يُعلن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الثلاثاء، أسماء أول الأعضاء في إدارته المقبلة، وفق ما أكد مدير مكتبه. فيما يُواصل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب الحديث عن حصول تزوير في الانتخابات، مُصراً على فوزه على الرغم من تزايد معارضيه الجمهوريين.
ويمضي بايدن في استعداداته لتسلم الحكم في 20 يناير (كانون الثاني)، على الرغم من تحرك ترمب على جبهات عدة لمحاولة إلغاء نتائج تصويت 3 نوفمبر (تشرين الثاني).
وقال رون كلاين الذي سيرأس مكتب بايدن، لشبكة “إيه بي سي”، الأحد، “سترون الثلاثاء المقبل أولى التعيينات في إدارة الرئيس المنتخب”.
ولم يحدد كلاين المناصب التي سيختار بايدن شخصيات لتوليها، على الرغم من أن الرئيس المنتخب أعلن الأسبوع الماضي أنه حسم خياره في ما يتعلق بوزير الخزانة. وضمت القائمة المختصرة رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) السابقة جانيت يلين، والمسؤولة في المجلس لايل برينارد، والمسؤولة السابقة في المجلس سارة بلوم راسكين، ورئيس الاحتياطي الاتحادي في أتلانتا رفاييل بوستيك.
وذكرت وكالة “بلومبيرغ”، الأحد، نقلاً عن مصادر لم تحددها أن بايدن يعتزم تعيين أنتوني بلينكين وزيراً للخارجية.
وامتنع الفريق الانتقالي لبايدن عن التعليق ولم يرد بلينكين على طلب للتعليق.
وقال حليف لبايدن طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة “رويترز” إن بلينكين هو الخيار المرجح لبايدن لمنصب وزير الخارجية.
سفيرة لدى الأمم المتحدة
ذكرت وسائل إعلام، يوم الأحد، نقلاً عن مصادر قريبة من بايدن، أنه من المتوقع أن يعين ليندا توماس غرينفيلد سفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.
وقال موقع “أكسيوس” الإلكتروني إن تعيين توماس غرينفيلد، وهي امرأة سوداء شغلت منصباً دبلوماسياً رفيعاً في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، يهدف إلى رفع الروح المعنوية والمساعدة في الوفاء بتعهد بايدن باختيار حكومة متنوعة.
وعملت توماس غرينفيلد مساعدة لوزير الخارجية الأميركي لشؤون أفريقيا في عهد أوباما من عام 2013 حتى عام 2017. وقادت السياسة الأميركية تجاه أفريقيا، الواقعة جنوب الصحراء، خلال أحداث عصيبة مثل تفشي فيروس إيبولا على نطاق واسع في غرب أفريقيا.
التنصيب
وفي ما يتعلق بمراسم تنصيب بايدن، قال كلاين إنها ستكون تقليدية لكن على نطاق أصغر.
وعادة ما تجتذب احتفالات التنصيب والأحداث ذات الصلة حشوداً ضخمة إلى واشنطن. ويتزايد حالياً عدد الإصابات والوفيات بسبب مرض “كوفيد-19” في أنحاء كثيرة من الولايات المتحدة حيث أودت جائحة فيروس كورونا بحياة نحو 256 ألف أميركي.
وقال كلاين “نعلم أن الناس يريدون الاحتفال. هذا أمر يجب الاحتفال به… نريد أن نحاول إيجاد طريقة للقيام بذلك بأمان قدر الإمكان”.
إخراج المحامية سيدني باول من فريق ترمب
في الأثناء، أعلن فريق دونالد ترمب، الأحد، أنه لم يعد يعمل مع المحامية سيدني باول التي أثارت الجدل بعد إعلانها عن وجود عمليات تزوير واسعة النطاق في الانتخابات من دون أن تقدم أدلة إلى وسائل الإعلام.
