شوقي عواضة
لم تكنِ المرّة الأولى التي يطلق فيها المتحدّث الرسمي للجيش اليمني العميد يحيى سريع تصريحات تحمل تهديداً واضحاً وتبشّر بفتح مرحلةٍ جديدةٍ من العمليات النوعيّة في العمق السعودي, بل سبقت ذلك تصريحاتٌ باليستية عدّة حملت رسائل تهديد لم يقرأها ملوك العدوان في الرياض وأثبت العميد سريع أنّه إذا قال صدق وإذا حذر نفّذ وأنجز.. وما استهداف أرامكو وحقل البقيق سوى شواهد على مصداقية الرجل وعلى جديّة قيادة صنعاء في المضي نحو التصدي للعدوان الذي أُسقطت وأفشلت أهدافه بفضل صمود وصبر الشّعب اليمني والجيش واللّجان الشعبية..
وبالعودة إلى تصريحات العميد سريع التي تحمل الكثير من الدّلالات من حيث حساسية التوقيت على المستويين الدّاخلي والخارجي فعلى المستوى الداخلي فقد جاءت رسالة التحذير في ظلّ تقدم الجيش واللجان الشعبيّة باتجاه محافظة مأرب التي شكّلت كبرى المعارك الفاصلة والحاسمة, ومع بداية الإعلان عن تحرير مأرب منذ أشهر دفعت بالأمم المتحدة ومجلس الأمن باتجاه تكثيف الجهود وإعلان حالة الطّوارئ التفاوضية منعاً من سقوط مأرب بيد الجيش واللّجان الشعبية وهذا يعني أنّ دول العدوان تدرك جيداً أنّ تصريحات العميد سريع إصرارٌ على المضي بتحرير كامل التراب اليمني وأن تحذيراته أرست قواعد اشتباكٍ جديدةً تقول أن أيّ دعم سيقدم للمرتزقة وقوى العدوان في مأرب سيقابله عملية ردّ تطال عواصم ومدن دول العدوان ومصالحه الاستراتيجية وأنّ حكومة صنعاء غير معنية بأيّة اتصالات أو مفاوضات ستعمل على وقف جزئي لإطلاق النّار ومنع تحرير مدينة مأرب بل أن أيّة عملية مفاوضات لا بدّ أن تكون شاملةً وغير مشروطةٍ وتبدأ بإعلان فكّ الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي يليها إطلاق عملية التفاوض وأن أيّة عملية مفاوضات جزئية ستبوء بالفشل لأنّها لا تنطلق من أسس جدية للحلّ إنّما تندرج في إطار كسب الوقت من أجل فرض الاتفاق المشترك الذي تمّ رفضه من قبل المجلس السياسي الأعلى.
أمّا على المستوى السياسي فلها أهمية من جانبين: جانب داخلي وخارجي فالجانب الدّاخلي جاء التهديد بعد حديث المبعوث الأممي عن الاتفاق المشترك الذي رفضه المجلس السياسي الأعلى نتيجة لعدم تبنيه تطلعات اليمنيين بفكّ الحصار ووقف العدوان الذي دخل عامه السادس دون أن يحقّق أي هدف من أهدافه العدوانيّة بل على العكس تماما حيث لم يثبت الجيش اليمني واللّجان الشعبية قدرتهم على المواجهة والصمود وحسب بل أثبتوا مدى قدرتهم على تطوير قدراتهم القتاليّة ومنظوماتهم الصاروخيّة وطائراتهم المسيّرة بالرّغم من الحصار المطبق. استطاعت القوّات المسلّحة اليمنية من كسر الحصار والانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم مسجلين انتصاراتٍ ساحقةً تميّزت بوطنيتها واستحقت أن تكون انتصارات يمنية وطنية بامتياز دون الاستعانة بمقاتلين من الخارج على عكس العدوان الذي اعتمد على المرتزقة التي لملم شتاتها من دول حلفائه. وهذا ما يرعب دول العدوان وفي مقدمتها مملكة العدوان والكيان الصّهيوني الذي لم تغب من حساباته القوّة العسكرية اليمنيّة في مواجهةٍ قادمة مع محور المقاومة لا سيما وأنّ تل أبيب تقرأ بقلقٍ كبير تحذيرات العميد يحيى سريع لأنها تمسّ الكيان الصهيوني الدّاعم للعدوان في مكان ما.
تلك التحذيرات التي أتت في ظلّ فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن على منافسه دونالد ترمب وتزامنا مع رسائل بايدن التحذيرية للنظام السعودي الذي يعيش حالة إرباك بانتظار وضوح المشهد وهذا لا يعني بأنّ بايدن يدافع عن اليمن حباً به, بل لأنّه يرى العدوان فرصة يمكن استغلالها لممارسة المزيد من الضغوط على ال سعود أو للمزيد من الابتزاز لهم وهذا لن يلغي الموقف الأمريكي تجاه اليمن أو لن يغير في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية العدائيّة تجاه شعوبنا سواء أتت الانتخابات ببايدن أو بغيره تبقى السياسة الخارجيّة للأمريكيين واحدة مع اختلاف الوجوه وفي مقابل ذلك جاءت تحذيرات العميد يحيى سريع لتؤكّد للرئيس الامريكي الجديد جو بايدن وقبله سلفه ترامب على أنّ اليمنيين ماضون في الدّفاع عن قضيتهم لإسقاط العدوان وكسر الحصار وأنّهم ماضون في استهداف دول العدوان ومصالحها إذا ما استمرّت في عدوانها وحصارها على اليمن ولا تراجع عن قراراتنا إلا بوقف العدوان وفكّ الحصار عن اليمن الحرّ والأبي مهما طال أمد العدوان سيسقطه اليمنيون بعزيمتهم وإصرارهم مهما كانت التّضحيات.
* كاتب وإعلامي
المصدر: شوقي عواضة