البناء
كشفت مجلة فورين بوليسي، أن أول مشكلة خارجية يتعين على الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، مواجهتها فور توليه السلطة في 20 كانون الثاني المقبل، هي الأزمة الاقتصادية الحادة في العراق.
وذكرت المجلة في تقريرها أن «العراق يتّجه إلى الانهيار المالي، وفي حالته الهشة الحالية، من المرجح أن يؤدي هذا الانهيار إلى انهيار نظامه السياسي المتهالك، مما قد يؤدي بعد ذلك إلى إشعال جولة أخرى من الحرب الأهلية».
وعلى مدى العقدين الماضيين، خلق الفساد مشكلة ذات رأسين للعراق، أولها أن الحكومات العراقية الضعيفة والمتواطئة المتوالية سمحت لكل حزب سياسي كبير بإدارة وزارة أو أكثر، مما أدى إلى ظهور شبكات ضخمة من المحسوبية والفساد تمتص عائدات النفط وتمررها إلى أتباعها في شكل وظائف وعقود وامتيازات.
والمشكلة الثانية، أن انتشار الكسب غير المشروع بشكل فعال أدّى إلى خنق ما كان يمتلكه القطاع الخاص القليل في العراق، مما يعني أنه لا يوجد الكثير من البدائل لوظائف القطاع العام، الامر الذي دفع المواطنين الى الاعتماد على الحكومة بشكل كبير في كسب عيشهم، سواء بالوظائف أو المعاشات.
وبحسب الصحيفة، ارتفع عدد العاملين في القطاع العام ثلاثة أضعاف منذ 2004، كما ارتفعت الرواتب التي تدفعها الحكومة بنسبة 400 % مما كانت عليه قبل 15 عاماً، والنتيجة هي أن بغداد تحتاج إلى 5 مليارات دولار شهريًا لدفع الرواتب المباشرة والمعاشات التقاعدية، بالإضافة إلى ملياري دولار أخرى لتغطية الخدمات الأساسية وتكاليف التشغيل.
ومنذ تفشي وباء كورونا وانهيار أسعار النفط، التي توفر حوالي 90 في المئة من الإيرادات الحكومية، تراجع الدخل الشهري للعراق بين 2.5 و 3.5 مليار دولار، وهذا يعني أن بغداد تعاني من عجز شهري يتراوح بين 3.5 و 4.5 مليار دولار.
وبسبب كل هذا بدأت احتياطات العراق من العملة الصعبة بالنفاد، ومع صيف العام المقبل ستنخفض احتياطات العراق من العملة بشكل خطير، مما يجعل الدولة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها مثل دفع الرواتب.
وأضافت الصحيفة أن الجماعات المسلحة، ستعمل على ملء الفراغ واغتصاب دور قوات الأمن الأساسية في العراق، مما يؤدي إلى اشتعال القتال بينهم في محاولة للسيطرة على موارد الدخل مثل حقول النفط والموانئ والمعابر الحدودية والشركات الكبيرة والأراضي الزراعية والممتلكات الخاصة، وتحدث جولة أخرى من الصراع الأهلي.
ومن المؤكد أن الدول المجاورة للعراق مثل تركيا وإيران والسعودية ستدخل لتأمين مصالحها، مما سيؤدي إلى تفاقم الوضع واشتعال الصراع في منطقة الشرق الأوسط مرة ثانية، وهوما سيؤثر على أميركا بطبيعة الحال.