اتضح في مطلع التسعينيات تماما أن من المستحيل تحقيق فكرة منشودة لتحقيق التخليق النووي الحراري.
ولم يقترب أي مفاعل نووي حراري حتى من مواصفاته الأولية المخطط لها. وفشلت مشاريع المفاعل النووي الحراري في كل من أوروبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لغلاء تكلفتها.
لذلك قرر المجتمع العلمي الدولي عام 1992 طرح فكرة تحقيق مشروع المفاعل الدولي النووي الحراري التجريبي ITER (International Thermonuclear Experimental Reactor ).
وتم إقرار المشروع الذي استثمر فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرها من الدول. وتم تحديد موقع إنشاء المفاعل في جنوب فرنسا. وكانت الغاية منه الحصول على مفاعل نووي حراري ذي مردود إيجابي للطاقة.
واستبعد العلماء ألا يتم تحقيق هذا الهدف، لكن هناك مشكلة أخرى وهي جدواه الاقتصادية. ويعني ذلك أن كلفة المفاعل النووي الحراري قد تفوق كلفة إنتاج الطاقة التي ستولدها محطات كهروذرية أخرى على مدى 50 أو حتى 100 عام قادم.
ويمكن حل تلك المشكلة عن طريق استخدام الهيليوم – 3 في ITER. لكن كمية كافية منه يمكن إيجادها في القمر فقط. أما عملية نقله من القمر إلى الأرض فستكلف مستخدمي ITER أموالا باهظة كذلك.
لذلك أعد المهندسون الروس عام 2017 مشروعا للمفاعل النووي الحراري الهجين الذي يتحقق فيه التخليق النووي الحراري جزئيا وتبلغ درجة الحرارة فيه 50 مليون درجة مئوية بدلا من 300 مليون درجة مئوية في مفاعل ITER. وتم إقرار هذا المشروع من قبل ديوان الرئيس الروسي.
إن المشروع عبارة عن نموذج لمفاعل البلازما الذي يتحقق داخله التخليق النووي الحراري. أما غطاء المفاعل فيشكله اليورانيوم – 238 أو الثوريوم – 232. ويفترض أن ينشا المفاعل النووي الحراري المذكور بحلول عام 2035.
أما استخدام الثوريوم – 232 في المفاعل الهجين فيجعل أشعة النيترونات تحوله إلى اليورانيوم – 233 الذي لا يسبب ظهور عوادم مشعة طويلة الأمد. ويقدر عمرها النصفي بـ100 عام فقط وليس بمئات آلاف السنوات، كما هو الحال عند استخدام اليورانيوم – 235 ، مع العلم أن كمية الثوريوم في قشرة الأرض تزيد 3 أو 4 أضعاف عن كمية اليورانيوم.
ويتوقع أن يتم في روسيا خلال ديسمبر المقبل تشغيل نموذج صغير من المفاعل النووي الحراري الهجين الذي تم إنشاؤه على أساس مفاعل “تكوماك دي إم ” سوفيتي الصنع المطور.
ويقول العلماء إن إنشاء المفاعل النووي الحراري الهجين سيحل مشكلة الطاقة في روسيا على مدى مئات أعوام قادمة.
المصدر: روسيسكايا غازيتا