الأخبار
على رغم الابتهاج الكبير الذي رافق قرار رفع اسمه من القائمة الأميركية لـ«الدول الراعية للإرهاب»، لم يكن السودان أوّلَ بلدٍ يحظى بتلك «المباركة»، ولن يكون الأوّل، أيضاً، في ما لو أُعيد إدراجه ضمنها في ظروف مختلفة. تُبيّن السياقات أن السياسات الأميركية تنسحب، في جزء كبير منها، على مزاج الإدارة الحاكمة وتوجّهاتها، فضلاً عن أنها تُجلِّي بوضوح مدى احتكام القرارات «الظرفية»، والحال هذه، إلى المصلحة الآنية للرئاسة، ودونالد ترامب خير مَن رسّخ صورة أميركا كما هي، من دون قفّازات.
كما في كلّ عام، تعلن وزارة الخارجية الأميركية عن قائمتها لـ«الدول الراعية للإرهاب»، وتحتكم في قرارها إلى نصوص قوانين، أبرزها: «قانون إدارة الصادرات»، و«قانون مراقبة تصدير الأسلحة»، و«قانون المساعدة الخارجية». على أن هذا «النشاط» بدأ بموجب «قانون إدارة الصادرات» لعام 1979 الذي شكّل تحديد شروط الرقابة على الصادرات الغرض العام منه. وفي هذا السياق، تمّ النظر في إدراج «الدول الإرهابية» باعتباره وسيلة لربط السياسة التجارية بالعمل ضدّ مشكلة الإرهاب الدولي الناشئة. بمرور الزمن، سيصبح التصنيف مرتبطاً بعقوبات مختلفة تتجاوز القيود التجارية إلى وضع قيود صارمة على المساعدات الخارجية، وفرض حظر على صادرات الأسلحة، بالإضافة إلى القيود المالية المتنوعة.
انطلقت تلك القائمة في الـ29 من كانون الأول/ ديسمبر من عام 1979، وضمَّت وقتها ليبيا والعراق واليمن الجنوبي وسوريا، وأضيفت كوبا إليها في آذار/ مارس من عام 1982، وإيران في كانون الثاني/ يناير 1984، وكوريا الشمالية في عام 1988، والسودان في آب/ أغسطس من عام 1993. دول عدّة خرجت من القائمة بعد تسويات مماثلة لما حدث مع السودان، أو نتيجةَ تغيير خريطة علاقاتها مع الولايات المتحدة، من بينها: اليمن الجنوبي الذي خرج عام 1990 بعد اتفاق الوحدة، والعراق في عام 2004، وليبيا عام 2006 وكوبا عام 2015. وبينما أصبحت دول خارج القائمة، وأُعيدت إليها مرة أخرى مثل كوريا الشمالية التي خرجت عام 2008، ودخلتها من جديد في الـ20 من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2017، والعراق الذي ترك القائمة عام 1982، ثم انضمّ إليها مرّة أخرى عام 1990، لم تطرأ أيّ تغييرات منذ عام 1993. ومع خروج السودان، أخيراً، تبقى حالياً ثلاث دول مدرجة ضمن القائمة الأميركية، هي: جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وإيران، وسوريا.
