شهدت المؤسسة العامة للتقاعد، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وهما مؤسستان حكوميتان سعوديتان، ارتفاع حيازتهما من الدين المحلي إلى المثلين تقريباً في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، في وقت تسعى فيه الرياض لتمويل عجز متزايد في الموازنة من خلال بيع السندات.
وقال تقرير لـ”رويترز” إن حيازة المؤسسات الحكومية من الدين العام زادت إلى 166.9 مليار ريال (44.50 مليار دولار) بنهاية يونيو/ حزيران الماضي من 92 مليار ريال في نهاية العام الماضي، فيما زاد انكشاف البنوك التجارية السعودية على الدين الحكومي المحلي بما يزيد قليلاً على 20 مليار ريال في الفترة نفسها.
وكانت السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، قد تضررت بصفة خاصة من التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19. فقد أدى انخفاض إيرادات النفط إلى تزايد العجز الحكومي، ما أدى إلى زيادة احتياجات التمويل السعودية لأكثر من مثليها هذا العام، لتصل إلى 85 مليار دولار، وفقاً لما تقوله “موديز”.
وفي المراحل الأولى من الأزمة، رفعت الرياض سقف الدَّين العام إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي من 30% لزيادة المرونة المالية.
وحولت 40 مليار دولار من الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي لتمويل استثمارات صندوقها السيادي، صندوق الاستثمارات العامة.
ويقول مستثمرون ومحللون إن استخدام الاقتراض المحلي في تمويل العجز واستثمار أموال صناديق الدولة فيه أمر شائع جداً في الدول ذات الاقتصادات الناشئة والمتقدمة، وإن له بعض الفوائد مثل تقليل مخاطر العملة.
ولهذا التحرك ميزة أخرى في السعودية، هي عدم سحب السيولة لدى البنوك، وهو الأمر الذي حدث بعد انهيار أسعار النفط في 2015 عندما فرضت إصدارات الدين الحكومية ضغوطاً على البنوك السعودية.
وقال المدير في فريق الدين السيادي لدى “فيتش”، “كريسيانيس كراستينز”، إن ذلك يمكن في الوقت نفسه أن يجعل المواطنين السعوديين الذي يعتمدون على مؤسسة التقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية “مكشوفين بدرجة مفرطة على المخاطر السيادية السعودية التي ستصبح مثيرة للمشاكل إذا كان أداء الأوراق الحكومية السعودية أقل من الاستثمارات المحلية أو الدولية الأخرى”.
وكان ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” قد أعلن أمس الخميسأن الإيرادات النفطية للميزانية انخفضت إلى 410 مليارات ريال، بينما كانت توقعات الميزانية عند 513 مليار ريال العام الماضي، ما يعني خسارة الميزانية 103 مليارات ريال.
وقال الأمير “ابن سلمان” بهذا الصدد: “بالنظر إلى ما تم إعلانه العام الماضي لتوقعات ميزانية 2020، كنا نتحدث عن إيرادات متوقعة للدولة تقدر سابقا بـ833 مليار ريال، منها 513 مليار ريال إيرادات نفطية، وبعد انهيار أسعار النفط هذا العام، انخفضت الإيرادات النفطية فعليا إلى 410 مليارات ريال تقريبا”، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وتابع: “هذه الإيرادات وحدها غير كافية لتغطية حتى بند الرواتب المقدر بـ504 مليارات ريال في ميزانية هذا العام، ناهيك عن صعوبة تمويل البنود الأخرى، التي تشمل الإنفاق الرأسمالي بـ173 مليار ريال والمنافع الاجتماعية بـ69 مليار ريال والتشغيل والصيانة المقدرة بـ140 مليار ريال وغيرها… هذا يعني ركود اقتصادي، وخسارة ملايين الوظائف”.
وأوضح “ابن سلمان”: “في حال لم نقم برفع الإيرادات غير النفطية إلى نحو 360 مليار ريال هذا العام، ولو بقينا على مستويات 2015 المقدرة بـ 100 مليار ريال تقريبا، لاضطررنا لتخفيض الرواتب للعاملين في القطاع العام بما يزيد عن 30%، وإلغاء البدلات والعلاوات بالكامل، وإيقاف الإنفاق الرأسمالي بالكامل، وعدم القدرة على تشغيل وصيانة أصول الدولة بالشكل المناسب، ولتوقفنا حتى عن دعم بند نفقات التمويل”.
ومنذ إعلان السعودية عدوانها العسكري على اليمن في مارس/آذار 2015، أنفقت السعودية عشرات المليارات من الدولارات، سواء بشكل مباشر في إطار التسليح العسكري لجيشها أو تكاليف ضربات جوية تنفذها ضد الشعب اليمني ودعم مرتزقتها، أم بشكل غير مباشر عن طريق هبات لحكومات ومنظمات لدعم موقفها في اليمن أو لشخصيات سياسية واجتماعية يمنية في إطار شراء تأييدهم لحربها ضد الشعب اليمني.
المصدر: رويترز