ويأتي التقرير بعد زيارة سلامة باريس لمدّة أسبوع، وانشار أجواءَ توحي بموافقته على مُباشرة المصرف المركزي الفرنسي تدقيقاً جنائياً في حسابات مصرف لبنان. من جهته، نفى مقال “لو موند” هذه المعلومة، مؤكداً أنّ “بنك فرنسا لا ينوي القيام بأي تدقيق، وهو مُلتزم فقط بتقديم المساعدة التقنية بصفته طرفاً ثالثاً موثوقاً به”. وكشفت الصحيفة الفرنسية، بعد اطلاعها على تقرير شركتي “ديلويت” و”ارنست اند يونغ” لسنة 2018، زيادة “مشبوهة في أصول مصرف لبنان بقيمة 6 مليارات دولار بسبب إجراءات حسابية مشكوك فيها”، وأنّ المُدققَين لم يكونا “مُخوّلين الاطلاع على احتياطي الذهب الذي يملكه مصرف لبنان“. تصف الصحيفة التدقيق الجنائي بأنّه “عنصر أساسي لإنقاذ لبنان اقتصادياً، ولكنّه يواجه خطر عدم إبصار النور”. واليوم، قالت صحيفة “الأخبار” إنّ مُقرّبين من سلامة لا ينكرون “الفيتو” الفرنسي عليه، ولكنّهم يربطون بين ما نشرته “لو موند” وأحد مالكيها، ماثيو بيغاس، الذي كان مُدير “لازار” في فرنسا حتى استقالته عام 2019.
وبحسب ترجمة “LBCI”، شرحت “لو موند” قائلةً: “مثل فرنسا، ترفض الدول الغربية والعربية، التي استمرت في إنقاذ لبنان على مدار العشرين عاماً الماضية، إخراج دفاتر الشيكات الخاصة بها إلى أن توقع البلاد اتفاقية مع صندوق النقد الدولي. ويتطلب هذا الأخير، الذي تفاوضت معه الحكومة من دون جدوى في الربيع، سلسلة من الإصلاحات، بما في ذلك مراجعة حسابات مصرف لبنان. ينقسم هذا إلى ثلاثة أجزاء: جزء محاسبي بحت، يعهد إلى شركة KPMG، والذي يهدف إلى معرفة الميزانية العمومية لمصرف لبنان بدقة؛ قسم “الامتثال” المنسوب إلى شركة أوليفر وايمان للتحقق من أن ممارسات المؤسسة النقدية لا تحيد عن معايير البنوك المركزية؛ وحساب التدقيق الجنائي للكشف عن الاختلاس المحتمل”.
وتابعت الصحيفة الفرنسية: “كشف تقرير تدقيق “كلاسيكي”، أجرته شركتا EY و Deloitte في عام 2018، وحصلت “لو موند” على نسخة منه، عن عناصر إشكالية أخرى. ويشير المدققون إلى أنهم غير مخولين بإجراء جردة لمخزون مصرف لبنان من الذهب، بقيمة 5.5 مليار يورو في كانون الأول 2018. يشير التقرير أيضاً إلى زيادة مشبوهة في أصولها، في حدود 6 مليارات دولار، بناءً على ممارسات محاسبية مشكوك فيها .يشك منتقدو رياض سلامة في أن هذه المناطق الرمادية ليست سوى الجزء الناشئ من نظام أكبر، بعد أن أفادت النخبة اللبنانية. يعتبر مصرف لبنان، في أذهانهم، الصندوق الأسود للنظام السياسي المفترس الذي جعل لبنان حزيناً للغاية”.
بدوره، رّد سلامة خطياً على أسئلة”لو موند” مؤكداً أنّ “مصرف لبنان أنجز مهمته وعمل لمصلحة لبنان. العجز المزدوج الذي أدى إلى ضعف أو عجز في الميزانية أو عجز في الحساب الجاري ليس ضمن اختصاصها.” في ما يتعلق بالتدقيق العدلي، أكّد سلامة أنّ “مصرف لبنان تعاون مع ألفاريز ومارسال”.
وتضيف الصحيفة: “رئيس مجلس النواب، نبيه بري، هزم ترشيح أول شركة تدقيق، وهي شركة Kroll الأميركية، من خلال الإيحاء بأنه مرتبط بالكيان الصهيوني. شائعة لا أساس لها من الصحة، والتي لم تقلق حتى حزب الله”، متابعةً: “يعارض أيضاً سعد الحريري، التدقيق الجنائي. موقف منطقي نظرًا لتورطه في Bankmed وقربه من سلامة (..)”. على صعيد انسحاب شركة “ألفاريز أند مارسال”، نقلت الصحيفة عن محلل مالي لبناني قوله: “أدركت ألفاريز ومارسال أن الأمر سيكون جحيماً، ولهذا السبب استسلمت”.
في ما يتعلق بالتدقيق الفرنسي، كتبت الصحيفة: “منذ أيام قليلة، قال الوفد المرافق لرياض سلامة إن تدقيق مصرف لبنان سيُجرى من قبل بنك فرنسا. فكرة اقترحها الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يرقى إلى التقليل من أهمية التدقيق الجنائي. لكن وفقاً لمعلومات لوموند، لا ينوي بنك فرنسا تنفيذ هذه العملية. إنها ملتزمة فقط بتقديم المساعدة التقنية، بصفتها “طرف ثالث موثوق به”.
وهنا علّقت الصحيفة: “وراء هذا التقارب، تخشى الأوساط الإصلاحية اللبنانية من ترتيب خلف الكواليس بين مانحي لبنان وحاكم مصرف لبنان. “صفقة” من شأنها أن تدفن التدقيق الجنائي، الذي يعتبر مسيسًا للغاية”.
وختمت الصحيفة مقالها بالقول: “يوم الجمعة 27 تشرين الثاني، في خلال جلسة استثنائية لمجلس النواب، تنافس أعضاء البرلمان في التصريحات لصالح تدقيق الجنائي. تعبئة رسمية بحتة، بدون مشاركة ملموسة، تهدف إلى منحهم الدور الجيد في مواجهة الرأي العام. كان بإمكان المسؤولين المنتخبين التصويت لصالح نص ملزم ولكنهم لم يفعلوا ذلك. لا يلمس أحد مصرف لبنان، صندوق باندورا للنظام اللبناني”.