عندما ألقى الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، خطابه عن حال الاتحاد في عام 2005، وصف إيران بأنها «الدولة الرئيسة الراعية للإرهاب في العالم»، فيما اشتكى من استمرار سوريا في «إيواء الإرهابيين الذين يسعون إلى تدمير كلّ فرصة للسلام في المنطقة». ردَّد هذا الخطاب صدى آخر أُلقي في المناسبة نفسها في عام 2002، عندما وصمت إدارة بوش الابن إيران والعراق وكوريا الشمالية بـ«محور الشرّ». هذه النعوت الصادرة عن المسؤولين الأميركيين، متجذّرة في تحليل رسمي لوزارة الخارجية أصبح حجر الزاوية في استراتيجية الولايات المتحدة العالميّة. ومع ذلك، لم يبدأ الإدراج الرسمي لـ«الدول الراعية للإرهاب» كمشروع للسياسة الخارجية، بل استناداً إلى تشريع غير معروف لمَن هم خارج مجال التجارة. كان «قانون إدارة الصادرات» لعام 1979 بمثابة مراجعة للتشريعات التجارية التي يعود تاريخها إلى عام 1940: «قانون مراقبة الصادرات». عندما تمّت إعادة كتابة هذا القانون الأصلي في عام 1949، هيمنت الحرب الباردة على تفكير الأميركيين في الشؤون الدولية، وتمّ تبنّي إجراءات قوية تمنح الرئيس سلطة منع أو تقييد الصادرات إلى دول الكتلة الشيوعية. أكّد قانون عام 1979 الاتجاه المعاكس، الذي ظهر للمرّة الأولى في الكونغرس عام 1969، نحو تسهيل بيع السلع إلى الدول الشيوعية. تمّت كتابة مشروع القانون في اللجنة الفرعية المالية الدولية للمصارف بهدف محدَّد متمثّل في كسر الحواجز أمام التجارة، حتى إن رئيس اللجنة أعرب عن خشيته من أن الولايات المتحدة، باهتمامها المفرط بالأمن القومي، «تطلق النار على نفسها» في مجال التجارة. مع انحسار «خطر الشيوعية»، بدأ نوع آخر من التهديد يكتسب زخماً على الساحة الدولية: «الإرهاب». في الواقع، وُصفت السبعينيات بأنها «عقد الإرهاب الجوي»، نظراً إلى مجموع الحوادث التي وقعت في تلك الفترة.
عكَس «قانون إدارة الصادرات» الرغبة المزدوجة في توسيع سوق السلع الأميركية مع الحفاظ على الاتّساق بين النشاط التجاري للدولة وعلاقاتها الدولية. وفي حين خَفّض من حجم الممنوعات لأسباب تتعلق بالأمن القومي، أجاز، في الوقت ذاته، ضوابط التصدير لثلاثة أسباب: تجنّب النقص في السلع وتضخم الأسعار المرتبط بها في السوق المحلية؛ حماية الأمن القومي من خلال تقييد توافر السلع ذات الاستخدامات العسكرية المحتملة؛ والسيطرة على الصادرات لأسباب تتعلّق بالسياسة الخارجية. تحت هذا العنوان الأخير، يقع على عاتق وزارة الخارجية إخطار الكونغرس بالدول التي تدعم الإرهاب، قبل أيّ موافقة على تراخيص التصدير لها من قِبَل وزارة التجارة.
بناءً على القانون الآنف، تمّ وضع شرط القائمة السنوية لـ«الدول الراعية للإرهاب» في عام 1987. وعلى رغم أن معايير القائمة ليس منصوصاً عليها في النظام الأساسي، فإن العناصر التي تحدّد اختيار الدول واضحة إلى حدّ كبير من جرّاء المحتويات المطلوبة للتقرير. وينصبّ التركيز على تحديد الدول التي ساعدت «الإرهابيين» من خلال: الدعم السياسي والمالي؛ الدعم الدبلوماسي؛ وتوفير الملاذ الآمن (وهذه حالة السودان). بموجب القانون، لا يمكن إلغاء التصنيف من دون «تغيير جوهري في قيادة وسياسات حكومة الدولة المعنية». وعندما تمّ تجديد «قانون إدارة الصادرات» في عام 1985، تَبيّن أن إدارتَي جيمي كارتر ورونالد ريغان أرسلتا بعض التقارير لإخطار الكونغرس بتصدير البضائع ذات الإمكانات العسكرية إلى دول من بينها إيران. ردّ الكونغرس بفرض حظر تامّ على الصادرات العسكرية إلى قائمة «الدول الراعية للإرهاب». وبعد سلسلة من التشريعات في عدّة مجالات منذ عام 1990، أصبحت الدول التي حدّدتها وزارة الخارجية خاضعة لحظر المساعدة الاقتصادية، وفرض قيود على المعاملات المالية وأنواع أخرى من التعاملات مع الشركات والأفراد الأميركيين، وخسارة الحصانة القانونية من التقاضي المدني في المحاكم الأميركية.
