الوقت- أدت إخفاقات السعودية المتكررة الأسبوع الماضي من أجل إنقاذ صفقة الرياض بين حكومة منصور هادي المخلوعة والهاربة والمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات، إلى إنهاء وقف إطلاق النار ووقوع اشتباكات عنيفة بين القوات التابعة لهاتين الجماعتين، ولا سيما في محافظة أبين جنوب شرقي اليمن.
وفي غضون ذلك، كانت لأنباء استخدام السعودية لقوات القاعدة لمساعدة قوات منصور هادي أصداء مهمة. حيث أعلن صالح الجنيدي، محافظ أبين في اليمن، عن نية السعودية تسليم هذه المحافظة إلى تنظيم القاعدة الإرهابي. هذا وقد اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي يوم الأربعاء الماضي عدن بنشر المزيد من القوات، بما في ذلك عناصر من القاعدة وداعش في محافظة أبين. وقال الجنرال محمد الزميكي، أحد قادة القوات شبه النظامية الجنوبية على جبهة أبين، ان قواته قتلت 40 جنديا، بمن فيهم مقاتلو داعش والقاعدة الذين أتوا من مأرب.
يبدو أن السعودية وحزب الإصلاح، بصفتهما حليفين لمنصور هادي، وضعتا خطة للاستيلاء على محافظة أبين على جدول أعمالهما من أجل الحفاظ على سلطتهما في الحرب، بينما أحرز الجيش اليمني واللجان الشعبية تقدما كبيرا في تحرير محافظة مأرب الاستراتيجية. وأفادت وسائل إعلام محلية ، في ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة الماضي أن قوات أنصار الله والجيش اليمني سيطروا على قاعدة ماس الاستراتيجية، والتي تقع على بعد نحو 57 كلم من مدينة مأرب مركز المحافظة، بعد تبادل إطلاق نار كثيف مع مسلحي القاعدة. ويقال إن هذه القاعدة العسكرية تطل على مدينة مأرب وتعد آخر معقل كبير للارهابيين في المنطقة.
وفي هذا الصدد، بدأ مقاتلو حزب الإصلاح في 15 تشرين الثاني عملية نقل واسعة النطاق للقوات والمعدات العسكرية الثقيلة من مأرب إلى شقرة في محافظة أبين. وفي ذات السياق، أفادت مصادر محلية بوقوع اشتباكات عنيفة على جبهتي الشيخ سالم والطرية شرقي مدينة زنجبار مركز محافظة أبين.
ومع ذلك، فإن استخدام السعودية لإرهابيي القاعدة لم يقتصر على الوضع الحالي، بل كان على طول سنوات الحرب.
تاريخ التعاون بين القاعدة والسعودية في الحرب على اليمن
على الرغم من ان تنظيم القاعدة لم يكن يعد عاملاً حاسماً في المعادلات السياسية والعسكرية خلال سنوات الحرب الخمس على اليمن، لكنها استطاعت أن توسع حضورها ونفوذها في أجزاء رئيسة من المحافظات الجنوبية كلاعب رئيس في الأزمة في هذا البلد. حيث ينشط تنظيم القاعدة في أبين وشبوة والبيضاء، وله أعضاء وأنصار بين عشائر محافظات حضرموت والجوف ومأرب وصعدة. حيث قتل قاسم الريمي القائد السابق لهذا التنظيم في منطقة وادي عبده بمحافظة مأرب.
وتاريخياً، كان اليمن ملاذاً مثالياً للقاعدة وميليشياتها بسبب موقعه الجغرافي على طول الحدود السعودية فضلاً عن خصائصه الإقليمية. حيث تسهل المرتفعات القاحلة قليلة السكان التي تميز المناطق الداخلية لوسط وشرق اليمن، التكتيكات السرية وحرب العصابات.
