يسود الترقب على الساحة الداخلية اللبنانية لا سيما في موضوعين أساسيين، لعل أولها على الاطلاق المسار القضائي في ضوء الخطوات المتتالية التي يتخذها المحقق العدلي القاضي فادي صوان في قضية انفجار مرفأ بيروت. أما الملف الثاني فهو زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بيروت الاسبوع المقبل وجدول أعماله الذي من المتوقع ان يعلن عنه في الساعات القليلة المقبلة، وما قد يحمله من رسائل مباشرة الى الطبقة السياسية اللبنانية خصوصاً وانه من المتوقع الا يشمل أي زيارات سياسية بل ان يقتصر فقط على زيارة القوات الفرنسية العاملة في اليونيفيل، والمجتمع المدني، إضافة طبعاً الى الزيارة البروتوكولية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
التحقيقات مستمرة
في مسار منفصل عن الصخب السياسي، يواصل المحقق العدلي القاضي فادي صوان السير بخطوات ثابتة في تقفي أثر المدعى عليهم الأربعة في جريمة المرفأ، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، وتتجه اليوم إلى اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي برئاسة الرئيس نبيه بري لرصد ما ستخرج به الهيئة من موقف حيال استدعاءات دياب والنائبين خليل وزعيتر، تنقل مصادر نيابية مطلعة على أجواء عين التينة لـ”نداء الوطن” أنّ “الرئيس بري حاسم في وجوب نقل الملف إلى مجلس النواب”، مستنداً في ذلك إلى موضوع “وصف الجرم” الذي سطّره المحقق العدلي في ادعاءاته ليكون ذلك “دليلاً موجباً للتمسك بطلب تسليم الملف إلى المجلس”. وفي الإطار عينه، تشير المصادر إلى أنّ بري يرتكز كذلك على “رسالة صوان نفسه إلى مجلس النواب”، ويسأل: “لولا أن هذه الرسالة تعني أنّ التحقيق مع الأسماء المشمولة فيها يخضع للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، لماذا إذاً آثر صوان إرسالها بالدرجة الأولى إلى المجلس النيابي؟”.
وفي المقابل، تكشف مصادر قضائية لـ”نداء الوطن” أنّ المحقق العدلي في جريمة المرفأ يعتبر أنه أدى واجبه في مراسلة المجلس النيابي ولكنه عندما لم يلمس تجاوب المجلس مع رسالته، كان ذلك بمثابة تكريس لصلاحيته في استكمال التحقيق وتسطير الادعاءات بحق من تثبت عليه شبهة التورط أو الإهمال والإخلال بالواجب والتقصير والتسبب بوفاة، وهذا ما فعله ولا يبدو أنه في وارد التراجع عنه.
وعن إصدار ادعاءات تطال بعض الأسماء دون سواها، اكتفت المصادر لـ”نداء الوطن” بالتساؤل: “ومن قال إنّ الأمور ستقف عند حد الادعاء على هذه الأسماء؟”، وسط توقع يسود لدى بعض الأوساط المتابعة للقضية مفاده بأنّ القاضي صوان، بعد أن يفرغ من جلسات استجواب المدعى عليهم راهناً، يتجه إلى توسيع مروحة الادعاءات لتطال أسماء شخصيات أخرى، سياسية وأمنية، كان قد أوردها في رسالته إلى مجلس النواب.
واليوم، من المفترض أن يباشر المحقق العدلي باستجواب وزير المال السابق النائب علي حسن خليل ووزير الأشغال العامة والنقل السابق النائب علي زعتير، كمدعى عليهما في جريمة انفجار المرفأ، وذلك بعد أن عمد إلى تبليغهما أصولاً عبر الأمانة العامة لمجلس النواب ومن خلال إرسال نسخة من التبليغ أيضاً إلى عنوان منزل كل منهما.