وقال الرئيس السابق لبلدية نيويورك رودي جولياني، وهو المحامي الشخصي لترمب، في بيان، إن “سيدني باول تمارس المحاماة لحسابها الخاص. هي ليست عضواً في الفريق القانوني لترمب”. وأضاف “كما أنها ليست محاميةً شخصيّة للرئيس”.
وكان ترمب كتب على “تويتر”، في 14 نوفمبر، أن باول ستكون عضواً في فريقه القانوني، إلى جانب جولياني وجينا إليس المستشارة القانونية لحملة ترمب.
وجاء بيان جولياني، الأحد، بعد أيام من مؤتمر صحافي عقده أعضاء الفريق القانوني لترمب، وبينهم جولياني نفسه وباول، تحدثوا فيه عن وجود “مؤامرة وطنية” قد يكون الهدف منها حرمان ترمب من النصر. غير أن المحامين أعضاء الفريق لم يقدموا للصحافيين أدلة ملموسة على الاتهامات التي أطلقوها، قائلين إنهم يحتفظون بها من أجل تقديمها للقضاء.
وأطلقت باول خلال ذلك المؤتمر الصحافي تصريحات عادت وكررتها في وقتٍ لاحق، مفادها أن ترمب هزم منافسه بايدن بفارق كبير.
وبحسب كبريات وسائل الإعلام الأميركية، حصل بايدن على أصوات 306 من أصوات كبار الناخبين، أي أكثر بـ36 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي الضرورية (270 صوتاً).
وقالت باول إن أنظمة احتيال انتخابي إلكترونية مرتبطة بفنزويلا وكوبا استُخدِمت لتحريف نتائج الانتخابات وسرقة ملايين الأصوات من ترمب.
إخفاق في جورجيا
وكتب ترمب على “تويتر” صباح الأحد “قاتلوا بشدة يا جمهوريين”، في تأكيد لروايته عن تزوير الانتخابات.
وحتى الآن أخفقت محاولاته في المحاكم لإجهاض عمليات التصديق على النتائج في ولايات جورجيا وميشيغان وأريزونا.
ورفض القاضي الاتحادي ماثيو بران، وهو جمهوري رشحه الرئيس السابق باراك أوباما، السبت، دعوى قضائية أقامتها حملة ترمب بهدف استبعاد الأصوات التي تم الادلاء بها في ولاية بنسلفانيا. ووصف القاضي القضية بأنها “حجج قانونية بلا أساس واتهامات قائمة على تكهنات”.
وقالت حملة ترمب، الأحد، إنها طعنت بقرار بران أمام محكمة الاستئناف الجزئية. ومن المتوقع أن تصدق ولاية بنسلفانيا على نتائج انتخاباتها يوم الاثنين.
وعادةً ما تُصادق الولايات على النتائج بشكل روتيني بعد كل انتخابات رئاسية. لكنّ رفض ترمب الإقرار بهزيمته يعقد العملية ويثير مخاوف من أن يلحق ذلك ضرراً بثقة الأميركيين بنظامهم الانتخابي.
نتائج التصويت في ميشيغان
وصدر الحكم في بنسلفانيا بعد ساعات من طلب الجمهوريين تأجيل المصادقة على النتائج في ولاية ميشيغان التي تعد ساحة أخرى في المعركة، في رسالة كررت الاتهامات بحدوث مخالفات في الولاية التي فاز فيها بايدن بفارق 155 ألف صوت.
وقد طلبوا تأجيلاً لأسبوعين للسماح بمراجعة كاملة للنتائج في واين كبرى مقاطعات الولاية وتضم مدينة ديترويت ذات الأغلبية السوداء وفاز فيها بايدن بأغلبية ساحقة.
ومن المقرر أن يجتمع الاثنين مجلس خبراء التدقيق في ميشيغان، الذي يضم اثنين من الديموقراطيين واثنين من الجمهوريين، للمصادقة على النتائج.
وقالت مفوضة الشؤون الخارجية في ولاية ميشيغان جوسلين بينسون إن عمليات التدقيق لا يمكن إجراؤها إلا بعد المصادقة، لأن المسؤولين لا يملكون الحق القانوني في الاطلاع على الوثائق المطلوبة قبل ذلك.
