هيام عيد-الديار
وفي الشأن السياسي، لقد بات واضحاً وفق الأجواء من قبل المواكبين والمتابعين للملف الحكومي، بأن هذ الملف تراجع إلى المربع الأول، ولن يشهد في المرحلة القادمة أي تطورات إيجابية، وبمعنى آخر، ليس في الأفق أي مؤشّرات توحي بأن الحكومة ستبصر النور في وقت قريب، نظراً للخلافات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، وذلك على الرغم من حرص الطرفين على عدم قطع «شعرة معاوية» في العلاقات حول نقاط كثيرة وأساسية، مما يفرمل عملية التشكيل، إضافة إلى عامل آخر يتمثّل بالبعد الخارجي، في ظل التصعيد القائم بين الولايات المتحدة الأميركية وايران، وهذا ما يرتدّ سلباً من خلال القوى السياسية الحليفة للحكومة.
وفي آخر المعلومات والمستجدات، فإن الرئيس الحريري في صدد زيارة باريس ولقاء الرئيس إيمانويل ماكرون لوضعه في صورة ما يجري، وربما يقوم بزيارات إلى دول أخرى، لقضاء فترة الأعياد في الخارج مع عائلته، وذلك لدليل واضح على أنه ليس في الأفق أي حكومة جديدة، ولذلك، يلاحظ عودة بعض الوزراء في حكومة تصريف الأعمال لممارسة عملهم، بينما اللافت قيام البعض منهم بجولات خارجية مرشّحة لأن تتوالى، وهذا منعطف خطير يذكّر بحقبات سابقة أيام حكومتي الرئيس سليم الحص، وحكومة الرئيس ميشال عون العسكرية في أواخر حقبة الثمانينات، حيث لا يستبعد تكرار هذا السيناريو، ولو بشكل مغاير، أي أن يبقى الحريري رئيساً مكلّفاً، وإنما لن يشكل الحكومة، على أن تعود حكومة تصريف الأعمال إلى ممارسة عملها بشكل طبيعي، على اعتبار أن هناك ترقّباً لما ستقوم به الإدارة الأميركية الجديدة، إذ ينقل عن مقرّبين من أحد المسؤولين الأميركيين، بأن إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، لن تبدّل في كيفية تعاطيها مع الوضع اللبناني، وخصوصاً على صعيد العقوبات المفروضة على بعض الأطراف، في وقت أن الإستحقاقات الدستورية الداهمة من الإنتخابات البلدية والنيابية والرئاسية، تبدو قريبة على صعيد انتهاء ولايات هذه المؤسّسات، إذ قد يشهد البلد صراعاً سياسياً محموماً حول قانون الإنتخاب، والوضع السياسي بشكل عام بعد التفلّت الإقتصادي والمالي، إلى عودة مرتقبة لحراك الشارع في أطر مختلفة وجديدة، وكل ذلك سيؤدي في المحصلة إلى المزيد من الأزمات والتراكمات.
في الموازاة، قفز الهاجس الأمني إلى الواجهة، كما يكشف نائب بقاعي، وذلك على أثر التفلّت الأمني من خلال الأحداث المتتالية، والتي هي نتيجة انهيار مؤسّسات الدولة وارتفاع معدّل الإنقسامات السياسية، الأمر الذي سيرتّب على لبنان خسائر جديدة وأعباء إضافية في وقت ليس ببعيد.
وإزاء هذه الوقائع والأجواء الضبابية، ينقل النائب نفسه عن مصادر ديبلوماسية، أن النقاش حول العنوان اللبناني في لقاء الإيليزيه بين الرئيس ماكرون ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كان عاصفاً بينهما، مما يؤكد بأن الآتي أعظم على كافة المستويات إن في السياسة أو الأمن أو الإقتصاد.