تعويضات الانفجار وودائع الدولار: «يخلق من الشبه اثنين»؟
ذو الفقار قبيسي -اللواء
العلاقة بين الأطراف المعنية في موضوع التأمين عن أضرار انفجار مرفأ بيروت، تكاد تشبه العلاقة بين الأطراف المعنية في موضوع مصير الودائع في المصارف. وكلاهما حالة غريبة في نظام أحواله عجيبة أكثر ما ينطبق عليه المثل الشائع: فالج لا تعالج!
ووجه الشبه أنه على غرار ملف المصارف حيث الأطراف الثلاثة: المصارف والمودع والدولة، هناك في ملف التأمين شركات الضمان والدولة والمضمون. ومثلما في حالة المصارف كلما سأل المودع عن وديعته ولم يحصل عليها تجيب المصارف ان المسؤول هو الدولة التي اقترضت الودائع ولم تعيدها كي تتمكن المصارف من اعادتها للمودع الذي عليه أن ينتظر حتى يفرج الله العلي على الدولة وتحصل على المال الدولي والعربي كي تقوم بالتزاماتها تجاه المصارف ومنها الى المودعين.. هكذا أيضا حالة شركات التأمين مع المضمونين الذين كلما طلبوا أن تدفع لهم الشركات التعويضات المستحقة لهم من انفجار المرفأ تجيبهم الشركات ان المسؤول هو الدولة التي رغم مرور ثلاثة أشهر على الانفجار المروع، لم تصدر حتى الآن تقريرها الرسمي عن أسباب وظروف وملابسات وحجم الانفجار «كي يبنى على الشيء بمقتضاه»!! كما هو الجواب الدائم في لبنان للتأجيل والتعليل. وبالتالي متى يصدر التقرير وينجلي هذا «الشيء» و«مقتضاه» الجواب عند الدولة وعند شركات التأمين التي لن تدفع هي ولا الشركات الأجنبية المعيدة والمساندة لها، أي تعويضات للمتضررين استنادا الى ذرائع واحتمالات في أجوبة من التقرير:
أولا: هل الانفجار عمل ارهابي؟ وفي هذه الحال لا تدفع الشركات التعويضات الا للذين تضمنت وثيقتهم التأمينية هذه التغطية تحديدا، وهم الأقلية بين مجموع المضمونين.
ثانيا: مدى حجم مسؤولية الدولة عن الانفجار وما اذا كان الانفجار طبيعيا أم ارهابا أم اهمالا، وبحيث يمكن لشركات التأمين في حال الاهمال أن تطالب الدولة بالتعويضات كي تدفعها بدورها الى المضمونين. على الطريقة نفسها التي تجيب بها المصارف للمودعين بأنه «عندما تدفع لنا الدولة دولاراتتا ندفع للمودعين دولاراتهم»!
وبانتظار صدور تقرير الدولة وتحديد المسؤوليات وما يستتبع ذلك من اجتهادات أو احتمالات، لا يبدو في آخر النفق بصيص نور يمكن في ضوئه لآلاف المضمونين من شركات ومؤسسات وأفراد أن يقبضوا تعويضات عن ما لحق بهم من أضرار بمئات ملايين الدولارات.
وحتى لو صدر التقرير وتحددت المسؤوليات والأضرار لا أحد يعرف حتى الآن من هي شركات التأمين القادرة على دفع ما سوف يستحق عليها ومن هي الشركات التي أمّنت الحماية لها وللمضمونين بتأمين خارجي إضافي الى التأمين المحلي.
علما ان شركات إعادة التأمين الأجنبية لم تتسلم حتى الآن ما لها من مستحقات على شركات التأمين اللبنانية! كما من غير المعروف حتى الآن كيف سيكون الدفع للمضمونين؟ بالدولار النقدي الأميركي الـFresh العالي؟ أم بشيك لبنان المصرفي المنخفض… «Dolar»!