وليد شقير-نداء الوطن
يمكن لبعض القادة السياسيين، ولا سيما فريق الرئاسة أن يغتبط بتأجيل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان بعد إعلان إصابته بـ”كورونا”. التأجيل وفر عليهم إحراجات وارتباكاً في التعامل معه. إذ كان عليهم أن يخترعوا الذرائع لتبرير أسباب تأخيرهم حكومة المهمة، التي تراهن فرنسا على أن تطلق الإصلاحات العاجلة الواردة في خريطة الطريق التي وضعها رئيسها، من أجل إنقاذ لبنان من الانهيار الكارثي مالياً ومعيشياً وسياسياً.
فريق الرئاسة يعلم أن ماكرون يعلم، من يؤخر الحكومة وأنه قد يكرر على مسامع رئيس الجمهورية أنه “المسؤول” وأن العجلة تقتضي تأليف الحكومة، كما جاء في رسالته إلى الرئيس عون في عيد الاستقلال.
في وقت يبدو تأليف الحكومة معلّقاً حتى إشعار آخر ومعه الخطوات الإنقاذية، يذهب كل فريق إلى ترتيب أوضاعه في صراعه مع الخصوم. لكن هذا لن يلهي الناس عن مآسي التدهور اليومي في أحوالها المعيشية، ولا عما هو آتٍ طالما أن هناك من يتولى الحفر في القعر نتيجة لامبالاة الفريق الحاكم بالوضع الاقتصادي المالي.
بانتقال الصراع على السلطة إلى وضع الأهداف الفئوية والطائفية في الصدارة، هناك مراهنات وحسابات حول إمكان إفادة البعض من المعادلات الإقليمية، في وقت لا شيء في يد معظم الفرقاء على رغم أوهام امتلاك أوراق، وأولهم الفريق الرئاسي. فهمّه إخراج نفسه من العزلة التي يوحي بأن انفجار 4 آب الكارثي في المرفأ فكّها. يسعى إلى توظيف الملفات القضائية المتعلقة بالفساد لحشر سائر الفرقاء معتقداً أنه بهذا الأسلوب الجهنمي يمكن جلبهم إلى بيت الطاعة، وبأنه بهذه الطريقة يمكن تحميلهم مسؤولية التدهور في أحوال الناس المالية والاجتماعية. مع شبه الانقطاع في علاقته بقادة السنة بعد نقل السجال بينه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري إلى العلن، يراهن على الإفادة من حاجة “حزب الله” إليه في الظروف الإقليمية الدولية الحرجة التي يمر بها جراء الضغوط الدولية على إيران. لكنه في الوقت نفسه يحرج الحزب في علاقته مع الحلفاء وفي طليعتهم الرئيس نبيه بري، فضلاً عن أنه يحصد نصيبه من النقمة الشعبية المتصاعدة ضد العهد كما سائر الطبقة السياسية. وخلافه مع الزعامة الدرزية يتعمق. أما علاقاته مع الفرقاء المسيحيين فحدث ولا حرج، إذ أن كل أحزابهم المعارضة له، لا يتواصل مع الرئاسة، فيما يتدرج حزب “القوات اللبنانية” في حملته عليه وصولاً إلى قول سمير جعجع قبل أيام، إن هذا الفريق ما زال يكذب منذ 15 سنة. همه فك العزلة عن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بعد العقوبات الأميركية عليه، والتي أغرقته في حال من الانعزال والتضييق على المستويات كافة، وصولاً إلى حذر المصارف في التعامل معه، وتكاثر الأطر المنشقة عن تياره.
همّ الفريق الرئاسي الحجر على الحكومة مقابل الحجر الدولي على باسيل، باسم الإصرار على الثلث المعطل، وتعطيل حركة خصومه بالملفات القضائية، والإمساك بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية لمقايضة نتائجها المحتملة بالعقوبات الصادرة والمنتظرة، ثم الإفادة من التأزم من أجل طرح تعديلات على اتفاق الطائف، قبل نهاية العهد، تعيد للرئاسة بعضاً من الصلاحيات التي أخذها منها، وتحقق اللامركزية المالية. يسود الاعتقاد وسط هذا الفريق بأن السعي الى “إنجازات” كهذه، يستنهض المسيحيين حوله وحول باسيل مجدداً.