كما في كلّ عام، تعلن وزارة الخارجية الأميركية عن قائمتها لـ«الدول الراعية للإرهاب»، وتحتكم في قرارها إلى نصوص قوانين، أبرزها: «قانون إدارة الصادرات»، و«قانون مراقبة تصدير الأسلحة»، و«قانون المساعدة الخارجية». على أن هذا «النشاط» بدأ بموجب «قانون إدارة الصادرات» لعام 1979 الذي شكّل تحديد شروط الرقابة على الصادرات الغرض العام منه. وفي هذا السياق، تمّ النظر في إدراج «الدول الإرهابية» باعتباره وسيلة لربط السياسة التجارية بالعمل ضدّ مشكلة الإرهاب الدولي الناشئة. بمرور الزمن، سيصبح التصنيف مرتبطاً بعقوبات مختلفة تتجاوز القيود التجارية إلى وضع قيود صارمة على المساعدات الخارجية، وفرض حظر على صادرات الأسلحة، بالإضافة إلى القيود المالية المتنوعة.
انطلقت تلك القائمة في الـ29 من كانون الأول/ ديسمبر من عام 1979، وضمَّت وقتها ليبيا والعراق واليمن الجنوبي وسوريا، وأضيفت كوبا إليها في آذار/ مارس من عام 1982، وإيران في كانون الثاني/ يناير 1984، وكوريا الشمالية في عام 1988، والسودان في آب/ أغسطس من عام 1993. دول عدّة خرجت من القائمة بعد تسويات مماثلة لما حدث مع السودان، أو نتيجةَ تغيير خريطة علاقاتها مع الولايات المتحدة، من بينها: اليمن الجنوبي الذي خرج عام 1990 بعد اتفاق الوحدة، والعراق في عام 2004، وليبيا عام 2006 وكوبا عام 2015. وبينما أصبحت دول خارج القائمة، وأُعيدت إليها مرة أخرى مثل كوريا الشمالية التي خرجت عام 2008، ودخلتها من جديد في الـ20 من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2017، والعراق الذي ترك القائمة عام 1982، ثم انضمّ إليها مرّة أخرى عام 1990، لم تطرأ أيّ تغييرات منذ عام 1993. ومع خروج السودان، أخيراً، تبقى حالياً ثلاث دول مدرجة ضمن القائمة الأميركية، هي: جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وإيران، وسوريا.
