لا سبيل البتة لأي اصلاح، ولا لأي تدقيق جنائي، ولا سبيل للحد الأدنى من المساءلة والمحاسبة. انها، أيها الرفاق، جمهورية ياجوج وماجوج !
اذا دخلت الدبابات السورية (الشقيقة)، وجدت من يستقبلها بالعتابا والميجانا، فضلاً عن قرع الطبول. واذا دخلت الدبابات الاسرائيلية (المعادية)، وجدت من ينثر عليها الأزهار والزغاريد، على أنها الخلاص الالهي (اقرأوا مقال شارل مالك في صحيفة «صوت المشرق» ابان الاحتياح). ومن يقرأ بدقة اتفاق القاهرة يدرك أنه المدخل لتنصيب ياسر عرفات رئيساً للجمهوررية في لبنان…
لبنان، كوطن لمواطنين، ليس موجوداً الا في عظام سعيد عقل، وفي أغنيات فيروز ووديع الصافي، والا في بهورات الهوارة حين يظهر عاصي الحلاني على صهوة حصانه، كما لو أنه طارق بن زياد على أبواب الأندلس. يا مناديل المرمر في غرناطة…!
ديبلوماسي أوروبي قال لمرجع سياسي سابق «تريدون اعادة احياء البلد؟ حين يحل الاستحقاق الرئاسي، انتخبوا كارلوس غصن رئيساً للجمهورية». هذا رجل وصفته «الفايننشال تايمز» بصاحب الأصابع المقدسة.
الدولة اللبنانية في موت سريري، وهي تحتاج الى من يوقظها. لا امكانية للمقاربة الكلاسيكية في هذه العملية. المسألة تقتضي اعادة بنائها كما تبنى الشركة لا كما تبنى الدولة، ما دامت الزبائنية، على أنها ارث من آبائنا، هي التي تحكم العقل اللبناني.
المرجع السياسي قال «هذا بلد بحاجة الى ديكتاتور على شكل كيم جونغ ـ أون، أو على شكل الدون فيتو كورلياني في فيلم «العرّاب» لفرنسيس فورد كوبولا. حتى لو جاء النبي موسى، ومعه عصاه التي شق فيها البحر، لن يجد موطئ قدم فيه».
ثمة منظّرون في السياسة يرون أن الحل الجراحي في المؤتمر التأسيسي. في هذه الحال من سيكونون نجوم المؤتمر؟ أليسوا اياهم طرابيش هذا الزمان (وكل زمان آخر ما داموا قد نصّبوا أبناءهم أوصياء على جثثنا)؟
كل ما يمكن أن يخرج من اسنانهم صيغة أخرى لكونسورتيوم المافيات. ولقد لاحظنا، ونحن ضائعون بين مصائب الكورونا، ومصائب الدهر، كيف طرحوا للبحث تلك الملهاة التي تدعى قانون الانتخاب. نقبل أن نكون أغبياء، ولكن الى هذا الحد؟
هؤلاء الذين ابتدعوا الصوت التفضيلي الذي يعني تفتيت الخريطة السياسية، والاجتماعية، للبنان أكثر فأكثر، وحيث ألغوا، بأحذيتهم، المادة 95 من الدستور التي تفتح الباب أمام جمهورية لاتكون بمواصفات دوقيات القرن الثامن عشر في أوروبا، ولا بمواصفات سكان الكهوف، كما في الظاهرة الداعشية ومشتقاتها.
المثير أن من تولوا تكريس الصوت التفضيلي من أصحاب الياقات الفاخرة هم الذين لا ينقصهم سوى أن يرتدوا عباءة أبي بكر البغدادي ليظهروا على حقيقتهم : اساقفة الأقبية…
ما بال الفرنسيين؟ لكأنهم نسوا، أو تناسو، أنهم أصحاب المبادرة التي لا يزال البعض يتمسك بها، دون أن يقرأها، أو دون أن يتعامل معها بصدقية رجل الدولة لا بأخلاقية خفافيش ما بعد منتصف الليل.
في باريس كلام كثير عن «موت دولة لبنان الكبير». المشكلة ألاّ مجال لامكانية احيائها، أو تعويمها، ولا مجال حتى لدفنها. مثلنا ينتظرون أن يتبلور المشهد في الولايات المتحدة لأن جاريد كوشنر يتعاطى مع الملف اللبناني على أنه الهاجس الاستراتيجي الوحيد للولايات المتحدة.
أي معجزة يمكن أن تحدث اذا ما انتظرنا خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض، واذا ما حلت جانيت يلين محل ستيفن منوتشين في وزارة الخزانة؟
لبنان الدولة، أم لبنان الكازينو، أم لبنان الشركة، أم لبنان المزرعة، أم لبنان المغارة؟ كل هذه الأوصاف في تركيبة جمهورية لا تعيش ولا تموت…