هكذا أحبطَ “حزب الله” محاولة اغتيال نصرالله
“ليبانون ديبايت” – وليد خوري
في ظلِّ العقوبات المتزايدة على حزب الله التي وصلت في الفترة الأخيرة إلى حلفائه من مسيحيين ومسلمين من الطائفة الشيعية، تخرج مجموعة أسئلة تتعلّق بوضعية “الحزب” الحالية وما إذا كان يستطيع الإستمرار بهذه الحالة التي يصفها هو نفسه، باللا صحيّة لما لها من تأثيرات جانبية، أضرّت إلى حدّ بعيد بطبيعة عمله السياسي. لكن السؤال الأبرز، يتعلّق بمدى تأثير العقوبات هذه على وضعية “الحزب” العسكرية والأمنية، والآثار التي خلّفتها في الميدان الممتد من اليمن إلى لبنان.
كل هذه العقوبات المتواصلة منذ سنوات حتّى اليوم على حزب يفتخر بقوّته العسكرية كما السياسية وبالنتائج التي حقّقها منذ ولادته والتي لم يكن يتوقّعها أن تصل إلى ما هي عليه اليوم، تدعو إلى التساؤل حول الأسباب التي تمنع سقوطه أو تفتّت شعبيته أو حتّى تراجع قوته السياسية والعسكرية وأيضاً التي تجعله على مسافة قريبة من مخطّطات عدوّه.
على خطّ هذه المواجهة مع الإسرائيلي وفي ظلِّ ما تردّد من كلام منذ أيّام عن وجود نوايا أو مُخطّط للقيام بعملية عسكريّة محدودة كانت ستنفّذها إسرائيل داخل عدد من القرى الحدودية في جنوب لبنان، أو حتّى الذهاب أبعد من ذلك كتنفيذ عملية اغتيال يُمكن أن تطال نصرالله خصوصاً بعد المناورة الأخيرة التي أجراها الجيش الاسرائيلي على مقربة من الحدود اللبنانية، يؤكّد مصدر سياسي بارز ينتمي الى محور “المقاومة” أنه “خلال تنفيذ هذه المناورة الضخمة، طُرح سؤال داخل قيادة “الحزب” حول أسبابها، فهل هي مجرّد مُناورة أو غطاء لعمل عسكري يُمكن أن يطال لبنان وسوريا وإيران، أم أنها مُحاكاة لعملية عسكرية معقّدة تخدم ترامب المأزوم؟.
ويكشف المصدر أنه “جرى تسريب معلومات عن أن المستهدف هو نصرالله شخصيّاً لأن تصفيته سوف تصبّ تماماً داخل صندوق الانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية”.
والنقاش الدائر اليوم بعدما أصبحت الإنتخابات الأميركية وراءنا، هل يعود الإسرائيلي إلى المُخطّط نفسه لكي يُربك المنطقة. لذلك فقد جاء استنفار “حزب الله” في سياقه الطبيعي، علماً أن التوقعات بخربطة الوضع في المنطقة اليوم، تقوم على فرضية أن تُحاول أميركا القيام بهذا الدور وليس إسرائيل.
كيف أحبط “حزب الله” المحاولة الإسرائيلية؟
يُجيب المصدر: “عندما نفّذت “المقاومة” استنفارها السرّي عقب المناورة الاسرائيلية، تمّ إخراج بعض الأسلحة والصواريخ إلى العلن وعلى مرأى من أعين الإسرائيلي وذلك بمثابة رسالة واضحة أن “المقاومة” على استعداد لأي خطوة يقوم بها العدو الاسرائيلي. كما انه تم تحرير بعض القوّات على الجبهة وذلك بمثابة تحذير للإسرائيلي بأن أي عمل تحت ستار المناورة، سيكون الردّ عليه قوي وبشكل لا يقبل الشكّ”.
أمّا داخلياً وتحديداً على خط العقوبات التي تُفرض عليه وعلى حلفائه وما إذا تسبّب هذا الامر بعزله، يعود المصدر الى “المفهوم الثقافي عند “حزب الله” الى بداية التأسيس في العام 1982 يوم كان عديد “الحزب” في لبنان لا يتعدى المئة شخص وفي حينه كان هؤلاء يتداعون من قرى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية في كل مرّة يسقط فيها عنصر، وذلك من أجل أن يظهر هؤلاء حجمهم العددي، بينما اليوم وبعد كل هذه السنوات، يكفي أن يدعو نصرالله إلى حشد جماهيري لنرى مئات الآلاف في الشارع. ولذلك من المستغرب إشاعة أجواء وكأن “الحزب” في عُزلة سواء سياسية أو اجتماعية”.
ويُضيف المصدر، ” عندما بدأت المقاومة عملها العسكري، لم يخطر على بال تلك المجموعات الصغيرة أن تُصبح بما هي عليه اليوم، ولا أن يتحرّر لبنان من العدو الإسرائيلي، وأيضاً لم يكن ببال “حزب الله” بعد العام 2006 أن يتحوّل إلى قوة أساسية على المستوى الإقليمي أو أن تضعه الولايات المتحدة الأميركية على سُلّم أولوياتها. فما يشغل بال العالم اليوم، انه إلى جانب “الحزب” دولة إقليمية كبيرة وقوية اسمها ايران، ودولة لا يُستهان بها رغم كل مُعاناتها أسمها سوريا، بالإضافة إلى شبكة تحالفات على المستوى الإقليمي تبدأ بالعراق وتنتهي باليمن، فضلاً عن شبكة تحالفات داخلية مكّنته من ترؤس الغالبية النيابية”.
ويذهب المصدر إلى “بعد آخر ومن مُجرّد تحالفات جانبية، بتأكيد أنه من دون “حزب الله” لم يكن بمقدور العماد ميشال عون أن يُصبح رئيساً، ولا أن يُصبح رئيس تيّار “المستقبل” رئيساً للحكومة ولا أن يتبوّأ حلفاؤه مقاعد نيابية ووزارية. وقد عبّرت هذه الحالة عن نفسها خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، على الرغم من كل ما صرفته المملكة العربية السعودية وأميركا من اجل تغيير هذا الواقع”.
وعمّا إذا كانت العقوبات على باسيل قد أرخت بأعبائها على “حزب الله”، يوضح المصدر بأن “القناعات السياسية هي التي أخذت “الحزب” إلى تحالف “مار مخايل” وذلك بعد أن عدّل “التيّار الوطني الحر” موقفه من “المقاومة” ومن جهة “حزب الله” فقد أجرى بدوره مراجعة لعمله السياسي إنطلاقاً من فتح حقبة جديدة بعد خروج السوري من لبنان”.
أمّا بالنسبة إلى تسليف باسيل حزب الله موقف سياسي بحجم مواجهته للضغوطات الأميركية على أمل أن يرده “الحزب” في دعمه للوصول إلى رئاسة الجمهورية، يرى المصدر أن “هذا التفسير خاطئ وليس بهذه الطريقة يُقرّش “الحزب” الأمور خصوصاً وأنه من المُبكر جداً الحديث حول هذا الملف. كما أنه من غير المنطقي الحديث عن أمور يُمكن أن تطرأ خلال السنتين المتبقيتين من عمر الرئاسة أو كيف يُمكن أن تذهب الأمور. والدليل خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من معركة الرئاسة، بعدما كانت لامست حظوظ نجاحه حد توقّعات النجاح الساحق”.