أظهر فيزيائيون تقنية جديدة لعكس الوقت لموجة من الضوء البصري، حيث وجدوا طريقة لحث الموجة الضوئية على تتبع المسار الأمامي في الاتجاه المعاكس، والعودة إلى نقطة الأصل.
وهذه المرة الأولى التي يتم فيها تحقيق انعكاس الوقت للموجات الضوئية، مع التحكم الكامل في جميع درجات حرية الضوء في وقت واحد.
وسيكون هذا إنجازا هائلا في حد ذاته، ولكن الدرجة العالية من التحكم الزماني المكاني المطلوب، لها آثار على تطبيقات مثل التصوير والبصريات غير الخطية والمعالجة الدقيقة.
ويحدث الانعكاس الزمني للموجات عندما تنتشر الموجة عبر وسيط ما، ويعاد انبعاثها بطريقة من الجانب الآخر بحيث تعيد تتبع مسارها بدقة إلى المصدر.
وتحقق ذلك مع الموجات منخفضة التردد، مثل الموجات الصوتية وموجات الماء، وعلى الطيف الكهرومغناطيسي، والموجات الدقيقة. وحقق الفيزيائيون سابقا أيضا تحكما زمانيا مكانيا جزئيا في الموجات الضوئية. ولكن الترددات الأعلى من الموجات الضوئية يصعب قياسها، وبالتالي التحكم فيها.
وهذا ما يجعل جهد علماء الفيزياء من جامعة كوينزلاند (UQ) في أستراليا وNokia Bell Labs، رائعا للغاية.
ويشرح الفيزيائي في جامعة كوينزلاند، ميكائيل مونيكس: “تخيل إطلاق نبضة قصيرة من الضوء من بقعة صغيرة عبر بعض المواد المتناثرة، مثل الضباب. يبدأ الضوء في مكان واحد في الفضاء وفي نقطة زمنية واحدة، ولكنه يتشتت أثناء انتقاله عبر الضباب ويصل إلى الجانب الآخر في العديد من المواقع المختلفة في أوقات عديدة. وجدنا طريقة لقياس المكان بدقة كل هذا الضوء المتناثر، ثم قمنا بإنشاء نسخة “للخلف” من ذلك الضوء، مع إرساله مرة أخرى عبر الضباب”.
ويستعيد هذا الضوء المعاد إرساله عملية التشتت الأصلية للعودة إلى النقطة المفردة، التي انبعث منها الشعاع الأول، في نقطة زمنية واحدة.
ويتكون جهاز الفريق من آلة تشكيل نبضي، لمعالجة شكل نبضات الليزر، وتحويل الضوء متعدد المستويات، والذي يسمح للفريق بتحويل الضوء مكانيا.
وبهذه الطريقة، يمكن للباحثين التحكم في الضوء بدرجتين مكانيتين – السعة والمرحلة – بالإضافة إلى درجة زمنية واحدة أثناء انتقاله عبر الألياف الضوئية.
ويقول الباحثون إن الموجة الناتجة المعكوسة زمنيا يمكن مقارنتها بسحابة ضوئية عشوائية المظهر.
وتقول عالمة الفيزياء في جامعة كوينزلاند، جويل كاربنتر: “لإنشاء تلك السحابة الضوئية، عليك أن تأخذ كرة أولية من الضوء تطير في النظام، ثم تنحتها في الهيكل ثلاثي الأبعاد الذي تريده. يجب أن تتم عملية النحت في مقاييس زمنية تبلغ أجزاء من تريليون من الثانية، لذلك فإن النحت سريع جدا باستخدام أي أجزاء متحركة أو إشارات كهربائية”.
ويمكن رؤية التحكم الاستثنائي الذي حققه الفريق في سلسلة من الصور. قاموا بضبط الجهاز بحيث، في النهاية البعيدة، رسم الضوء أشكالا، مثل أحرف الأبجدية، أو وجه مبتسم.
ويمكن أن يسمح هذا المستوى من التحكم بتركيز الموجة على منطقة قد يكون من المستحيل الوصول إليها باستخدام الوسائل التقليدية.
وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية أن “هذا النوع الجديد من التحكم في البصريات” يمكن أن يفتح العديد من الاحتمالات، التي ليست مجرد تعميمات للتظاهرات السابقة لظواهر التردد المنخفض، مع تطبيقات مثل الفحص المجهري غير الخطي، والصناعات الدقيقة، والبصريات الكمومية، والحبس البصري.
ونُشر البحث في مجلة Nature Communications.
المصدر: ساينس ألرت