الوقت- ذكرت العديد من التقارير الاخبارية أن الرياض تحاول تحسين صورتها أمام العالم، وهي المنهمكة في التحضير لاستضافة الدورة الـ 15 لقمة مجموعة العشرين، يومي السبت والأحد المقبلين، لتشكل لها أكبر فرصة للاستثمار في غير ملف اقتصادي. وتترأس السعودية هذا العام منتدى الدول الثرية، وتتطلّع ليكون الأمر محطة لتعزيز موقعها وترميم صورتها المهشمة، عقب قيامها بالكثير من المجازر بحق أبناء الشعب اليمني منذ ما يقارب الخمس سنوات ونصف وهو الأمر الذي لم تستقبله أي دولة غربية. إلا أن هذا الإنجاز ما لبث أن واجه هذا العام معضلتَين أساسيتين تعرقلان خطة الاستثمار في القمة؛ أولها استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في حربها العبيثة في اليمن، ثم أتت جائحة “كورونا” لتُبدل الاهتمامات والأولويات وتفرض عقد القمة افتراضياً، مُقلّلة من وهجها.
وعلى هذا الصعيد، تسعى الرياض إلى التسويق للتحوّل في سياستها التي لا يمكنها أن تعكس حقيقة نواياها الخبيثة، حيث تتعنت الإدارة السعودية في موقفها الرافض لرفع الحصار عن اليمن، وتجري بالتوازي مع التحضير لقمة “العشرين”، مفاوضات لوقف اطلاق النار في اليمن وذلك من أجل الترويج لجنوح المملكة نحو إيقاف الحرب على اليمن، بغية عدم السماح بتحويل القمة إلى مناسبة لتجديد انتقاد المملكة، إذ تصاعدت في الأسابيع الأخيرة دعوات الجمعيات الحقوقية الغربية لمقاطعة القمة على خلفية السجل الحقوقي السيئ للرياض وبلغ الأمر ذروته مع القرار الألماني بحظر بيع السلاح للسعودية.
وفي هذا الإطار، كشفت وكالة “رويترز” للأنباء، يوم أمس الثلاثاء، عن وجود اتصالات سعودية مباشرة مع حركة “أنصار الله”، في إطار إظهار الرياض في موقع دفاعي. وأفضت تلك الاتصالات المفترضة، إلى موافقة الرياض على اقتراح الأمم المتحدة وقف إطلاق النار في حال موافقة حركة “أنصار الله” على تقديم ضمانات أمنية تتمثّل في إقامة منطقة عازلة على طول حدود المملكة مع شمال اليمن، إلى أن يتمّ تأليف حكومة انتقالية تدعمها الأمم المتحدة. ووفقاً لهذه المعلومات، تريد الرياض من قوات صنعاء مغادرة ممرّ على طول الحدود السعودية لمنع التوغلات ونيران المدفعية، وفي المقابل ستخفف المملكة الحصار الجوي والبحري الذي فرضته علي أبناء الشعب اليمني منذ خمس سنوات ونصف.
ولفتت وكالة “رويترز” الى أن الرياض أبلغت جماعة “أنصار الله” في اليمن خلال محادثات رفيعة المستوى، بأنها ستوقع على اقتراح للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد إذا وافقت الجماعة على إقامة منطقة عازلة على طول حدود المملكة. وقالت مصادر مطلعة على الأمر لوكالة “رويترز”: إن جماعة “أنصار الله”، التي تسيطر على شمال اليمن وأكبر مناطقه المأهولة بالسكان، قد يكونون أقل استعدادا للتعاون مع السعودية إذا نفذ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” تهديدات بتصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية قبل تركه المنصب. وحول هذا السياق، كشفت بعض المصادر الاخبارية، أن الطرفين اللذين عقدا مباحثات افتراضية، رفعا في الآونة الأخيرة مستوى التمثيل في المحادثات ليشارك فيها “محمد عبد السلام” كبير مفاوضي جماعة “أنصار الله” ومسؤول سعودي أكبر.
