بينما لا يزال دونالد ترامب يواصل رفضه الإقرار بالهزيمة، آثر جو بايدن إبداء تصميم على تشكيل إدارته، التي بدأت تتظهّر ملامحها، باختياره شخصيات من إدارة باراك أوباما لتشغل مناصب أساسية في الأمن القومي والسياسة الخارجية
وفي هذا السياق، سيكون وزير الخارجية الأسبق، جون كيري (76 عاماً)، موفد الرئيس الأميركي الخاص لشؤون المناخ، ما يعكس الأهمية التي يوليها بايدن لهذا الملف، ولا سيّما أن كيري كان بطل «اتفاقية باريس للمناخ»، التي انسحب منها دونالد ترامب رسمياً. وظيفة كيري لن تتطلّب موافقة مجلس الشيوخ. وبحسب بيان صادر عن المكتب الانتقالي، فإن كيري «سيكافح التغيّر المناخي بدوام كامل بصفته المبعوث الرئاسي الخاص للمناخ، وسيشارك في مجلس الأمن القومي». ومن أجل إدارة سياساته المناخية المحلّية، سيُعيّن بايدن قريباً مديراً لشؤون المناخ في البيت الأبيض، ستكون له مكانة مساوية لمكانة كيري، وفقاً لمسؤولين انتقاليين.
بدوره، سيَخلُف بلينكن، الجمهوري مايك بومبيو، على رأس وزارة الخارجية، وهو يُعدّ مدافعاً شرساً عن تعدّدية الأقطاب، ومن المتوقّع أن يتمحور عمله حول التصدّي، بشكل خاص، للملف النووي الإيراني. يُعتبر بلينكن أحد المقرّبين من بايدن لأكثر من 20 عاماً، وقد عمل مساعداً له في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قبل أن ينضمّ إلى فريقه نائباً للرئيس باراك أوباما، حيث شغل منصب مستشار الأمن القومي لبايدن، ثمّ نائب وزير الخارجية من عام 2015 إلى عام 2017. يُنظر إلى بلينكن، على نطاق واسع، على أنه وسطي براغماتي في السياسة الخارجية، وقد دعم، مثل بايدن، التدخّلات الأميركية السابقة، كما يَعتقد أنه يجب على الولايات المتحدة أن تقوم بدور قياديّ مركزيّ في العالم. وربّما اعتقد بايدن أن بلينكن، الذي يتحدّث برفق، والذي يحظى بتقدير العديد من الجمهوريين، سيواجه معركة تثبيت أقلّ صعوبة في مجلس الشيوخ، ممّا ستلقاه منافِسة كبيرة أخرى هي مستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس.
على رأس وزارة الأمن الداخلي، سمّى بايدن للمرة الأولى الإسباني الأصل أليخاندرو مايوركاس (60 عاماً)، المولود في هافانا، والذي سيشرف خصوصاً على قضايا الهجرة. ومايوركاس مدّعٍ سابق مناهض للعنصرية، ويُلمّ بشؤون الوزارة التي سيتولّاها كونه كان مساعداً للوزير بين عامي 2013 و2016، وهو سيكون أوّل أميركي من أصول لاتينية يتولّى هذه الحقيبة. وستوكل إليه مهمّة إعادة بناء الوزارة التي استخدمتها إدارة ترامب لترسيخ سياسة الحدود الصارمة، والتي كان من ضمنها تفريق العائلات المكسيكية على الحدود.
كذلك، اختار بايدن أفريل هاينز (51 عاماً) لتتولّى إدارة الاستخبارات الوطنية، بحيث تنسّق بين مختلف الوكالات الفدرالية النشطة في هذا المجال، مع الإشارة إلى أنها الامرأة الأولى التي تتسلّم هذه المسؤولية. وكانت هاينز إحدى كبّار ضباط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وشغلت منصب نائبة مستشار الأمن القومي. كذلك، كانت مساعدة سابقة لبايدن، وعملت كنائب كبير مستشاري لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، من عام 2007 إلى 2008، بينما كان بايدن رئيساً للمجلس.
وستكون الأميركية من أصل أفريقي ليندا توماس غرينفيلد (68 عاماً)، التي شغلت منصب مساعدة وزير الخارجية لشؤون أفريقيا، سفيرة لدى الأمم المتحدة. وسيعيد بايدن الوظيفة إلى مستوى التمثيل الوزاري، ما يمنح غرينفيلد مقعداً في مجلس الأمن القومي. وسمّى الرئيس المنتخب، أيضاً، جايك سوليفان (43 عاماً) ليكون مستشاره للأمن القومي.
تُظهر القائمة التي وضعها بايدن تصميمه على المضيّ قدماً في تشكيل إدارته، على الرغم من رفض الرئيس المنتهية ولايته الإقرار بهزيمته في انتخابات الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، وأيضاً رفضه مساعدة الرئيس المنتخب، خلال المرحلة الانتقالية، على الرغم من الدعوات إلى انتقال رسمي. وفي هذا السياق، قال بايدن، في بيان، أعلن فيه هذه التعيينات: «أحتاج إلى فريق جاهز من اليوم الأول»، مضيفاً إنّ «هؤلاء الأفراد اختبروا الأزمات وامتحنتهم بقدر ما هم مبدعون وخلّاقون».