الأخبار
يتضمّن التقرير الذي يحمل عنوان “مستقبل الصراع على النفوذ في تعز بين حزب الإصلاح وحلفاء الإمارات”، وتاريخَ إعداد هو 26/ 05/ 2019، تقدير موقف في شأن هذا الصراع، مستهَلّاً بمساره وتطوّراته. يتحدّث التقرير عن “عدم استيعاب طبيعة تعز الخاصة، حيث يغلب الفعل السياسي العمل العسكري، وافتقار حلفاء الإمارات إلى الغطاء السياسي”، لافتاً إلى أن “حزب الإصلاح سرّع عمليات حصاد مكاسب معركة المدينة القديمة، بهدف الاستفراد بصناعة القرار في المحافظة، الأمر الذي قوبل بمواقف رافضة من الأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية”، مضيفاً أن الحزب اتخذ “خطوات استباقية لإزاحة المنافسين السياسيين المحتملين، وقد تشهد وتيرة الاغتيالات ارتفاعاً في المستقبل القريب”، فضلاً عن أنه “بدأ في إقرار الخطط العملية للتمدّد إلى ريف الحجرية الغربي من أربعة محاور عسكرية، وحظيت هذه الخطط بتأييد ودعم نائب الرئيس علي محسن صالح تحت مسمى دعم الحملة الأمنية لتطهير مناطق الريف الجنوبي من الخلايا الإرهابية”.
ويتوقع التقرير أن يسعى “الإصلاح” لـ”استكمال مخطّط الاستحواذ على المحافظة”، وأن “ينقل المواجهة العسكرية إلى الريف الجنوبي الغربي، بينما ستسعى أبو ظبي إلى “احتواء الخسائر المترتّبة على انسحاب حليفها، أبو العباس (كتائب سلفية موالية للإمارات)، من المدينة القديمة، وإبقاء ساحة الصراع في مناطق تعز الداخل، من دون أن تنتقل إلى مناطق نفوذها في الساحل الغربي أو محافظات الجنوب”. المفارقة أن ما أراد الإماراتيون تجنّبه سرعان ما تحقّق بعد أشهر قليلة، إذ استطاع “الإصلاح”، بدعم قطري – تركي، السيطرة على مناطق واسعة من أرياف تعز مطلّة على باب المندب، طارقاً أبواب رقعة النفوذ الإماراتي على الساحل الغربي، ومقترباً من محافظة لحج الجنوبية، المجاورة لمحافظة عدن، حيث مركز ثقل “المجلس الانتقالي الجنوبي”، الموالي لأبو ظبي.
وبالعودة إلى مضمون التقرير، فهو يلفت، قبيل انتقاله إلى السيناريوات المحتملة، إلى أن “قيادة كتائب أبو العباس تعيش لحظة ارتباك بعد انسحابها من المدينة بشكل مفاجئ وعشوائي، أما اللواء 35 مدرع بقيادة عدنان الحمادي فتدور رهاناته حول مراكمة القوة والاستعداد لخوض المعركة ضد أذرع حزب الإصلاح المسلحة، وفتح منافذ للتواصل مع قيادات الأحزاب السياسية والمجتمعية لخلف تقارب بين مختلف القوى”. وإذ تُرّجح الوثيقة، في حال “عجز حزب الإصلاح عن الاستفراد السياسي بالسلطة في المدينة”، ذهابه إلى “تفعيل أدواته الخفية كالاغتيالات والخلايا النائمة والجماعات الإرهابية”، فلا تستبعد “نقل الصراع العسكري إلى الريف بغطاء شرعي: وهذا لمصلحة حزب الإصلاح ويساعده على بسط نفوذه في حال أتم خطة الاستفراد بالمدينة”.
في التوصيات، يدعو التقرير إلى “التواصل مع قيادات فروع الأحزاب المناوئة للإصلاح، ورعاية بناء تحالفات سياسية بين الأحزاب تحت عنوان قضية مشتركة: استكمال تحرير تعز من الحوثيين، مع تحشيد الرأي العام سياسياً، ودعم مظاهرات تحت لافتات متنوعة، وعبر المنظمات الحقوقية ورفع الدعاوى القضائية”. كما يدعو إلى “العمل على التنسيق بين المجلس الانتقالي الجنوبي والعميد عدنان الحمادي لمعالجة المخاطر الأمنية والسياسية وإسناد حلفاء الإمارات”، و”توسيع العمل الإعلامي الذي يعتمد على الدعاية السياسية المنظمة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي”. أما عسكرياً، فيشدّد على “ضبط بوصلة العمل العسكري وتوجيهه نحو الحوثيين بسرعة ضمن عمليات عسكرية خاطفة”، و”تحويل الخسائر إلى فرص بالعمل على هيكلة كتائب أبو العباس التي تتوافر على عناصر قوة مالية وبشرية وتسليحية، بينما ينقصها البناء التنظيمي والإداري والانضباط العسكري”، إضافة إلى “مضاعفة الدعم العسكري للواء 35 مدرع صاحب النفوذ في مناطق الريف الجنوبي والغربي المستهدفة في جولات الصراع المقبلة، بحيث يتيح هذا الدعم التجنيد الشعبي والقدرة على شراء ولاءات وتحشيد أبناء المناطق والقرى التي يحاول حزب الإصلاح تفعيل حضوره الاجتماعي فيها”، و”إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين حلفاء أبو ظبي في تعز وربطها مباشرة مع حلفائها في الجنوب وفي الساحل الغربي”. لكن الحلفاء الذي راهنت عليهم أبو ظبي في تعز ثَبُتت لاحقاً هشاشتهم؛ إذ إن “كتائب أبو العباس” سرعان ما تقهقرت أمام “الإصلاح”، وبات وجودها في المحافظة مقتصراً على مجاميع محدودة لا حول لها ولا قوة، فيما “اللواء 35” سقط هو الآخر تحت سيطرة “الإصلاح”، وأصبح تحت قيادة شخصية عسكرية “إخوانية”، بدلاً من الحمادي الذي أطيح به بالقوة.