وعلى الرغم من أن السعوديين ادعوا دائما أنهم يرون وجود القاعدة في اليمن تهديدا أمنيا لهم وأن تحالف المعتدين يخطط لمحاربة القاعدة، الا ان الرياض قد استخدمت القاعدة لمحاربة أنصار القاعدة في السنوات التي تلت بدء الحرب على اليمن. وفي الواقع كان جزءا لا يتجزأ من الاستراتيجية السعودية لمواجهة أنصار الله هو التعاون مع أي قبيلة أو منظمة يمنية تعارض صنعاء.
هذا وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في 17 يوليو 2015 ، أن مقاتلي القاعدة قاتلوا منذ فترة طويلة على الجبهة الجنوبية في مدينة عدن الساحلية ضد أنصار الله، كما انهم يقاتلون إلى جانب الميليشيات القبلية المدعومة من السعودية وحتى بعض القوات الخاصة المبعوثة من قبل الإمارات.
وفي ديسمبر عام 2019 أعلنت مصادر محلية في محافظة حضرموت اليمنية أن الإمارات أفرجت عن عدد من المعتقلين المنتمين إلى تنظيم القاعدة. وقالت المصادر إن هذه الخطوة الإماراتية تهدف إلى خلق أزمة وعدم استقرار في محافظة شبوة. ومن بين الإرهابيين الذين تم الافراج عنهم “صالح عمر” من مدينة رضوم و”باسل المراوح” من مدينة حبان وكلاهما يعد من قيادي تنظيم القاعدة في جنوب اليمن.
وكانت أول علامة على ارتباط القاعدة بحكومة منصور هادي المدعومة من السعودية خلال محادثات السلام الفاشلة التي رعتها الأمم المتحدة مع صنعاء في يونيو 2015 في جنيف. حيث كان عبد الوهاب حمقاني موجود ضمن وفد الرياض والذي تتم ملاحقته من قبل وزارة الخزانة الأمريكية باعتباره إرهابيا عالميا بسبب اتصاله بالقاعدة، حيث لاحظت وزارة الخارجية الامريكية وجوده واحتجت على ذلك.
وفي السنوات اللاحقة، لم يشن السعوديون أي عملية ضد القاعدة، التي سيطرت على مدينة المكلا الساحلية، مركز محافظة حضرموت الغنية بالنفط في جنوب شرق اليمن والمتاخمة للحدود السعودية.
واستمر هذا الدعم والتحالف المشؤوم حتى يومنا هذا. وفي فبراير 2019 ، ذكرت شبكة CNN الامريكية أن تنظيم القاعدة “شكل تحالفا مفيدا مع الميليشيات الموالية للسعودية التي قاتلت إلى جانبهم”، مستشهدة بالوضع الذي يشهد اشتباكات عنيفة في مدينة تعز.
وفقاً لهذا التقرير، كان لواء أبو العباس يملك أسلحة ومدرعات أمريكية الصنع. حيث تم إدراج أبو العباس، مؤسس الجماعة المسلحة الموالية للقاعدة، على لوائح عقوبات الولايات المتحدة في عام 2017 بسبب تمويله للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المتطرف (داعش).
حيث قال العباس في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست في كانون الأول “ما زال التحالف يدعمني” مضيفاً “لو كنت حقا إرهابيا، سيسلمونني للاستجواب”.
وفقا لتقرير لشبكة CNN لا تزال مجموعته مدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية وتم تجنيدها في اللواء 35 للجيش اليمني المدعوم من التحالف.
ومن القضايا المهمة التي قادت السعودية إلى تنظيم القاعدة استياء مصر والإمارات من الوجود والتعاون المستمر لجماعة الإخوان المسلمين من حزب الاصلاح في حكومة منصور هادي.
وعلى الرغم من ذلك، لم ينتقد الرئيس المصري حتى الآن السعوديين لتعاونهم مع حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين. لكن الجريدة الأسبوعية المصرية المرموقة “الأهرام” ذكرت في أوائل يونيو أن هذه كانت إحدى “ركائز الاختلاف” بين القاهرة والرياض.