أما المدعى عليه وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، فقد لفت حضوره أمس إلى النيابية العامة مبدياً استعداده للإدلاء بإفادته، لكنه أفيد بأنّ صوان حدد يوم غد الخميس موعداً جديداً لجلسة استجوابه بعد استكمال إجراءات تبيلغه قانوناً. في وقت لا يزال رئيس حكومة تصريف الأعمال “غائباً عن السمع” إزاء تبليغه رسمياً عبر الأمانة العامة لمجلس الوزراء بجلسة استجوابه، كمدعى عليه في جريمة المرفأ عند الساعة التاسعة من صباح بعد غد الجمعة، وأغلب الظن أنه ينتظر ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات، سواء في ما يتصل بمثول خليل وزعيتر من عدمه أمام صوان، أو في ما خصّ الموقف الذي سيتخذه المجلس النيابي حيال مجمل ملف الاستدعاءات.
الحزب على خط التهدئة
وفي الشأن الحكومي، تؤكد مصادر في 8 آذار أن الحزب بصدد القيام بمحاولة لإصلاح ذات البين. وتقول المصادر إنه بما أن الاتصالات انقطعت بين الطرفين، وبما أن الحرب السياسية والإعلامية الشعواء، والتي تترافق مع حرب الملفات القضائية، زادت الطين بلة، وبما أن وضع البلد لم يعد يحتمل البقاء بلا حكومة، سيقوم الحزب بتلك المحاولة، يؤكد خلالها أن ترك البلد من دون حكومة في ظل الوضع المتردي ستكون له تداعيات خطيرة ليس من مصلحة أحد الوصول إليها.
تشدد المصادر على أن الحزب لن يقوم بوساطة بين الطرفين، بمعنى أنه ليست في يده اقتراحات عملية للتقريب في وجهات النظر. لكنه من خلفية علاقته الجيدة مع الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، ومن منطلق علاقته وعلاقة الرئيس نبيه بري مع الرئيس المكلف، ولا سيما أن الطرفين دعما تكليفه، وجد أنه لا بد من توظيف هذه العلاقة في خدمة تشكيل الحكومة، مع التأكيد على أن الأفكار والحلول لا بد أن تأتي من طرف الرئيسين.
في هذا الوقت، وصفت مصادر نيابية عبر “اللواء” مواقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح جبران باسيل الصحفية الاخيرة بانها معاكسة تماما لممارساته وتصرفاته على أرض الواقع،ان كان بتعاطيه المنفر مع معظم الاطراف السياسيين، او في تعطيله المتواصل للمشاورات والتفاهمات التي يجريها رئيس الجمهورية ميشال عون مع الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة او امعانه باستعمال سياسة تركيب الملفات القضائية المفبركة ضد خصومه السياسيين وغيرهم في إطار تصفية الحسابات والمكايدة السياسية التي تزيد من الانقسامات وترتد سلبا على مستغليها كما يحصل حاليا.
واعتبرت المصادر ان مثل هذه التصريحات التي تهدف الى تبييض صفحة باسيل على ابواب زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان بعد ايام معدودة واظهاره بالمتعاون لتنفيذ المبادرة الفرنسية والمسهل لعملية تشكيل الحكومة الجديدة خلافا للواقع، ومحاولة حصر مسؤولية التأخر بتشكيلها بالرئيس الحريري زورا، لن تجدي نفعا ولن تقنع احدا ولاسيما الجانب الفرنسي الذي لا يبني مواقفه على مثل هذه المواقف الصحفية،لانه على اطلاع كامل على كل تصرفات وسلوكيات باسيل السلبية لعرقلة تشكيل الحكومة العتيدة وقبلها سلسلة التصرفات والممارسات السلبية التي انتهجها سابقا لتعطيل اعمال الحكومة السابقة عمدا ولاسيما مايتعلق منها بالإصلاحات المطلوبة لتنفيذ مؤتمر سيدر وغيرها.
واشارت المصادر النيابية إلى ان ابلغ دليل على زيف وهشاشة مواقف باسيل حال الفشل الذريع للعهد طوال السنوات الماضية وما بلغه الوضع الداخلي من انهيار على كل المستويات بسبب الأداء السياسي السيئ على كل المستويات.