في قضية تفجير المرفأ لا يزال أهالي الضحايا المفجوعين يستصرخون ضمير السلطة الغائب بينما التحقيقات القضائية تحوم وتدور حول مسؤولية صغار الموظفين مقابل تسطير رسالة “رفع عتب ومسؤولية” من المحقق العدلي القاضي فادي صوان إلى المجلس النيابي بحق الوزراء المعنيين وهو الأعلم بأنها لن تقدّم ولن تؤخر في محاسبة كبار المرتكبين، تماماً كما رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المجلس حول تطيير التدقيق الجنائي.
وفي ملف التأليف، استرعت الانتباه أمس رسالة وجهها البطريرك بشارة الراعي إلى الرئيس المكلف سعد الحريري يستصرخه فيها كسر حلقة المراوحة العقيمة والإقدام على تقديم تشكيلته الكاملة إلى عون لأنّ “الحكومة لا تُشكّل بالتقسيط”… فهل تلقى صرخة الراعي من باحة القصر الجمهوري صداها في “بيت الوسط” وتدفع الحريري إلى خرق “جدار الصمت”؟
سؤال، تؤكد أوساط مواكبة لعملية التأليف أنّ الجواب عليه يملكه الرئيس المكلف نفسه ولا بد من أن تتضح معالمه في القابل من الأيام، خصوصاً وأنّ توّجه الراعي “بالمباشر” للحريري وتضمين كلمته عبارات توحي بتحميله المسؤولية الأولى عن إطالة أمد التكليف والتأليف، مسألة من شأنها أن تحث الرئيس المكلف على إعادة النظر في “استراتيجية الصمت والاعتكاف” التي يتبعها في مقاربة العراقيل التي تعترض تشكيلته، باعتبارها بدأت ترتد عليه سلباً، لا سيما مع تعاظم وطأة “البروبغندا” الإعلامية والسياسية التي تطارده وتحمّله وزر التعطيل تحت عناوين تتهمه تارةً بإجهاض فرصة الإنقاذ الفرنسية وطوراً بالانصياع لقرار أميركي يمنع ولادة الحكومة.
لكن وإذا كانت ضراوة هذه الحملة لم تُخرج الحريري عن اعتصامه بحبل التكليف حتى الآن بانتظار أن يحين وقت التأليف بعيداً عن الانزلاق في سجالات سياسية وإعلامية “تزيد الطين بلة”، فإنّ الأوساط رأت في موقف الراعي “منعطفاً مفصلياً باتجاه تغيير قواعد لعبة التأليف من شأنه أن يحث الرئيس المكلف على إعادة حساباته ليعيد معها تصويب بوصلة المسؤولية عن عرقلة ولادة حكومة “إنقاذية استثنائية غير حزبية وغير سياسية” كما وصفها البطريرك الماروني، مذكرةً بكون “ما يعيق التأليف فعلاً هو تصدي رئيس الجمهورية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لولادة تشكيلة بهذه المواصفات تحديداً”.
وفي الوقت الحكومي الضائع، انتهت “زوبعة” قانون الانتخاب التي أثارها رئيس مجلس النواب نبيه بري بأقل الأضرار الطائفية الممكنة بعدما اصطدمت بـ”فيتو” مسيحي فارض للتوازن في المجلس أعاد وضع ملف القانون الانتخابي “على الرف” كما أكدت مصادر مشاركة في جلسة اللجان المشتركة أمس، موضحةً لـ”نداء الوطن” أنّ أجواء الجلسة كانت “هادئة بخلاف جوّ التوتر الذي ساد قبل انعقادها”. واعتبرت أنّ بري، وبنتيجة لعبة “جس النبض” التي جاءت غير مشجعة للاستمرار في لعبة استفزاز الكتل المسيحية الوازنة، عاد ففرمل اندفاعته وهو ما بدا واضحاً في المداخلات “التبريدية” التي أدلى بها أعضاء في كتلة “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” خلال جلسة اللجان، بحيث نقلت المصادر عن النائب علي حسن خليل نفيه وجود أي “مؤامرة” وراء طرح موضوع قانون الانتخاب، مؤكداً الحرص على رفض الفتنة، بينما ذهب النائب علي فياض أبعد في طمأنة المكوّن المسيحي من خلال تشديده على أنّ تغيير قانون الانتخاب لن يتم “إلا بالتفاهم”.
وفي حين تؤكد أوساط مطلعة على أجواء الثنائي الشيعي أنّ “حزب الله” لا يحبذ إثارة أي موضوع خلافي مع “التيار الوطني الحر” في الوقت الراهن خصوصاً بعد فرض العقوبات الأميركية على رئيسه، تشدد في المقابل على أنّ بري “لن يستكين” في مسألة الدفع باتجاه بحث ملف قانون الانتخاب بل هو “سيستمر في طرحه متحرراً من أي حرج طائفي أو حساسيات حزبية على اعتبار أنّ ذلك يقع في صلب العمل المجلسي وبإمكان الكتل الرافضة العمل على إسقاط أي قانون تحت قبة البرلمان إذا لم يلق أكثرية نيابية لإقراره”.