عرضت القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ ليلة أمس الثلاثاء فيلمًا وثائقيًا عن عمليات اغتيال نفذّها الموساد الإسرائيليّ في العقود الأخيرة، تضمّن إعادة تمثيل اغتيال عالم الذرّة الإيرانيّ، البروفيسور محسن فخري زادة الشهر الماضي. يُشار إلى أنّ مُعّد الفيلم ومنتجه، المحلل للشؤون العسكريّة ألون بن دافيد، شدّدّ خلال الفيلم على أنّه حتى اللحظة لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن اغتيال فخري زادة.
وقال رام بن-باراك، النائب السابق لرئيس الموساد في حديثه للتلفزيون العبريّ إنّ الإيرانيين على قدرٍ كبيرٍ من الذكاء، الممارسة والخبرة وتنفيذ العمليات، ملمحًا إلى أنّ إسرائيل تلقّت منهم ضربات خلال الفترة السابقة، دون أنْ يعلم الجمهور العريض بذلك، دون أنْ يشير إلى دور الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة التي تمنع نشر مثل هذه الأخبار.
وفي معرِض ردّه على سؤالٍ أكّد بن-باراك أنّه من غير المستبعد بتاتًا أنْ تقوم طهران بتنفيذ عمليةٍ ثأريّةٍ ضدّ الدولة العبريّة، لافتًا إلى أنّ العملية لا يجب أنْ تكون بالضرورة داخل إسرائيل، مضيفًا أنّ إيران قادرة على تنفيذ عملية داخل الأراضي الإسرائيليّة، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى اللحظة، على حدّ قوله.
وشمل الفيلم (اغتيال ممركز في إيران) أيضًا مقابلات مع مسؤولين كبار في جهازيْ الموساد والشاباك الذين أكّدوا قدرة الأجهزة المخابراتيّة الإسرائيليّة على الوصول إلى كبار القادة العسكريين في الوطن العربيّ وفي إيران، وذلك في إطار السعي الإسرائيليّ إلى تعظيم قدرة الموساد والشاباك في الدفاع عن أمن الدولة العبريّة، حيث استرجع الفيلم عمليات اغتيال الشهيديْن أبو جهاد في تونس ويحيى عيّاش في غزّة، ورفض رئيس شعبة جمع المعلومات السابق في الموساد، تومير حاييم، الإجابة على سؤالٍ فيما إذا كانت إسرائيل تدفع الغالي والنفيس للعملاء من أجل تنفيذ مهام التجسس المنوطة بهم، مضيفًا أنّ إسرائيل تستخدِم عملاء أجانب لتنفيذ عدد من العمليات في الخارج، ولكن الاعتماد على الإسرائيليين يبقى الأضمن، كما قال.
وكان واضحًا من خلال متابعة الفيلم أنّ إسرائيل بشكلٍ غير رسميّ تتبنّى الرواية الإيرانيّة حول مقتل فخري زادة، والتي جاء فيها أنّ اغتيال أهّم رجلٍ في البرنامج النوويّ الإيرانيّ تمّ بوسائط تكنولوجيّةٍ متطورةٍ جدًا، وأنّ فريق الاغتيال نفذّ العملية بعد أنْ ضمن ابتعاده عن المنطقة، حيثُ أنّ العملية تمّت عن طريق وسائل التحكّم عن بعيد، وحتى أنّ صاحب السيارة التي نُصِب عليها المدفع الرشاش الذي أطلق الرصاصات القاتلة كان قد ترك الأراضي الإيرانيّة قبل يوميْن من موعدها لضمان سلامته.
ودون تحمّل المسؤولية عن عملية اغتيال فخري زادة احتفى الفيلم بالإنجاز التاريخيّ الإسرائيليّ، مشدّدًا على أنّ إيران تلقّت ضربةً قاصمةً إذْ أنّ الحديث يجري عن رجلٍ مُهّمٍ للغاية للبرنامج النوويّ، وبالإضافة إلى ذلك فإنّه كان الشخصية الأكثر حراسةً في الجمهوريّة الإسلاميّة، وبالتالي فإنّ الوصول إليه، شدّدّ مُعّد الفيلم، هو بحدّ ذاته نجاحًا باهِرًا، ناقلاً عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب قولها إنّ فخري زادة كان على علمٍ بأنّه الموساد من وراءه.
وبحسب إعادة تمثيل عملية اغتيال “أب البرنامج النوويّ الإيرانيّ”، التي عرضها التلفزيون العبريّ، فإنّ فخري زادة ارتكب خطأً جسيمًا عندما أصّر على قيادة السيارّة ورفض إعطاء المهّمة لحراسه، وبعد انطلاق الموكب من بيته إلى الهدف الذي كان يريد وزوجته الوصول إليه، تابع التلفزيون الإسرائيليّ، توصّل المسؤولون عن العملية إلى قرارٍ بتفعيل الرشاش الأوتوماتكيّ عن بعد، والذي أطلق سبع رصاصاتٍ أدّت لمقتل فخري زادة على الفور، في حين أنّ زوجته، التي كانت تجلس إلى جانبه لم تُصب بأذى.
وأنهى مُعّد الفيلم بتوجيه عدّة رسائل تهديد مبطنة لإيران قائلاً إنّه في الفترة الأخيرة شهد الموساد طفرةً تكنولوجيّةً في عمليات الاغتيال التي اعترف بها والتي نُسِبت إليه، وتابع أنّ إسرائيل، وهي تتوقّع ردًّا انتقاميًا إيرانيًا على مقتل عالِمها النوويّ المُهِّم، ستُواصِل العمل السريّ والعلنيّ لمنع الجمهوريّة الإسلاميّة من الوصول إلى القنبلة النوويّة، على حدّ قوله.
وغنيٌّ عن القول إنّ توقيت بثّ الفيلم ليس بريئًا بالمرّة، ويُمكِن إدخاله في إطار الحرب النفسيّة التي تشّنها إسرائيل ضدّ إيران، إذْ أنّه شمل قسميْن رئيسييْن: الأوّل، تعظيم قدرة الموساد بشكلٍ لافتٍ للغاية، والثاني، التأكيد على أنّ دولة الاحتلال ماضية في عمليات الاغتيال وأنشطة التخريب، للوصول إلى الهدف المنشود: منع إيران من الوصول إلى القنبلة النوويّة، التي تعتبرها إسرائيل تهديدًا وجوديًا عليها.
المصدر: القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