ولفتت تلك المصادر الى أن الرياض تريد من قوات “أنصار الله” مغادرة ممر على طول الحدود السعودية لمنع التوغلات ونيران المدفعية. وفي المقابل، ستخفف المملكة حصارا جويا وبحريا في إطار اقتراح الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، والذي يشمل بالفعل وقف الهجمات عبر الحدود. لكن تلك المصادر ذكرت أن “محمد علي الحوثي” القيادي البارز في جماعة “أنصار الله”، نفى صحة ذلك التقرير الذي نشرته وكالة “رويترز” والذي تحدث حول محادثات بين حركة “أنصار الله” والسعودية وشروط المملكة لإعلان وقف لإطلاق النار. وقال “الحوثي”، في تغريدة نشرها عبر “تويتر” مساء يوم أمس الثلاثاء: “تسريب رويترز بشأن مناطق فاصلة بين الجمهورية اليمنية والمملكة اعتمد على مكتبها في الإمارات، ومكتبها بث أخباراً غير صحيحة”. وأضاف إن مثل هذه التقارير “قد تكون خدمة لفصائل تتبع الإمارات للضغط النفسي على آخرين من فصائل الارتزاق مع احتدام المعركة”. وختم “الحوثي” بالقول: “وعلى رويترز أن تحافظ على مصداقيتها، فهذه الأخبار لا تمت إلى المهنية بصلة”.
ومن جانبه، أشار “حميد رزق” مدير البرامج السياسية بقناة “المسيرة” اليمنية، إلى هدف السعودية من الاعلان عن وقف اطلاق النار، قائلا: “إن السعودية تحاول أن تحول دون سقوط مأرب في يد الجيش واللجان الشعبية تحت مظلة المبادرة والدعوة الى وقف الحرب ريثما تعيد ترتيب أوراقها وريثما تستبدل بعض ادواتها التي ثبت أنها لم تعد صالحة للاستخدام”. وأوضح “رزق” انه لا يمكن لأي طرف من اطراف اليمن ولا لـ”انصار الله” ولا غيرهم أن يعطوا السعودية صك براءة او أن يوفروا لها سلماً للنزول من الورطة التي اوقعت نفسها فيها. ومدير البرامج السياسية بقناة المسيرة اليمنية، إلى ان السعودية في مأزق لا هي قادرة ان تستجيب لنداءات السلام الفعلية والحقيقة ولا هي قادرة على الاستمرار بالعدوان والحرب.
وأعرب “رزق” قائلاً، “إن السعودية تكابر وتحاول ان تنتزع نصرا شكليا ووهميا وتريد من اليمنيين أن يوفروا لها فرصة الخروج منتصرة وهذا مستحيل. لذلك كان موقف المجلس السياسي الأعلى في صنعاء وموقف انصار الله هو الرفض للمبادرة السعودية والتوجه الى الأمم المتحدة في مبادرة تشمل تصورا لحل حقيقي في حال كان هناك جدية لوقف اطلاق النار ولطي صفحة الحرب وبدء مرحلة سياسية تضم على حوار يمني دون تدخل خارجي ودون الاستمرار السعودي في التدخل في الملف اليمني بشكل سلبي سواء سياسياً أو عسكرياً أو أمنياً”.
وأضاف “حميد رزق”، “لقد قدم أنصار الله وحلفاؤهم رؤية للحل الشامل وأرسلوها للأمم المتحدة، أبرز ما تضمنته هذه الرؤية أولاً يجب الوقف الفعلي والعملي لإطلاق النار في كل الجبهات والمحاور، الشرط الثاني يجب رفع الحصار الجوي والبري والبحري على الجمهورية اليمنية، الشرط الثالث يجب سحب القوات الاجنبية من الأراضي اليمنية، تضمنت الرؤية ايضاً ضرورة ان تقوم دول العدوان وعلى رأسها السعودية باعادة صرف مرتبات الموظفين اليمنيين بسبب العدوان. من بنود الرؤية ان تلتزم دول العدوان بإعادة الاعمار وتعويض المتضررين جراء الحرب”.
الجدير بالذكر أن العديد من الخبراء السياسيين يرون أن السبب وراء اعلان الرياض عن مفاوضات لايقاف اطلاق النار جاءت بعدما تعهد “جو بايدن” خلال حملته الانتخابية بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية، أكبر مشتر للسلاح الأمريكي في الشرق الأوسط، للضغط على الرياض لإنهاء النزاع الذي تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.