الوقت_ عقب دعوات البرلمان الأوروبيّ المتكررة إلى تخفيض مستوى التمثيل في قمة مجموعة الـ 20 الاقتصاديّة، التي تستضيفها الرياض بسبب “انتهاكات حقوق الإنسان”، لتجنب إضفاء الشرعيّة على إفلات الرياض من العقاب بشأن انتهاكاتها والاعتقالات غير القانونيّة والتعسفيّة في البلاد، أشار كل من رئيس المجلس الأوروبيّ شارل ميشيل، ورئيسة المفوضية الأوروبيّة أورسولا فون دير لاين، إلى أنّ أوروبا لم ولن تتجاهل قضيّة الحريات وحقوق الإنسان في السعودية، وأنّه سيتم طرح الملف خلال قمة الـ20 الافتراضيّة، وأن مسؤولي الاتحاد يتابعون عن كثب كل هذه الملفات، وخاصة ما يتعلق بحقوق المرأة والنشطاء ويثيرونها بشكل ثنائيّ مع الطرف السعودي، في الوقت الذي تتصاعد فيه المطالبات بالإفراج عن الناشطين المعتقلين داخل الزنازين.
قضية حقوق الإنسان
عقب رئيس المجلس الأوروبي على رسالة البرلمان الأوروبي بتاريخ 19 تشرين الأول حول مشاركة الاتحاد في قمة العشرين الافتراضية التي تستضيفها السعودية، موضحاً أن قمة مجموعة العشرين تعتبر حدثا مهما للاتحاد، لبحث التعاون مع الدول الكبرى في التحديات التي يشهدها العالم، وأن استضافة الرياض للحدث هذه السنة لا تعني موافقة الاتحاد على سياسات المملكة، مشدداً على أن قضية حقوق الإنسان وترقيتها، وصونها والدفاع عنها، تعتبر من أولويات الاتحاد، والتي سيتم مناقشتها مع السعودية.
وفي هذا الصدد، توقّع السيناتور الديمقراطيّ، كريس مورفي من الرئيس المنتخب جو بايدن أن يتطرّق مجدداً إلى مسألة حقوق الإنسان في السعودية، وإلى الدعم الذي يقدم من قبل المملكة لتيار دينيّ يشكّل ركيزة للحركات المتطرفة العالميّة، وذلك خلال “قمة مضادة” عقدها نشطاء من أجل إلقاء الضوء على سجل حقوق الإنسان في المملكة الثريّة، عشية انطلاق القمة الافتراضية.
وفي انتكاسة كبيرة للسعوديّة وجهودها الرامية لإخفاء الجرائم التي يرتكبها حكامها، قال مورفي: “حان الوقت بالنسبة لنا لندرك أنّ السعودية هي حليف غير مثالي للغاية وأنّ أولوياتنا في هذه العلاقة كانت خاطئة منذ فترة طويلة”.
ومن الجدير بالذكر أن أعمال قمة العشرين الاقتصادية التي تستضيفها السعودية لأول مرة عربياً، انطلقت يوم السبت الماضي في اجتماع افتراضيّ مصغر خيمت عليه جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد والأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة التي تسبّب بها.
مناشدات كبيرة
ناشدت عائلات سجناء رأي سعوديين زعماء العالم للتطرق إلى مسألة حقوق الإنسان في المملكة خلال استضافتها لقمة مجموعة الـ20، معتبرين أن الضغط على المملكة الخليجية الغنيّة من بوابة صورتها الخارجيّة يعتبر مفتاحاً للإفراج عن أقربائهم، حيث قالت “أريج السدحان” شقيقة عبد الرحمن السدحان المعتقل في المملكة منذ آذار 2018، “كل أقربائنا في خطر، إنهم يواجهون الأخطار نفسها التي عايشها الصحافيّ جمال خاشقجي بشكل يوميّ”، في إشارة إلى مدى ساديّة النظام السعوديّ الذي ارتكب جريمة بشعة بحق خاشقجي داخل قنصليّة بلاده في إسطنبول.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه السدحان أنّ أصوات الزعماء المشاركين في القمة ستساعد في الحفاظ على حياة المعتقلين، لم تبد السعودية التي تملك “تاريخاً طويلاً” من أساليب كم الأفواه، وإسكات الأصوات، أيّ تقدم في مجال حقوق الإنسان، رغم فشلها في الحصول على الشرعيّة بعد ارتكاب أبشع الجرائم بحق شعبها والشعوب الأخرى.
ورغم مواجهة أقرباء السجناء أقذر التهديدات من سلطات آل سعود إلا أنّهم قرروا كسر جدار الخوف والمطالبة بحقوق أقربائهم متحدين كل التحذيرات الصادرة عن حكومة بلادهم، وخاصة بعد أن خسرت الرياض حليفها الأمريكي دونالد ترامب، الذي كانت تربطه علاقة قوية مع القيادة السعودية، وغض النظر عن التطرق إلى مسائل حقوق الإنسان في المملكة بسبب منهج “شراء الصمت” الذي اتبعته الرياض باعتراف ترامب نفسه.
يشار إلى أنّ دونالد ترامب شارك لفترة وجيزة في القمة بالحديث عن “عمله المذهل”، قبل أن ينسحب من الجلسة ويتوجه إلى ناديه للعب الغولف، وتسلّم وزير الخزانة مكانه، وفق ما نقلت وكالة “فرانس برس”، حيث إنّ ترامب الذي خسر الانتخابات الأمريكيّة أمام جو بايدن، لم يتفوه بكلمة واحدة على الصعيد الدوليّ، ربما بسبب المشكلات الداخليّة وصراعاته في البيت الأبيض التي تأخذ حيزاً مهما من تفكيره في هذه الأيام، بعد رفضه لنتائج الانتخابات واطلاقه اتهامات بتزويرها.