بين نفي سعودي وتأكيد اسرائيلي تمحورت التحليلات حول مضمون لقاء نتنياهو وبن سلمان بالسعودية قبل أسبوع ، ولم تكن الأخبار المتواترة حول ما جرى بهذا اللقاء مصدرها تل ابيب او الرياض ، بل جاءت من الاعلام الغربي والأمريكي وحتى من خلال مسؤولين كبار بهذه الدول ..
ووفق ما سرب عن هذا اللقاء لم يكن عنوانه الوحيد او الأساسي هو التطبيع بل كان محوره الأساسي هو الملف الإيراني وحلفاء طهران بالمنطقة حيث قدم نتنياهو لبن سلمان خطة كاملة وشاملة تتعلق بتوجيه ضربة عسكرية سريعة وحاسمة لطهران وسوريا وحزب ال ل ه في لبنان ومواقع أساسية للحشد الشعبي بالعراق وشملت الخطة تحييد استهداف الحوثيون في اليمن وحماس بغزة من اجل عدم تعريض المملكة والإمارات لاستنزاف عسكري من الجبهة اليمنية على حساب الضربة على ايران ومحورها ،، وعدم استفزاز تركيا وقطر باشعال جبهة غزة وبالتالي تشكيل ذلك ضغط على العلاقة بين البلدين مع اسرائيل وتسعير الخلاف القائم بينهم وبين الرياض وهذا امر لا يخدم المواجهة مع محور ايران على حد تعبير نتنياهو وان رأيه بذلك يشاركه به الأمريكيين خصوصا وان لدى ترمب مبادرة جدية لإجراء مصالحة بين قطر والسعودية والإمارات وتخفيف التوتر مع تركيا كي لا تذهب اكثر بتطوير علاقاتها مع طهران وموسكو لان ذلك سينسحب على سوريا والعراق وبالتالي تقليص الدور الامريكي بهذه الساحات لمصلحة طهران وأنقرة وموسكو ..
وتابع نتنياهو شرح مخطط الضربة العسكرية من المدخل العسكري والتقني مشيرا الى ان المشاركة الامريكية ستكون من خلال استهداف ١٥٥ هدف بعمق ايران كانت إدارة ترامب حددت هذه الاهداف عقب اسقاط ايران لطائرة الاستطلاع الامريكية قبل عام وتراجعت عن الضربة قبل دقائق من الضربة ، مدعيا ان بومبيو اكد له نية ادارته بقصف هذه الاهداف والتي تشمل مواقع نووية ومخازن الصواريخ البالستية ومواقع حساسة للحرس الثوري ..
وتابع مشيرا الى الدور الاسرائيلي المتعلق باستهداف مواقع صاروخية ومخازن أسلحة وقيادات من الصف الاول للحزب في لبنان يترافق ذلك مع استهداف قواعد ومواقع للإيرانيين والحزب في سوريا وحتى داخل العراق بمشاركة أمريكية مباشرة تحديدا بالمناطق الحدودية بين دمشق وبغداد وداخل العراق باستهداف مواقع الحشد الشعبي ، وسيشمل الدور الاسرائيلي استهداف لمواقع أساسية للجيش السوري بالجنوب والشرق والساحل السوري ومحيط العاصمة ..
اما عن الدور السعودي والإماراتي تحدث نتنياهو عن عامل مالي وآخر عسكري طالبا من بن سلمان مشاركة جوية فاعلة تتطلب تجنيد ١٥٠ طائرة حربية بالهجمات على ايران والعراق اما ماديا حدد مساهمة الدعم الخليجي ب ٦٠ مليار دولار لمصلحة العمل العسكري و٨٠ مليار $ دعم اقتصادي لتل ابيب كثمن لتداعيات العمليات العسكرية وإمكانية تعرض الكيان لدمار معين بسبب رد العدو على حد وصفه بهجمات صاروخية محتملة على مدنه ومواقعه العسكرية والحيوية
لكن الملفت بعد إسهاب نتنياهو بشرح الخطة هو الرد السريع والحاسم برفض بن سلمان اَي مشاركة سعودية مباشرة وغير مباشرة بهذه العملية معتبرا انها خطوة غير محسوبة ستعرض بلاده والخليج الى خطر كبير لا يمكن تحمل او توقع تبعاته اذا تدحرجت الضربة العسكرية الى حرب طويلة الأمد قد تتخطى حدود الاقليم الى صراع عالمي سيكون الاقتصاد السعودي والخليجي الخاسر الاول به ،
وشكل هذا الرد صدمة لنتنياهو الذي رد على ولي العهد السعودي بالقول انت تضيع الفرصة الاخيرة لاضعاف وشل ايران ومحورها!! لان اَي إدارة أمريكية قادمة ستتجه الى إبرام اتفاق جديد مع ايران ولن يكون بمقدورنا بعد ذلك مواجهة تمدد نفوذها وخطرها خصوصا وان اوروبا ستنحو اكثر لتوسيع العلاقات الاقتصادية مع ايران وهي تنتظر اتفاق واشنطن معها اكثر من اَي طرف اخر بالعالم
اذا كان الاتفاق بين واشنطن وإيران حاصل لا محالة فعلينا على الأقل فعل ما يلزم لكسر الملف النووي الإيراني من خلال قصف المواقع النووية الاساسية وتدمير واستهداف البنية التحتية العلمية بهذا المجال حينها يصبح الاتفاق الامريكي الإيراني متوازن لمصلحتنا بعد ان نعيد القدارات الإيرانية النووية الى نقطة الصفر وأصدقائنا بإدارة ترامب حاليا يؤيدون ذلك الان وقد لا نحصل على هذا التأييد اذا استمرت إدارة ترامب بالحكم او تسلمت الحكم إدارة بايدن ..
وعلى الرغم من رد نتنياهو على رفض بن سلمان وشرحه لعواقب هذا الموقف تمسك ولي العهد بموقفه وان هذا الموقف ابلغه للأمريكيين ووجد تفهم كبير لديهم ، طالبا من نتنياهو عدم الإعلان عن اللقاء بينهم لأسباب سياسية داخلية بالمملكة ولأسباب تتعلق بظروف المنطقة حاليا ..
الا ان نتنياهو قام بتسريب حصول اللقاء قبل مغادرته السعودية وابلغ رئيس الموساد يوسي كوهين الذي كان يرافقه باللقاء مع بن سلمان بان يقوم باتصالات سريعة بعد وصولهم الى تل ابيب مع واشنطن والرياض والإمارات وإبلاغهم بان اسرائيل متمسكة بضربة عسكرية لايران ومحورها وستقوم بما يلزم لتدمير البنية التحتية للنووي الإيراني وبعد ايّام من هذه الرسالة اغتيل العالم الأبرز بالملف النووي الإيراني محسن فخري زادة بشبه اعتراف رسمي من تل ابيب بالمسؤولية المباشرة عن اغتياله ..
#يتبع
عباس المعلم / كاتب سياسي