مايز عبيد-نداء الوطن
ظلّ التسرّب النفطي في منطقة العبدة ـ عكّار بكمّيات كبيرة من أنابيب مُعطّلة من أكثر من 30 سنة، يثير التساؤلات والتكهّنات منذ السبت الفائت؛ ويدور حوله البحث والجدل. فوزارة الطاقة، الوصيّة على المنشآت النفطية بما فيها منشآت طرابلس؛ والأنابيب التي كانت قبل الحرب تنقل نفط كركوك العراقية إلى لبنان عبر سوريا، تحدّثت في بيانها عن وجود ثقب في الأنابيب أدّى الى هذا التسرّب، لكنّها لم تتحدّث عن أسباب وجود كمّيات نفطية بهذا الحجم في أنابيب معطّلة ومقفلة.
المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة أوضحت في بيان أنّ “النتائج التي تمّ استخلاصها بعد النجاح في إصلاح جميع الأعطال على خطّ الانبوب النفطي في منطقة العبدة، أنّ ضخّاً كبيراً ناتجاً عن خطأ تقني من الجانب السوري أدّى إلى اختناق الخطّ والذي تبعه تسرّب مباشر، وليس اعتداء بهدف التخريب أو السرقة”. وأتى هذا البيان بعد بيانٍ أوّلي للمديرية “وضع الأمر في خانة الإعتداء التخريبي الذي طال الأنابيب بهدف السرقة”. ويتّضح من البيانين التخبّط لدى وزارة الطاقة والمياه والمديرية العامة للنفط حيال الأمر، فـ”كاد المريب أن يقول خذوني”. في السياق، فإنّ بيانات المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة لم تُقنع الناس وأهالي المنطقة، وجاءت في السياق أيضاً تغريدة رئيس الحزب “التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط التي تساءل فيها: “هل صحيح أنّ انفجار الانبوب في العبدة مردّه أنّ البعض كان يضخّ النفط من مصفاة الشمال الى سوريا؟ هل انتقلنا الى هذا الحجم من التهريب وهل أنّ تجار النفط يأتون بسفن غير شرعية لتهريب النفط المدعوم؟”.
مصدر شمالي خبير في مجال النفط والتمديدات النفطية استبعد في حديث لـ “نداء الوطن” بأن “تكون الكمّيات المتسرّبة من أنبوب العبدة هي كمّيات تمّ ضخّها من الجانب السوري لتلافي الصدأ في الأنابيب أو بسبب تقني كما قيل، وذلك لأنّ الكمّيات كبيرة جداً، كما أنّه لا يمكن أن تكون هذه الكميات أتت من كركوك إلى لبنان عبر سوريا، لأنّ الجانب السوري في هذه الحالة كان سيستحوذ عليها لحاجته إليها، عِلماً أنّ الجميع يدرك أن المصفاة متوقّفة عن العمل منذ 40 سنة، وبالتالي فإنّ في هذين الأمرين صعوبة، إن لم نقُل إستحالة”.
ورجّح المصدر فرضية بأن تكون “هذه الكمّيات النفطية تضخّ بالفعل من مصفاة طرابلس باتّجاه الداخل السوري، وقد يكون هذا النفط هو نفط إيراني أو فنزويلي يأتي إلى المصفاة بالبواخر، وهناك طرق معينة يتمّ إيصاله بها إلى لبنان وليس إلى سوريا مباشرة بسبب قانون “قيصر” والعقوبات، وقد تكون كمّيات مشتراة من حساب الدولة اللبنانية وصلت إلى لبنان وتمّ ضخّها إلى سوريا بتفريغها في الأنابيب، وهناك يتمّ تكرير هذه المواد الخام”. وأضاف المصدر: “هذا ما يفسّر إعادة تشغيل مصفاة بانياس وتوقّف تهريب المشتقّات النفطية من لبنان إلى سوريا بشكل مفاجئ، وتوفر مادتي المازوت والبنزين في لبنان وسوريا بعد الأزمة الكبيرة في البلدين، خصوصاً وأنّ إمكانية التهريب عبر الصهاريج لم تعد سهلة بسبب المعارضة الشعبية الواسعة لها”.
أما لماذا حصل التسرّب، فيشير المصدر إلى أنّ في المواد النفطية “ثمة غاز يسمى H2S وهو غاز يسبّب تقزز الحديد فيصبح مع الزمن قابلاً للتفتّت. وطالما أنّ الأنابيب هي عبارة عن وصلات بحدود 15 متراً لكلّ وصلة وتشهد عمليات تلحيم لمنع التسرّب، وقبل 40 سنة لم تكن هناك تكنولوجيا وكاميرات إشعاعية كما هو الوضع اليوم، فمن المرجّح أن تكون هذه الأنابيب قيد التفتّت في أكثر من نقطة، وقد تَحدُث ثقوب أخرى فيها لاحقاً”.
ويختم المصدر: “ما حصل مُريب بالفعل وينبغي فتح تحقيق فيه وعدم طمسه كالمعتاد وعلى الطريقة اللبنانية من دون معرفة حقيقة هذه الكمّيات النفطية، لأن الشعب اللبناني أحقّ بهذه الكمّيات في هذه الأزمة”. ومن الجدير بالذكر أنّ “إدارة مصفاة طرابلس عمّمت على العاملين فيها عدم التحدّث بالموضوع بشكل مطلق، وإن سئلوا فعليهم ردّ الأمر إلى الإدارة، الجهة المخوّلة بالحديث عنه”؛ علماً أنّ الإدارة ترفض الحديث هي الأخرى، وتضع صلاحية الحديث عنه في عهدة مديرة منشآت النفط اورور فغالي. وتشير المعطيات الى أنّ رئيس تكتل بارز هو المتحكّم بمنشآت النفط في طرابلس والآمر الناهي فيها، وهو يتّخذ القرارات ويبلغها إلى الوزير ريمون غجر الذي يبلغها بدوره إلى إدارة المنشآت للسير بها، وكان آخرها تسيير أمور شركة CORAL إبّان أزمة المازوت والتسليم.