وكتبت في تغريدة السبت أنه ليس هناك “أي دليل” يدفع إلى التشكيك في نتيجة الانتخابات.
وأضافت “باختصار: صوت 5.5 ملايين مواطن في ميشيغان”، مؤكدة أن “نتائج تصويتهم واضحة، ولم يظهر أي دليل يقوض ذلك”.
كذلك قدمت حملة ترمب التماساً لإعادة فرز الأصوات في ولاية جورجيا. وأكدت إعادة فرز الأصوات اليدوية السابقة الشاقة فوز بايدن بهامش يزيد على 12 ألف صوت في الولاية الجنوبية، التي كانت معقلاً للجمهوريين منذ فترة طويلة في ما يتصل بالانتخابات الرئاسية.
جمهوريون يقرون بفوز بايدن
وأقر عدد متزايد من الشخصيات الجمهورية الكبرى بفوز بايدن، أو قاموا على الأقل بحض رئيس إدارة الخدمات العامة على الإفراج عن أموال فيدرالية لتغطية الفترة الانتقالية لبايدن.
ويحرم إصرار ترمب على عدم الإقرار بالهزيمة، بايدن وفريقه من الاطلاع على فحوى اجتماعات تتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية، خصوصاً ما يتعلق بجائحة “كوفيد-19”.
وقال حاكم ولاية نيوجرسي السابق كريس كريستي الذي عمل في 2016 مستشاراً خلال الفترة الانتقالية لترمب، لشبكة “إيه بي سي” إن سلسلة الطعون القانونية التي قدمها الرئيس تشكل “إحراجاً وطنياً”، وإن الوقت حان كي تصرف إدارة الخدمات العامة التمويل المخصص لإنجاز عملية انتقال السلطة.
من جهته، قال الحاكم الجمهوري لولاية ميريلاند لاري هوغان لشبكة “سي أن أن”، إن ترمب يجعل البلاد تبدو كـ”جمهورية موز”، داعياً الرئيس الأميركي إلى “التوقف عن لعب الغولف والإقرار بالهزيمة”.
ومنذ الانتخابات، يمارس ترمب في نهاية كل أسبوع رياضة الغولف، علماً أنه شارك عبر الفيديو في قمة مجموعة العشرين في كلمة تناول فيها شؤون التجارة والطاقة والضرائب، وفق البيت الأبيض. وهو تغيب السبت عن جلسة لخلية مكافحة “كوفيد-19”.
ودافع السناتور عن داكوتا الشمالية كيفن كريمر عن إصرار ترمب على ضمان نزاهة الانتخابات، لكنه أضاف لشبكة “ان بي سي” أن “الوقت حان لبدء الانتقال”، مؤكداً أنه “يفضل أن يكون أمام أي رئيس أكثر من يوم للتحضير” لانتقال السلطة.
وقالت النائبة ليز تشيني التي تُعد ثالث أبرز شخصية جمهورية في مجلس النواب، إنه إذا تعذر على محامي ترمب إثبات مزاعم حصول تزوير، فعلى الرئيس “احترام قدسية العملية الانتخابية”.
حتى النائب ديفين نونيس، وهو من الموالين المتحمسين لترمب، اعترف بشكل غير مباشر في حديث مع شبكة “فوكس نيوز” بأن بايدن كان “أول شخص يُدير حملة ناجحة من طبقة سفلية” لمنزل.
تهور ترمب
وقالت سامانتا باور التي شغلت منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما لشبكة “سي ان ان”، إن عرقلة ترمب العملية الانتقالية وعدم إطلاعه بايدن على فحوى اجتماعات بالغة الأهمية على غرار عديد قواتنا في أفغانستان، وإن كان هناك تهديد محتمل لأهداف أميركية في الخارج هما “أقصى درجات التهور”.
وأضافت أن “توفير تلك المعلومات هو مسؤولية مطلقة ملقاة على عاتق الفريق المغادر”.