اليوم يقف لبنان على أبواب المحسنين من دول العالم التي تجتمع في مؤتمر يُعقد بتقنية الفيديو (زوم) بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتصدق على شعبه بالطحين والأدوية وبعض المواد الأساسية، بعدما تحول المؤتمر من الدعم الاقتصادي للدولة اللبنانية الى الدعم الانساني للشعب، وذلك بفعل فشل السلطة السياسية في تشكيل حكومة تنفذ الاصلاحات المطلوبة وفقا للمبادرة الفرنسية، إضافة الى انعدام ثقة المجتمع الدولي بهذه السلطة من رأس الهرم الى القاعدة.
بخجل يتطلع اللبنانيون الى مؤتمر الدعم الفرنسي اليوم، فالشعب الذي كان مضرب مثل في كل البلدان بذكائه وعلمه وثقافته وإرادته وصلابته وصولا الى إبداعه، بات اليوم ينتظر إنعقاد مؤتمرات الدعم لتأمين أبسط مقومات عيشه، بعدما بات عاجزا عن مواجهة سلطة تتجذر في الفساد والزبائنية والطائفية والمذهبية، لم تخجل من إنفجار بفعل إهمال دمر العاصمة بيروت في 4 آب، ولم تهتز لثورة خرجت بشيبها وشبابها من رحم المعاناة، ولم يتحرك ضميرها تجاه شعب يواجه الجوع والمرض واليأس وصولا الى رمي جثث الأطفال في عرض البحر.
اللافت أن كل هذا الاهتمام الدولي بلبنان لم يحرك ساكنا لدى المعنيين بتشكيل الحكومة التي يعتبرها المجتمع الدولي مفتاح المساعدات للدولة اللبنانية، في وقت ما يزال فيه الرئيس ميشال عون على موقفه في التمسك بتسمية الوزراء المسيحيين، فيما يتأرجح الرئيس سعد الحريري بين تقدم تشكيلة أمر واقع يضع فيها رئيس الجمهورية أمام مسؤولياته، أو تشكيله مبدئية يناقش أسماءها معه، وفي كلا الحالتين فإن الأمور ذاهبة نحو مزيد من التعقيد، كون الرئيس عون سيرفض التوقيع على تشكيلة الأمر الواقع ما يجعل الحريري رئيسا مكلفا الى أجل غير مسمى، كما سيرفض إقتراح الحريري لأسماء الوزراء المسيحيين تلبية لرغبة جبران باسيل الطامح الى تسميتهم والحصول على وزارة الطاقة مجددا.
اليوم، يوجه المجتمع الدولي صفعة للسلطة اللبنانية التي لم تلب رغبته بتشكيل حكومة، وهو سيتعاطى معها كسلطة فاشلة منزوعة الثقة، ما قد يُحرج رئيس الجمهورية الذي من المفترض أن يلقي كلمة في المؤتمرين المطلعين على كل تفاصيل الأزمة اللبنانية والذين باتوا على قناعة، بأن تسمية الوزراء المسيحيين في حكومة الحريري وإرضاء جبران باسيل بات بالنسبة للرئيس عون أهم من شعب لبنان العظيم.