عندما ألقى الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، خطابه عن حال الاتحاد في عام 2005، وصف إيران بأنها «الدولة الرئيسة الراعية للإرهاب في العالم»، فيما اشتكى من استمرار سوريا في «إيواء الإرهابيين الذين يسعون إلى تدمير كلّ فرصة للسلام في المنطقة». ردَّد هذا الخطاب صدى آخر أُلقي في المناسبة نفسها في عام 2002، عندما وصمت إدارة بوش الابن إيران والعراق وكوريا الشمالية بـ«محور الشرّ». هذه النعوت الصادرة عن المسؤولين الأميركيين، متجذّرة في تحليل رسمي لوزارة الخارجية أصبح حجر الزاوية في استراتيجية الولايات المتحدة العالميّة. ومع ذلك، لم يبدأ الإدراج الرسمي لـ«الدول الراعية للإرهاب» كمشروع للسياسة الخارجية، بل استناداً إلى تشريع غير معروف لمَن هم خارج مجال التجارة. كان «قانون إدارة الصادرات» لعام 1979 بمثابة مراجعة للتشريعات التجارية التي يعود تاريخها إلى عام 1940: «قانون مراقبة الصادرات». عندما تمّت إعادة كتابة هذا القانون الأصلي في عام 1949، هيمنت الحرب الباردة على تفكير الأميركيين في الشؤون الدولية، وتمّ تبنّي إجراءات قوية تمنح الرئيس سلطة منع أو تقييد الصادرات إلى دول الكتلة الشيوعية. أكّد قانون عام 1979 الاتجاه المعاكس، الذي ظهر للمرّة الأولى في الكونغرس عام 1969، نحو تسهيل بيع السلع إلى الدول الشيوعية. تمّت كتابة مشروع القانون في اللجنة الفرعية المالية الدولية للمصارف بهدف محدَّد متمثّل في كسر الحواجز أمام التجارة، حتى إن رئيس اللجنة أعرب عن خشيته من أن الولايات المتحدة، باهتمامها المفرط بالأمن القومي، «تطلق النار على نفسها» في مجال التجارة. مع انحسار «خطر الشيوعية»، بدأ نوع آخر من التهديد يكتسب زخماً على الساحة الدولية: «الإرهاب». في الواقع، وُصفت السبعينيات بأنها «عقد الإرهاب الجوي»، نظراً إلى مجموع الحوادث التي وقعت في تلك الفترة.
عكَس «قانون إدارة الصادرات» الرغبة المزدوجة في توسيع سوق السلع الأميركية مع الحفاظ على الاتّساق بين النشاط التجاري للدولة وعلاقاتها الدولية. وفي حين خَفّض من حجم الممنوعات لأسباب تتعلق بالأمن القومي، أجاز، في الوقت ذاته، ضوابط التصدير لثلاثة أسباب: تجنّب النقص في السلع وتضخم الأسعار المرتبط بها في السوق المحلية؛ حماية الأمن القومي من خلال تقييد توافر السلع ذات الاستخدامات العسكرية المحتملة؛ والسيطرة على الصادرات لأسباب تتعلّق بالسياسة الخارجية. تحت هذا العنوان الأخير، يقع على عاتق وزارة الخارجية إخطار الكونغرس بالدول التي تدعم الإرهاب، قبل أيّ موافقة على تراخيص التصدير لها من قِبَل وزارة التجارة.
بناءً على القانون الآنف، تمّ وضع شرط القائمة السنوية لـ«الدول الراعية للإرهاب» في عام 1987. وعلى رغم أن معايير القائمة ليس منصوصاً عليها في النظام الأساسي، فإن العناصر التي تحدّد اختيار الدول واضحة إلى حدّ كبير من جرّاء المحتويات المطلوبة للتقرير. وينصبّ التركيز على تحديد الدول التي ساعدت «الإرهابيين» من خلال: الدعم السياسي والمالي؛ الدعم الدبلوماسي؛ وتوفير الملاذ الآمن (وهذه حالة السودان). بموجب القانون، لا يمكن إلغاء التصنيف من دون «تغيير جوهري في قيادة وسياسات حكومة الدولة المعنية». وعندما تمّ تجديد «قانون إدارة الصادرات» في عام 1985، تَبيّن أن إدارتَي جيمي كارتر ورونالد ريغان أرسلتا بعض التقارير لإخطار الكونغرس بتصدير البضائع ذات الإمكانات العسكرية إلى دول من بينها إيران. ردّ الكونغرس بفرض حظر تامّ على الصادرات العسكرية إلى قائمة «الدول الراعية للإرهاب». وبعد سلسلة من التشريعات في عدّة مجالات منذ عام 1990، أصبحت الدول التي حدّدتها وزارة الخارجية خاضعة لحظر المساعدة الاقتصادية، وفرض قيود على المعاملات المالية وأنواع أخرى من التعاملات مع الشركات والأفراد الأميركيين، وخسارة الحصانة القانونية من التقاضي المدني في المحاكم الأميركية.