كتب غسان ريفي في صحيفة “سفير الشمال” تحت عنوان “هل يكون آخر الدواء.. حكومة أمر واقع؟!”: “شكلت “النفضة” التنظيمية التي أحدثها الرئيس سعد الحريري في “تيار المستقبل” من خلال تعيينه هيئة الرئاسة، محاولة لتوسيع الاطار الاستشاري حوله وتفعيل العمل ضمن المنسقيات المركزية، بما يمكنه من السير على أرضية صلبة سواء في العمل التنظيمي أو في التعاطي السياسي العام.
جاءت تعيينات هيئة الرئاسة كبدل عن ضائع في ظل عدم القدرة على تنظيم المؤتمر العام الثالث الذي تأجل بسبب جائحة كورونا، وهو كان من شأنه أن يعيد تنظيم الهيكلية الكاملة لـ”تيار المستقبل” وأن يتخذ قرارات تاريخية لا سيما على صعيد إلغاء منصب الأمين العام ووقف العمل بالمكتب السياسي، وإستبدال ذلك بمكتب للرئيس توزع فيه المهام على الأعضاء.
لذلك، فإن التعيينات الزرقاء الجديدة إقتصرت على نواب الرئيس وعلى المنسقين المركزيين، من دون إحداث أي تغيير في منصب الأمين العام الذي ما يزال يشغله أحمد الحريري، وكذلك بالنسبة للمكتب السياسي، لأن ذلك يحتاج الى مؤتمر عام ما يزال إنعقاده غير ممكن في ظل الظروف الراهنة.
في غضون ذلك، ومع إستمرار إنسداد الأفق الحكومي، قد تشكل الانطلاقة التنظيمية الجديدة في تيار المستقبل معطوفة على إندفاعة بعض نواب الرئيس والمنسقين المركزيين دعما للحريري بما يجعله أكثر تمسكا بمواقفه من عملية التأليف التي ما تزال عالقة عند شروط النائب جبران باسيل التي يتبناها رئيس الجمهورية ميشال عون بالكامل.
أكثر من سيناريو بات مطروحا بالنسبة للملف الحكومي، الأول أن يصدق نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي في توقعاته وأن يصار الى تهريب الحكومة في لحظة سياسية معينة وسريعة، فتبصر النور وتبدأ مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وتفتح بعض الآفاق خصوصا إذا ما نجح مؤتمر الدعم الاقتصادي الذي ينوي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقده في حال تشكلت الحكومة.
والثاني أن تستمر حال المراوحة الى حين مجيئ الادارة الأميركية الجديدة، ودخول الرئيس جو بايدن الى البيت الأبيض، خصوصا بعد الشروط التعجيزية التي طرحتها إدارة ترامب ووزير خارجيتها مايك بومبيو لتسهيل ولادة الحكومة.
والثالث أن تتعطل كل مبادرات الحل وتنعكس مزيدا من الانهيار على الوضع الاقتصادي، ومن جنون الدولار، وصولا الى رفع الدعم عن المواد الأساسية الأمر الذي سيؤدي الى فوضى حتمية تضرب ما تبقى من مؤسسات الدولة والكيان اللبناني، والى وصايات دولية قد تبحث في إعادة تأسيس لبنان وفق نظام سياسي جديد.
تشير المعطيات الى أن الحريري قد يكون أكثر تشددا مع تشكيله هيئة الرئاسة في تيار المستقبل، خصوصا أن كثيرا من نواب الرئيس والمنسقين يرفعون سقف مواقفهم ويعتبرون أن “من لم يسمه لرئاسة الحكومة لا يحق له أن يشترط تمثيلا أو حصة في الحكومة أو أن يطلب مشاورات مع الرئيس المكلف، لأن هذه المشاورات من المفترض أن تكون محصورة بينه وبين رئيس الجمهورية”.
وتضيف هذه المعطيات أن الدائرة الضيقة المحيطة بالحريري بدأت تضغط عليه في إتجاهين الأول التمسك بالتكليف وعدم التفكير بالاعتذار، والثاني إحداث صدمة في الملف الحكومي تكون آخر الدواء عبر تقديم تشكيلة حكومية من إختصاصيين لا غبار عليهم ووفقا للمبادرة الفرنسية، الى رئيس الجمهورية ووضعه أمام الأمر الواقع فإما أن يوقع مراسيمها أو أن يتحمل مسؤولية إنهيار البلد”.