رنى سعرتي-الجمهورية
تماماً، كما تراجع عرض الدولار في السوق وأدّى الى ارتفاع سعر صرفه، كذلك الأمر بالنسبة للخضار والفواكه التي تراجع عرضها نتيجة أزمة الدولار ما أدّى الى ارتفاع أسعارها بنسَب خيالية!
بعدما كانت أسعار الخضار والفواكه تتناسب نوعاً ما وقدرة الطبقات الاجتماعية كافة، باتت اليوم تعتبر من الكماليات لشريحة كبيرة من المواطنين بعد ارتفاع أسعارها بشكل جنوني غير مبرر تماشياً مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، علماً انّ غالبيتها غير مستورد بل يدخل الى البلد عن طريق التهريب من سوريا.
إعتاد المواطن اللبناني على ارتفاع اسعار الخضار والفواكه خلال شهر رمضان بنسَب تتراوح بين 10 الى 20 في المئة، إلا انّ الارتفاعات التي تشهدها الاسعار حالياً تراوحت بين 50 و300 في المئة لبعض الاصناف، وهي تتغيّر بشكل يومي، ما جعلها تنقرض عن مائدة الطبقة الاجتماعية الفقيرة وحتى المتوسطة. وإن كان طبق الفتوش أو التبولة طبقاً شعبياً تقليدياً لا يمكن الاستغناء عنه، فقد أصبح اليوم من الاطباق الفاخرة التي تتراوح كلفتها بين 25 الى 40 ألف ليرة مع ارتفاع سعر كيلو الحامض الى 9000 ليرة، البندورة 8000، الخيار 5000، الخس 3500، البقلة 1000، الفليفلة 5000، البقدونس 1000، النعنع 1000، البصل 3000، الفجل 1000…
أمّا بالنسبة للفواكه الموسمية التي من المفترض ان تكون متوفرة حالياً بأسعار معقولة، فإنها تشهد أيضاً ارتفاعات خيالية بالاسعار مع وصول سعر كيلو العنب الى 9000 ليرة، القشطة 15000، الموز البلدي 4000 والصومالي 9000، والتفاح 6500، والمنغا 13500، والفريز 15000…
كذلك الامر بالنسبة الى أصناف أخرى من الخضار التي فاقت ارتفاع اسعارها 100 في المئة، مثل الفطر (32000 ليرة)، جزر (4000)، ملفوف (3000)، ايسبرغ (3000)، باذنجان (5000)، قرنبيط (4000)، أفوكادو (10000)، بريكولي (9500)….
ووفقاً لرئيس جمعية المزارعين اللبنانيين انطوان الحويك، فإنّ ارتفاع الاسعار نتج مؤخراً عن قرار منع التجول، حيث لفتَ إلى أنّ «منع إيصال المنتجات الزراعية يوم الاحد إلى أسواق الخضار قد ألهَب الأسعار وفُقد العديد من المنتجات من السوق. ودعا الحويك وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي إلى «تسهيل تحرّك الآليات الزراعية والشاحنات لإيصال المنتجات الزراعية إلى الأسواق وإلغاء منع سيرها أيام الآحاد». لكنّ أسعار الخضار والفواكه بدأت مسارها التصاعدي قبل قرار الاقفال العام ومنع التجوّل، وتحديداً مع انهيار سعر الصرف العملة المحلية.
وشرح الحويك لـ»الجمهورية» انّ الخضار والفواكه تُفقد من السوق يوم الاثنين بسبب تعذّر إيصالها من قبل المزارعين الى أسواق الجملة يوم الاحد، وهو اليوم الذي تَتموّن خلاله جميع نقاط البيع بالمفرّق بعد ان تكون قد استنفدت كامل مخزونها خلال ايام الاسبوع. ولفتَ الى انّ سعر البيع بالجملة لكيلو البندورة، المؤشّر لأسعار الخضار، بلغ 3000 ليرة يوم الجمعة الماضية وارتفع الى 6000 يوم الاثنين (سعر الجملة)، مشيراً الى انّ البندورة الموجودة في السوق حالياً مستوردة من سوريا وليست إنتاجاً محلياً، كَون المزارعين ينتظرون عادة تصريف البندورة السورية التي لا مفرّ من وجودها في الاسواق اللبنانية، ويزرعون في تلك الفترة البندورة المحلية، إلّا انهم لم يقوموا هذا العام بزراعتها بسبب ارتفاع كلفة المستلزمات الزراعية وعدم قدرتهم على شرائها وفقاً لسعر صرف الدولار في السوق السوداء.
وأوضح الحويك انّ دعم المستلزمات الزراعية والبذور والاسمدة جاء متأخّراً بعد انقضاء موسم زراعة معظم الخضار والفواكه، وبالتالي لم يستفد منه معظم المزارعين، ما اضطرّهم الى زراعة كميات أقلّ من الكميات المعهودة سنوياً، «أي انهم على سبيل المثال، خَفّضوا عدد خِيَم البندورة من 50 ألف خيمة الى 30 ألفاً. وفي النتيجة، تراجع العرض في السوق وأدّى الى ارتفاع الاسعار.
وقال انّ جميعة المزارعين سبق لها أن اقترحت على الحكومة، مع بدء انهيار سعر الصرف، دعم المستلزمات الزراعية البالغة قيمتها 150 مليون دولار سنوياً على سعر الصرف الرسمي عند 1500 ليرة، لأنها تؤمّن انتاجاً زراعياً بقيمة مليار دولار سنوياً وتحافظ على اسعار الخضار عند مستوياتها السابقة، إلّا انّ أحداً لم يأبه لوضع استراتيجية ورؤية زراعية.
كما أشار الحويك الى انّ السبب الرئيس حالياً لارتفاع اسعار الخضار والفواكه هو تراجع حجم العرض نتيجة عدم قدرة المزارعين على تأمين المستلزمات الزراعية والحفاظ على مستوى الانتاج نفسه، ما أدى الى ارتفاع حجم الاستيراد من سوريا وفقاً لإجازات تمنحها الوزارة، من اجل تلبية الطلب في السوق اللبنانية على كافة أصناف الخضار والفواكه.
في المقابل، لفت الى انّ المنتجات الزراعية اللبنانية أصبحت منافسة بشكل اكبر في الاسواق الخارجية نتيجة أزمة الدولار التي أدّت الى تراجع كلفتها على المستورد الاجنبي، مشدداً على انه «لولا وجود عوائق مالية أمام التصدير البري عبر سوريا، لكانَ الانتاج الزراعي المحلي قد تمّ تصديره بالكامل الى الخارج، وفُقِد بالكامل في السوق المحلي».