قد نكون صنعنا لقاحاً، لكن في وقت يلوح فيه ضوء في نهاية النفق الطويل جداً، يتضح أن التداعيات الاقتصادية لكوفيد-19 ستستمر طويلاً بعد الجائحة. هذا وعانى الشباب في شكل خاص من أحداث هذا العام.
فبالإضافة إلى مخاطر كوفيد-19، واجهوا تعطلاً في التعليم، وفوتوا امتحانات، وشهدوا تقلصاً في فرص العمل واحتمالاته، وتغطية سلبية في وسائل الإعلام. وتظهر بحوث أجرتها كلية لندن للاقتصاد أن احتمال فقدان الشباب لوظائفهم خلال الجائحة أكثر من الضعفين مقارنة مع غيرهم.
لكن كل شيء لم يذهب هباء، ويعود ذلك إلى روح ريادة الأعمال فيستطيع الشباب العثور على فرص جديدة والنجاح والازدهار. ويبرز جراء ظروف (الحياة) الحالية أعداد من رواد الأعمال الشباب أكثر من أي وقت مضى. فإذ تبدو الوظيفة التقليدية (أي العمل اليومي) بين التاسعة والخامسة أقل استقراراً، يخطو مزيد من الناس وثبة كبيرة إلى الأمام ويطلقون شركاتهم الخاصة.
وفي قلب روح ريادة الأعمال تكمن القدرة على حل المشكلات. وهذا يعني التمكن من التغلب على الشدائد من طريق العثور على حلول للمشاكل، وهذا أمر أثبت شبابنا براعتهم فيه بالفعل حين صارعوا العقبات الناجمة عن كوفيد-19.
وسرعت التكنولوجيا أيضاً المسار نحو تبوؤ دور ريادة الأعمال بطريقة ما كانت لتخطر في البال قبل 20 أو 30 سنة. فمع قليل من رأس المال واتصال بالإنترنت مساعد في العمل، تمكن التكنولوجيا جيلاً جديداً من رواد الأعمال من الابتكار من منازلهم.
لكن في حين يتعامل الشباب في شكل رائع مع الجائحة، لا يمكننا أن نتوقع لهم النجاح وحدهم. علينا أن نساعدهم في العثور على ما يرغبون فيه ورعايته قبل أن يدخلوا إلى عالم الأعمال، فنضمن أنهم حين يقومون بالخطوة الجبارة سيكونون جاهزين للتحديات التي ستبرز أمامهم.
ففي حين لا يستخف بأهمية روح المبادرة وريادة الأعمال، فإن الإرادة هي ما سيمكن شبابنا من تحقيق أي شيء يصممون على إنجازه. وإلى الشباب الذين يبحثون في التحول إلى رواد أعمال، أقول، “فكروا في ما يعطيكم الدافع ويجعلكم تنهضون من السرير في الصباح. فهذا هو ما سيضعكم على المسار الصحيح لإطلاق الأعمال”.
ومن سمات رائد الأعمال الجيد أن يكون شخصاً جيداً، فأنا أفضل الاستثمار في شخص جيد يحمل فكرة عادية أكثر من شخص يملك فكرة جيدة، لكنه لا يثير إعجابي. لكن القاعدة الرئيسة لأي شخص يفكر في الانضمام إلى عالم الأعمال تتلخص في تعلم الفشل. فأنتم ستفشلون في مرحلة ما لذلك تعلموا من إخفاقاتكم واستخدموها لمساعدتكم في تنمية أعمالكم.
وبصفتي “ممول” في برنامج “عرين الممولين”Dragons’Den (وهو برنامج تلفزيوني بريطاني يساعد رواد الأعمال في العثور على تمويل)، تأتي الأغلبية العظمى من الرسائل التي أتلقاها من أطفال مهتمين بالتعلم عن كيفية البدء في مشاريع وإنشاء أعمالهم الخاصة. وحين كنت فتى بعمر الثالثة عشرة، كنتُ أقوم بأعمال صغيرة من أجل الحصول على المال لأن عائلتي كانت تفتقر إليه. وفي تلك المرحلة، لم أع أن ما كنت أفعله كان ريادة أعمال، لكنني عرفت أنني أحببته. وهكذا نعرف أن الشباب مهتمون في المشاريع والعالم الواقع خارج الحياة الأكاديمية التقليدية.
ومن المهم في شكل حاسم الآن أن ننسج الروابط الصحيحة بين الأعمال والمؤسسات التعليمية. فالشباب في حاجة إلى قدوات ومناصرين يستطيعون التحدث إليهم والتعلم عن عالم الأعمال. وهذا سيساعدهم في تعلم المهارات الصحيحة والذهنية المناسبة في سن مبكرة، وفي الحصول على خبرة مهمة في عالم العمل قبل أن يستكملوا تعليمهم.
ويؤدي قادة الأعمال دوراً مهماً في ردم هذه الهوة بين التعليم وعالم العمل، فيساعدون الجيل المقبل من قادة الأعمال على التطور. لذلك في العيد العاشر لمبادرة “الأعمال الصغيرة يوم الأحد” Small Business Sunday initiative الخاصة بي، تشاركتُ مع مؤسسة “يونغ انتربرايز” Young Enterprise الخيرية الوطنية (مؤسسة لتشجيع واحتضان الشباب) للاحتفال برواد الأعمال الشباب وإعطائهم الفرصة لتنمية أعمالهم. لذلك يجب علينا جميعاً تأدية دورنا في ضمان حصول الشباب على مرشد يستطيع تشجيعهم ومساعدتهم في تطوير ذهنية ريادة الأعمال.
وهكذا وفي حين تأثر الشباب في شكل غير منصف بالجائحة، قدم كوفيد-19 لهم أيضاً فرصة كبيرة للتغيير. دعونا لا نضيع تلك الفرصة. بل دعونا نتصرف وندعم الشباب من خلال إعطائهم المهارات والقدرات الذهنية التي يحتاجون إليها من أجل النجاح. وإذا فعلنا، سنكون جميعاً أدينا دورنا في صنع جيل جديد مثير للاهتمام من قادة الأعمال.
(ثيو بافيتيس إعلامي و”ممول” ورائد أعمال في قطاع البيع بالتجزئة، وهو يملك شركات “رايمون” و”روبرت دياس” و”بو أفنيو”. ويمكنكم الاستماع إليه وهو يتحدث أكثر عن هذا الموضوع في التدوين الصوتي (بودكاست) الخاص بـ”المشروع الشباب” Young Enterprise وعنوانه “ذهنيات ريادة الأعمال” هذا الأسبوع)
© The Independent