدولة العجوز التي صارت تستحق عكازين في السياسة بعد أن وقفت على رجليها آخر مرة قبل سقوط بغداد ورفعت صوتها آخر مرة عام 2003 .. ومن يومها صار وزن ألمانيا مثل وزن العراق او الصومال او البحرين .. بلاد محتلة بالقوة الامريكية .. والسفارة الامريكية فيها هي التي ترسل البيانات السياسية ليقرأها المندوبون والمسؤولون على انها بيانات المانية او عراقية او صومالية ..

هذه صرخة سوريا في اذن العجوز الالمانية وفيها ايضا ازدراء لهذا المصير المهين لالمانيا .. وهي تسمع قصة الحرب السورية التي لاتجرؤ على ان تعترف انها ارتكبت فيها الآثام والخطايا والجرائم .. بحق الشعب السوري.

 

المصدر: نارام سرجون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى