“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر
وسط معركة “النايم واعي” على جبهة تلفزيون الجديد، الذي اشتهر بفضحه الكمية الاكبر من الوثائق والمعلومات حول فضائح المرفأ، وما يُعرف بالحرس العوني القديم، من جهة، وشدّ الحبال القائم بين المحقق العدلي القاضي فادي صوان، والطبقة السياسية – الامنية الحاكمة، المستميتة في الدفاع عن الدفعة الاولى من مطلوبيها، يقود اهالي ضحايا انفجار المرفأ، بالاصالة عن نفسهم، وبالنيابة عن اللبنانيين، حرب اسقاط النظام، الذي اطال من عمره الرئيس ماكرون أشهرا، مع احتوائه غضب الرابع من آب مجهضاً ثورته في عملية “بلف” انقلب فيها السحر على الساحر.
وبعيداً عن الجدل الدستوري – القانوني، في بلد “بتركب فيه دينة الجرة” وفقا للحسابات الخاصة، بعيداً عن ما ينص عليه “الكتاب”، نجح “الاستيذ” مرة جديدة في حساب لغة الوقت، محققاً هدفاً في مرمى “الريس فادي”، المصرّ على ما يبدو في اغراق المُدّعى عليهم، بمذكرات استدعاء اسبوعية للتحقيق، طالما انهم يتخلفون عن الادلاء بأقوالهم، في” لعبة عض اصابع” قد لا يطول الوقت قبل معرفة من سيصرخ “الآخ” اولا، رغم محاولات مجلس النواب بهيئته العامة اغراق المحقق العدلي بتفاصيل وملفات قد يحتاج درسها واحالتها والقرار فيها لاسابيع، وسط خطوة غير مفهومة لجأ اليها النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل طالبين نقل الدوى الى قاضٍ اخر.
وحده وسط هذه “المعمعة”، الوزير يوسف فنيانوس قرر تلبية الاستدعاء “بضمير مرتاح” ، رغم الموقف العالي النبرة والصادر عن مرجعيته السياسية، ايماناً منه ببراءته في هذا الملف، وانحسار مسؤوليته بعدم دفع مبلغ الـ 750 الف ليرة بدل اتعاب الخبير، ليفاجأ بتأجيل جلسته لاسباب لا يعلمها الا ميشال حايك وغريمته ليلى عبد اللطيف، لينضم الى موقف اجرأ اتخذه مدعي عام التمييز، في لحظة مفصلية، حازت تنويه محتجي الثورة وتأييدهم.
هنا، لا بد من التوقف امام نقطتين اساسيتين، الاولى تتعلق بمسار التحقيق، مفادها ان القاضي عويدات “يدحض” في مكان ما “خبرية الشرارة والتلحيم”، وهي مسألة اذا ما ثبتت، ويبدو اننا بتنا اقرب الى هذا التوجه، سيتغير مجرى التحقيق بالكامل، ويصبح عندها لزاماً استدعاء، المروجين لهذا السيناريو، كذلك مسربي التقارير الرسمية الى وسائل الاعلام انتقائياً خدمة لاهداف معينة وحرفا للتحقيقات، من امنيين وغيرهم، وقد باتت لوائحهم الاسمية موجودة منذ فترة.
أمّا الحقيقة الثانية فهي سياسية، حيث تقاطعت سابقا المعطيات الاقليمية والدولية على اختيار الرئيس عويدات كمرشح لرئاسة الحكومة، قبل ان يقع محظور اختيار السفير اديب. وهنا للتنويه فإن مدعي عام التمييز مطّلع بالكامل على التقريرين الفرنسي والاميركي بشان تفجير المرفأ، واللذان ما زالا سرّيان حتى اللحظة.
ولكن ماذا عن الوقت الضائع حالياً؟
الواضح ان المحقق العدلي يستعمله لاكمال خياطة شبكته العنكبوتية، بالاستماع الى الامنيين، الذين ستكرّ سَبحتهم تباعاً، من سابقين وحاليين، وصولاً الى اعلى هرمهم، مع بيان “كذب” بعضهم في التحقيقات الاولية. وهنا لا بد من التوقّف امام الادّعاء على المدير العام لامن الدولة، وتعيين جلسة للاستماع اليه.
بعيداً عن المواقف السياسية المسبقة من اللواء طوني صليبا ومديريته، ثمّة حقائق دامغة لم يعد ممكناً التغاضي عنها في رحلة البحث عن الحقيقة، مع تسجيل محاولات لالباس “امن الدولة” الكارثة عبر تسريبات مشبوهة المصدر. لذلك لا بد من ايراد الحقائق التالية:
1-يُسجّل لامن الدولة وللرائد نداف الفضل في الكشف عن الفضيحة، رغم ان هذا الجهاز هو اخر من دخل على خط الامن في المرفأ، واحدثهم. نقطة طرحت تساؤلان بارزان، الاعتداء على منزل النداف بعيد وضعه تقريره الاول، والذي بقي الجناة فيه مجهلون، والثاني انفجار العنبر بعد اكتشاف امن الدولة. يضاف الى كل ذلك مقتل ضابطين من الجمارك. فهل هي محض صدف؟ بالتأكيد لا.
2- واضح ان الثغرة لم تكن من صنع امن الدولة، وبكل الحالات وجودها في جدار من الباطون لا يحتاج الى تلحيم ولا قص. عليه ما هي القصة التي حُكي عنها اخيرا؟
تشير المعطيات الى انه يوم مباشرة سد الثغر في العنبر واصلاح الاعطال، لم ينجح فريق الصيانة بفتح الباب الاساسي، الامر الذي من اجل اتمامه هناك بحاجة للحصول على مفتاحين، الاول تملكه ادارة المرفأ، وقد سُلم، اما الثاني فمديرية الجمارك، وهو لم يُسلم، وبالتالي اكتفى فريق الصيانة بتلحيم الباب من الخارج، وهو ما تبيّنه الصورة التي التقطتها الشهيدة سحر فارس لرفاقها وهم يحاولون فتح باب العنبر قبيل دقائق من الكارثة. وبالتالي الصور الاخرى الموزعة خلال عمليات الصيانة غير حقيقية. (ربطا الصور)
هذه النقطة هي محورية وعليها يتوقف الكثير.
فهل يُقدم القاضي صوان على الهجوم، مضيفا اسماء جديدة على لائحة المُدعى عليهم من مسؤولين وموظفين؟ ولماذا اجل الاستماع الى افادة فنيانوس؟ وهل ستقبل الجهة المعنية بكف يده عن الملف بعد شكوى الخليل وزعيتر؟ هل يصوب التحقيق مع اللواء صليبا مسار التحقيق؟
انها لعبة الوقت اذاً، الكلمة فيها للشارع وضغطه، الذي فعل فعله في القاضي صوان “فشمّر عن زنوده وهجم”. “فالحق الذي وراءه مطالب لا يموت”، بحسب “الشاطر حسن”، المتسائل عن مذهب المحقق العدلي الماروني، وما اذا كان “شباكه” يطل على بعبدا… ايا يكن اكمال “الريس” لرحلته في تحقيق العدالة وبيان الحقيقة، يجعلانه مؤهلاً عن جدارة لقيادة عملية تطهير هذه البلاد وتنظيفها… امر لن يتحقق الا باستمرار ضغط الشارع، ذلك ان لحظة التراخي والزهو بانتصار موضعي، ستكون لحظة انقضاض السلطة لاعادة احياء نفسها…
وينشر “ليبانون ديبايت” ثلاث صور:
الاولى: تظهر محاولات كسر الباب وخلعه لازالة اللحام من قبل عناصر فوج الاطفاء، كما تظهر على الحائط كتابات داخل المربع الابيض.
الثانية، والتي قيل انها لفريق الصيانة تبين بداية عدم وجود كتابات داخل المربع، وثانياً عدم وجود اي ادوات تلحيم.
الثالثة: تظهر في خلفية اكياس النيترات وجود حائط اسمنتي في جزئه الاعلى شبابيك، ولا وجود لحديد يمكن قصه، خلافاً لكل المتداول.